مخطئ من يعتقد أن المهاجرين السريين عالة على المجتمع ولا ينفعون في شيء. سلطات مدينة مليلية أثبتت العكس. فقد جندت أكثر من ثلاثين مهاجرا سريا لحمل تماثيل السيدة مريم العذراء في شوارع المدينة، خلال احتفالات الأسبوع المقدس الذي يبدأ في إسبانيا يوم الاثنين. "" حمل ثقيل الخبر أوردته صحيفة البايس‘ الإسبانية واسعة الانتشار في عددها ليوم أمس الأحد. وذكرت أن مليلية، وهي جيب إسباني في شرق المغرب، كانت ستُحرم العام الماضي من رؤية تمثال السيدة مريم العذراء لانعدام الحمّالين، لولا تطوع بعض أفراد من قوات الأمن، ومن ضمنهم مسلمون، حملوا تمثال مريم العذراء الذي نحته الفنان الإسباني بيدرو دي مينا (Pedro de Mena) في القرن السابع عشر، وجابوا به شوارع المدينة. حمّالو التماثيل يختلفون عن حمالي البضائع المهربة بين مليلية والمغرب. الأولون أشخاص مختارون يحملون على أكتافهم تماثيل ورموزا كاثوليكية يطوفون بها في شوارع المدينة طيلة الاحتفالات بالأسبوع المقدس فقط (Semana Santa ). في حين أن الآخرين ينشطون‘ في التهريب على الحدود بين مدينة الناظور المغربية ومليلية، وذلك على مدار السنة. كان الأمر سيكون عاديا لو تطوع أهل البلد لحمل أثقالهم بأنفسهم، خاصة وأن المناسبة دينية ويحتفل بها الأسبان منذ قرون. وهي أيضا مناسبة سياحية تتنافس المدن الإسبانية على تنظيمها أحسن تنظيم جذبا للزوار وترويجا للسياحة. إلا أنه يظهر أن الخصاصة في الحمالين أصبحت من الجدية بمكان؛ مما حدا بالمنظمين إلى التفكير في إيجاد حلول لها. ومَن غيرُ المهاجرين السريين‘ أو المقيمين غير الشرعيين، من تناط لهم هذه المهمة المقدسة. وهذا ما فكر فيه القيمون على مؤسسة "أبونا يسوع المسيح (Nuestro Padre Jesús Cautivo) في مليلية، وجندوا 34 مهاجرا سريا، أغلبيتهم مسيحيون أفارقة، ومنهم خمسة باكستانيين غير مسيحيين. أخوة في الدين يقيم هؤلاء في مركز مؤقت لإيواء المهاجرين. ويؤكد جورجيو كاستيو (Gregorio Castillo)، أحد المشرفين على الاحتفالات، أن الاستعانة بحمالين غير شرعيين "لا يعتبر مشكلا، فهم إخوة ينبغي مساعدتهم على الاندماج". ويضيف في تصريح هاتفي لصحيفة البايس: الاستعانة بهؤلاء لا تعني قلة السواعد الحاملة، ولكنها تلبي رغبة المهاجرين أنفسهم "في التعبير عن شعورهم الديني"، وتحقيق اندماج أمثل في المجتمع. ويوضح أن ما مجموعه 69 مهاجرا تقدموا للمشاركة في حمل التماثيل، اختير منهم نصف العدد فقط، أغلبهم من مواطني أفريقيا جنوب الصحراء. ويقول أحد المختارين ويدعى أوبارا (Opara)، وهو من نيجيريا مفسرا مشاركة غير المسلمين في حمل الرموز المسيحية، إن "الله واحد". دخل أوبارا مليلية من بوابة الناظور المغربية منذ أكثر من 17 شهرا، ويتحدث اللغة الإسبانية بشكل يتيح له الترجمة بين إخوانه الحمالين الأفارقة وبين زملائهم الإسبان. أما السيد محمد علي، رئيس فدرالية الجمعيات الإسلامية في إسبانيا والمقيم في مدينة سبتة، فيرى أن مشاركة هؤلاء المهاجرين في حمل الرموز الدينية ينبغي أن لا تنبني على "استغلال". بل على العكس، يجب أن تسهم في تحسين أوضاعهم المعيشية، وتمكينهم من الحصول على أوراق الإقامة. ويستبعد محمد علي، في اتصال هاتفي مع إذاعتنا، أن تساعد مشاركة المهاجرين في مثل هذه الأعمال، على اندماجهم في المجتمع. "الاندماج يجب أن يكون في المجالات الأخرى؛ في المجالات الاجتماعية وتعلم اللغة الإسبانية وإدماجهم في المجتمع الإسباني، وليس في حمل صور ترمز إلى معتقدات دينية، لاسيما إذا كان المهاجرون من أصل مسلم. فهذا يتناقض مع الدين الإسلامي". مثال يحتذى ومن جهته عبر رئيس مجلس حكومة مليلية خوان خوسي إمبرودا (Juan José Imbroda) عن إعجابه بهذه الخطوة، التي يمكن للعالم الإقتداء بها والتعلم منها. كما ثمَّن أحد المشرفين على احتفالات الأسبوع المقدس ( أسبوع الآلام) خطوة الاستعانة بسواعد الأفارقة، واعتبرها خطوة شجاعة، تعبر عن المعاني الحقيقية للمسيحية. تنطلق احتفالات أسبوع الآلام في إسبانيا الاثنين، وهي مناسبة تجوب فيها المواكب ذات الطابع الديني شوارع المدن الإسبانية. تُحمل تماثيل السيدة مريم البتول على الأكتاف يوم الخميس المقدس ويوم الأحد؛ يوم عيد الفصح. وتعتبر مليلية وسبتة الواقعتين شرق وشمال المغرب، بالإضافة إلى جزر الخالدات في المحيط الأطلسي، من المناطق الأكثر جذبا لمرشحي الهجرة السرية القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ومن بلدان شمال إفريقيا، وبخاصة من المغرب والجزائر. وعرفت المدينين في السابق مواجهات بين قوات الحرس الحدودي، المغربية والإسبانية، والمهاجرين الذين يحاولون في كل مرة عبور الحواجز الفاصلة بين إفريقيا وأوربا عنوة. إذاعة هولندا العالمية