فاز فيلم "ديبان" للمخرج الفرنسي جاك أوديار بالسعفة الذهبية في النسخة 68 من مهرجان كان السينمائي وكانت حصة الأسد عموما للفرنسيين الذين أحرزوا، إضافة إلى السعفة الذهبية، جوائز التمثيل. أسدل الستار هذا المساء على مهرجان كان السينمائي الذي انطلق في 13 مايو/ايار، في حفل قدمه الممثل الفرنسي لامبير ويلسون ويتلوه عرض لفيلم "السماء والجليد" للوك جاكيه. و"ديبان"، الفيلم السابع لجاك أوديار، وهو دراما على خلفية صدام الثقافات عبر قصة لاجئ من نمور التاميل في فرنسا. ويستلهم أوديار الفيلم بطريقة حرة من كتاب "رسائل فرنسية" لمونتسكيو أحد أبرز فلاسفة عصر التنوير في فرنسا القرن الثامن عشر. وخيب منح السعفة الذهبية لجاك أوديار جمهور كان ونقاده الذين توقعوا فوز أفلام أخرى بها على غرار "كارول" للأمريكي تود هاينس أو "الشباب" للإيطالي باولو سورنتينو. وعبر العديد عن سخطهم أمام هذا الفوز إذ لم يعتبر أوديار في إخراجه "في أحسن مستواه". لكن كما يرجح البعض ربما اختارت لجنة التحكيم "الشابة والمثيرة" التي يترأسها الأخوان كوهين فيلما يتناقض مع حسها الفني، إذ تتميز أفلام الثنائي وأفلام كزافيه دولان وغييرمو ديل تورو بخفة الروح. وكان أوديار فاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان عن فيلم ."النبي" عام 2009 تنتهي الحرب الأهلية في سيريلانكا ويقترب الانهزام وفشل تحرير التاميل فيقرر ديبان الفرار. يأخذ ديبان معه امرأة وطفلة صغيرة لا يعرفهما أملا منه في تسهيل الحصول على اللجوء السياسي في أوروبا. يصل ديبان إلى باريس وتعيش هذه "العائلة" في مراكز مختلفة خاصة باللاجئين. يعمل البطل كبواب في عمارة باريسية ، ويأمل في بدء حياة جديدة وفي تأسيس عائلة "حقيقية" مع الزوجة والبنت. لكن عنف حياة المدن هيج جروح الحرب التي لم تلتئم بعد فيعود الجندي ديبان إلى غريزته الحربية لحماية حلمه. وقال لنا أحد النقاد "ديبان فيلم جميل لأنه يشير إلى أهمية العائلة وإلى ضرورة الدفاع عنها كما ندافع عن وطن".
ابن ساول" للمجري لازلو نماس " الجائزة الكبرى لفيلم أما الجائزة الكبرى أوهي ثاني أهم جوائز المهرجان فمنحت للمجري لازلو نماس عن فيلمه الأول "ابن ساول" الذي كاد أن يخلق الحدث لو فاز بالسعفة. وقال لازلو نماس عند تسلمه الجائزة "أردت أن أطلع أبناء جيلي عن إبادة اليهود في هذه القارة التي لا تزال مسكونة بها" وأكد على اختياره "التصوير بتقنية شريط 35مم لخلق لغة جديدة". وبإمكانيات المحدودة قدم نماس فيلما "كبيرا". فمن، بعد الوثائقي-الأسطورة "شوها" (1985) لكلود لنزمان، أو حتى "الحياة جميلة" (1997) لروبرتو بنيني، كان يجرأ على اقتراح نظرة "جديدة" على تلك الحقبة القاتمة من التاريخ ؟ هذا كان التحدي الذي واجهه ببراعة لازلو نماس عبر يومين في جحيم محرقة نازية بعيني الأسير "ساول أوسلاندر" الذي يرغم على إتلاف جثث اليهود من أبناء دينه بعد أن يتم تسميمهم بالغاز". ويخال لساول أن إحدى الجثث هي لابنه فيصاب بهوس القيام بمهمة مستحيلة: سرقة الجثة من غرفة التشريح حيث قرر النازيون إجراء تجارب عليها، والبحث عن رجل دين يهودي "حاخام" لدفنها. جائزة لجنة التحكيم لفيلم "سرطان البحر لليوناني يورغس لانتيموس فاز من جهته اليوناني يورغس لانتيموس بجائزة لجنة التحكيم وفي "سرطان البحر" يتم توقيف كل شخص أعزب وينقل إلى "النزل" فيمنح مدة 45 يوما لكي يجد حبيبة. فإذى انقضى هذا الأجل يحول إلى حيوان يختاره. وللإفلات من هذا المصير، يفر رجل ويلتحق في "الغاب" بمجموعة من المقاومين اسمهم "الوحيدون". ويتميز "سرطن البحر" بنزعة سريالية جنونية تذكر بأفلام لويس بونوال. وفي "النزل" كما في "الغاب"، يبدو الحب نسجا من الخيال، وطبعا يدعو الفيلم إلى التفكير في مجتمعنا الذي حبس المشاعر في قوالب نمطية تخضع لقانون السوق، ويظهر كيف يحكم الحب في الأخير عالمنا الذي يقصيه. هذا بالنسبة لأهم الجوائز، أما جائزة أحسن إخراج فكافأت التايواني هو هسياو هسيان (يناهز السبعين من العمر) الذي يعتبر من أكبر السينمائيين العالميين. وشارك هسياو هسيان في هذه النسخة بفيلم "القاتل" وهو فيلم ملحمي ذو نسق بطيء جدا يدور في الصين بالقرن التاسع. وعوض هسياو هسيان البطل التقليدي في أفلام فنون القتال بالبطلة "شو كي". وفاز المكسيكي ميشال فرنكو بجائزة أحسن سيناريو عن فيلم "مزمن". وشكر ميشال فرانكو بحرارة الممثل الرئيسي تيم روت. وكان تيم روت ترأس عام 2012 قسم "نظرة خاصة" في مهرجان كان ومنح الجائزة لفيلم "بعد لوسيا" لميشال فركو. بهر تيم روت حينها بمهارة فرنكو في تركيب دراما متقنة فطلب أن يعمل معه وحصل بذلك على دور ممرض يساعد أشخاصا في المرحلة النهائية من حياتهم. ففي "مزمن"، وفي "مزمن"ن الأجواء قاتمة وخالية من العاطفة على غرار أفلامه السابقة التي ركزت خصوصا على أداء الممثلين. جوائز التمثيل سر الفرنسيون كثيرا بفوز فينسان لاندون بجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم "قانون السوق" لستيفان بريزيه. وقال لاندون عنذ تسلمه الجائزة "هذه أول مرة في حياتي أحصل فيها على جائزة" وأضاف "قال ويليام فولكنر +لتكن أحلامكم واسعة حتى لا تبعد عن نظركم حين تسيرون نحوها+". وكان لاندون لم يظهر في كان منذ 2011 حين لعب دور رئيس حكومة، بين الحقيقة والخيال، في فيلم "الأب" لآلان كافالييه. وعاد هذه السنة إلى الكروازيت في دور عاطل عن العمل، في الأربعين من العمر، أمام خيار أخلاقي صعب ترغمه عليه الماكينة الرأسمالية. عادة ما يتقن الممثل الفرنسي الدراما الاجتماعية، لكنه ظل في أغلب الأحيان بعيدا عن الأضواء. وإن كان رشح خمس مرات لجوائز السيزار، فلم ينلها أبدا : وهاو مهرجان كان يصلح هذا القدر السيء.
أما جائزة أحسن ممثلة فكانت من نصيب المخرجة الفرنسية إيمانويل بيركو التي افتتح فيلمها "مرفوع الرأس" هذه النسخة من المهرجان، والتي تقمصت الدور الرئيسي في فيلم "ملكي" لمواطنتها مايوان. فلعبت بيركو دور امرأة تقل في حب منحرف جنسي يدمرها نفسيا، وكيف تخرج منمخالب هذا العشق المضني بعد عشر سنوات. ونالت الممثلة الأمريكية روني مارا هي الأخرى جائزة احسن ممثلة بالتساوي مع إيمانويل بيكو، عن أداءها الشفاف في فيلم "كارول" للأمريكي تود هاينس والذي يسرد قصة حب بين مثلتي الجنس في الولاياتالمتحدة العام 1952. السعفة الذهبية للأفلام القصيرة من نصيب اللبناني إلي داغر وفي فئة الأفلام القصيرة ، فاز اللبناني إلي داغر بالسعفة الذهبية عن فيلم صور متحركة بعنوان "موج 98". ويروي الفيلم قصة تيه وملل عمر في ضاحية بيروت وتتحول إلى مغامرة سريالية.