سيقوم عشرات المئات من المسيحيين الكاثوليك يوم الجمعة المقبل بمدريد و انطلاقا من 12 منتصف الليل بالتقاطر على كنيسة الأباء الكابوشينوس، قصد التعبد و طلب بركات تمثال يسوع المسمى "أبونا يسوع الناصري"، والذي يعرف جيدا المغرب، فقد تم نحث التمثال بإشبيلية في أوائل القرن 17 و تم حمله من طرف الآباء الكابوشينيين و بإذن أسقفية قادس إلى ثغر المهدية أو معمورة بالقرب من مدينة القنيطرة، كراع و معبود للحامية الإسبانية، وكانت إسبانيا قد استولت على الثغر سنة 1614 بعد كل من البرتغال و القراصنة، و أطلقت عليه اسم سان ميغال دي اولترا مار. و بعد عدة مناوشاة قام بها كل من أهل سلا بقيادة العياشي تلميذ سيدي عبد الله بن حسون، و أهل فاس، عجزوا خلالها عن تحرير الثغر، سيتمكن السلطان مولاي إسماعيل و قائد جيوشه عمروبن حدوالريفي من تحريره في أبريل 1681 بعد 67 سنة من الحضور الإسباني في ثغر المهدية. و عندها وقع تمثال "أبينا يسوع الناصري" أسيرا هو الأخر وتم حمله إلى مدينة مكناس حيث طيف به بين شوارعها إحتفاءا بالنصر. وتزعم قصص الكنيسة و قصص الخيال الشعبي المدريدي أن السلطان أعطى أوامره بجرجرة التمثال في تراب شوارع المدينة لإهانته، ثم إلقائه إلى ساحة الأسود، و كأنه بشر من لحم و دم. فإذا كان من الصحيح أن تاريخ المغرب عرف رياضة مصارعة الأسود التي كانت تقام في الساحات حيث "اللعابين" يواجهون الأسود بخناجرهم، فإن قصة إلقاء تمثال الخشب إلى الأسود زيادة على سماجتها و سداجتها، كانت تحاول المماهاة بين سلاطين المسلمين و الإمبراطور الروماني نيرون الذي تفنن في تعذيب المسيحيين الأوائل وقام بإلقائهم إلى السباع في روما. و بعد وساطات عديدة لدى السلطان تمكن اباء الكنيسة من استرداد تمثال"أبينا يسوع الناصري" في صيف 1682، وقد خرجت مدريد عن بكرة أبيها لإستقبال التمثال المحررمن قبضة المغاربة، و الذي نسبت إليه العديد من المعجزات و الخوارق. ومن ذلك الوقت درجت العوائل الملوكية على حضور القداسات المرتبطة بذكرى التمثال الناصري إلى يومنا هذا. و يقدس هذا التمثال الشعبي بمدريد بتقبيل رجله، و كان البابا بابلوا السادس قد قبل التمثال سنة 1973 وقال" لتعمم قبلة البابا لتمثال أبينا يسوع البركة على كل الذين يقبلونه و يقدسونه في مدريد"، ولتحصيل هذه البركة فإن أهل مدريد يحجون إلى كنيسة الأباء الكابوشينوس بتزامن مع أعياد الأسبوع المقدس و إبتداءا من أول يوم جمعة من شهر مارس و قبل الخروج للطواف به في شوارع مدريد وفق طقوس الأسبوع المقدس. وإن يطاف به في مدريد فقد طيف به في مكناس من قبل.