أصبحت مصالح المغرب في إسبانيا مهددة بعد تمكن حزب "بوديموس" (نستطيع) اليساري المتطرف من تحقيق نتائج مهمة في الانتخابات العامة ليوم الأحد 20 ديسمبر ليصبح ثالث قوة سياسية في البلاد بعد الحزب الشعبي اليميني والحزب الاشتراكي العمالي، ومعادلة يصعب تخطيها في البرلمان الإسباني المقبل. وأبان حزب "بوديموس"، تحت قيادة بابلو إجليسياس، عن مواقف جد متصلبة تجاه المصالح المغربية، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء ومسألة احترام حقوق الانسان. وقال بابلو إجليسياس، زعيم حزب بوديموس والذي أصبح ثالث قوة برلمانية في البلاد، عقب الانتخابات العامة التي أجريت اليوم، إن البلاد تفتح "مرحلة جديدة" أمامها. وصرح إجليسياس عقب فرز معظم الأصوات الانتخابية "اليوم ولدت إسبانيا جديدة" وذلك في حديثه لأنصاره، مؤكدا "ينتهي اليوم نظام التبادل السياسي في إسبانيا"، في إشارة لهيمنة الحزبين الشعبي والاشتراكي على الحكم في البلاد طوال العقود الماضية. وأكد زعيم بوديموس، الذي حصد أكثر من 20% من الأصوات، أي حصوله على 69 مقعدا بالبرلمان، أنه سيعمل من أجل "التحصين المؤسسي للحقوق الأساسية" مثل المعيشة والتعليم والصحة العامة". وشدد اجليسياس (37 عاما) على أن (بوديموس) هي "القوة الأولى في كتالونيا واقليم الباسك"، مشيرا إلى أن الحزب الاشتراكي في المقابل حقق "أسوأ نتائجه الانتخابية" في الديمقراطية الإسبانية. و يعد بابلو إجليسياس أحد الوجوه الشابة التي ظهرت على الساحة السياسية الإسبانية في الآونة الأخيرة، متحدث لبق لم يكن له حظ من الشهرة قبل عامين، قبل أن تلعب المفارقة دورها ويشتهر بعد مقابلة تلفزيونية ليبدأ منذ ذلك الحين في البحث عن الناخب "الغاضب" ووعده ب"اقتحام السماء". وإجليسياس هو أستاذ جامعي في العلوم السياسية وهو الوجه الأشهر في حزب (بوديموس) أو "نستطيع"، الحزب اليساري وليد حركة تظاهرات 15 مايو/آيار 2011 التي احتلت الشوارع والميادين في إسبانيا للمطالبة بإصلاحات وتغيير النظام السياسي الراهن في البلاد برمته. وبعد نجاحه المباغت في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2014 حين حصل الحزب على خمسة مقاعد، بات (بوديموس) أول تهديد حقيقي وذا شأن بالنسبة للثنائية الحزبية في إسبانيا الذي يقوم على الحزبين الشعبي والاشتراكي فحسب. فلطالما جاهد إجليسياس لتقويض ثنائية اليسار-اليمين وأطلق على (بوديموس) صفة "حزب الجماهير"، رغم أنه انخرط من قبل في حركات مناهضة للعولمة ووضع نظرية حول العصيان المدني، متقبسا من مؤسس الفكر الماركسي كارل ماركس مقولته الأشهر "لا يتم السيطرة على السماء بالإجماع بل بالاقتحام". ويستغل خصوم إجليسياس هذا الغموض حيث يتهمونه بأن له علاقات مع الحركة الشافيزية، نسبة إلى الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز، لكن ما لا يستطيع أي أحد إنكاره هو حضور هذا الرجل القوي في التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، وهما عنصران فاعلان للغاية قبيل انتخابات 20 ديسمبر/كانون أول. كان نجم إجليسياس قد بدأ في اللمعان عام 2013 بأحد البرامج التلفزيونية حينما أظهر قدرة فائقة في الخطابة أضيف إليها لهجة ناقدة لحد السخرية اللاذعة تستهدف إسقاط "الطبقية" السياسية. بل أن زعيم الحزب زي الشعار المميز بخلفية أرجوانية اللون، والذي يعترف بأن الغرور ضمن أخطائه، ظهر في مواقف عفوية أشهرها حين أهدى العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس المواسم الأربعة الأولى من مسلسل (لعبة العروش)، بهدف إيصال بعض النقاط لملك إسبانيا "لفهم طبيعة الأزمة السياسية" في البلاد. كذلك، كسر إجليسياس الصورة التقليدية للسياسيين في إسبانيا حيث يعد أحد أكثر المرشحين شبابا، ورغم أنه أزال أقراط العين التي كان يضعها، إلا أنه لا يزال متمسكا بمظهره المميز بعقصة شعره والبنطال الكاجوال والقميص، فضلا عن رصده في مرات نادرة مرتديا ربطة عنق. بيد أن "فورة" التجديد ربما أخذت في الانحسار خاصة بعد تراجع شعبية الحزب وزعيمه إلى 9.1% في المركز الرابع مؤخرا، وهو الذي كان ثانيا بنسبة شعبية 23.9% خلال استطلاع رأي أجري في فبراير/شباط الماضي.