المال والتخليق المال عصب الحياة، به تصلح الدنيا وبه تفسد وفي السياسة لا وجود لحراك دون مال، والمال سلاح ذو حدين قد يكون مساعدا على البناء وقد يكون مسيئا للديمقراطية بل يضربها في مقتل إذا استعمل في غير أوجهه. والمال منه الحلال ومنه الحرام، وليس المال الحرام هو ما تم كسبه بوسائل غير مشروعة، فقط مشروعا من حيث طريقة إنتاجه لكنه غير مشروع في طرق صرفه، والانتخابات من أشد الميادين حساسية تجاه المال. هي طبعا محتاجة للمال، لطبع الأوراق وتوزيعها والتنقلات والاتصالات وتنظيم المهرجانات واللقاءات وغيرها، لكن يمكن أن يفسدها المال إذا تحول إلى رشا وهبات قصد التصويت. فقد صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم تحدد بموجبه سقف المصاريف الانتخابية للمترشحين بمناسبة الحملات الانتخابية برسم الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، وتلزم المترشحين والمترشحات للانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب بالتقيد بسقف المصاريف المحدد بموجب مرسوم يتخذ باقتراح من السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والعدل والمالية، ووضع بيان لمصادر تمويل حملاتهم الانتخابية ووضع جرد بالمبالغ التي تم صرفها مع إرفاقه بالوثائق المثبتة. يعني الحساب صابون قد يغسل كل ما يجده أمامه من وسخ المال. وينص مشروع المرسوم على رفع السقف المحدد للمصاريف الانتخابية للمترشحين والمترشحات إلى 350 ألف درهم لكل مترشح أو مترشحة، عوض 250 ألف درهم، ويحتفظ المشروع بالأحكام نفسها الواردة في مرسوم سنة 1997، فيما يتعلق بمدلول المصاريف الانتخابية التي تضم مصاريف طبع الإعلانات والوثائق الانتخابية وتعليقها وتوزيعها، ومصاريف عقد الاجتماعات الانتخابية ودفع الأجور المستحقة لمقدمي الخدمات وجميع اللوازم المرتبطة بهذه الاجتماعات، بما فيها مصاريف التنقل، وتغطية المصاريف الأخرى المرتبطة باقتناء لوازم الدعاية الانتخابية. من جهة أخرى، وانسجاما مع المقتضيات الجديدة التي جاء بها القانون التنظيمي ألزم مشروع المرسوم كل وكيل لائحة ترشيح أو مترشح بوضع بيان مفصل لمصادر تمويل حملته الانتخابية وجرد للمبالغ التي صرفها في أثناء حملته الانتخابية، مع إرفاقهما بجميع الوثائق التي تثبت صرف المبالغ المذكورة. القانون واضح في محاربة استعمال المال في غير محله، وكل استعمال من هذا النوع سيضر بالعملية الانتخابية، لكن مع تعزيز أدوات الرقابة والمحاسبة، فإن حجم الفساد الانتخابي سيتضاءل لا محالة إلى مستويات ستغيض أبناء الوطن/ أعداءه الذين يتربصون به دوائر السوء والذين ينتظرون فشل العملية الانتخابية ليصيحوا ملء أشداقهم : ها ما قلنا. فليخسأ الخاسئون. إن القانون الجديد يسعى لتخليق الحياة العامة، وتخليق الانتخابات ومدخلها الحقيقي ضبط طرق صرف المال.