على بعد أمتار قليلة منك، ربما يكون من المؤكد وجود مصاص دماء يتغذى على فرائسه. ينتزع ضحيته، ويثقب جلدها، ثم يستنزف سوائل جسدها. تجري هذه العملية برمتها في غضون دقائق لا أكثر. بعد ذلك؛ تُلقى القشرة الذابلة للفريسة سيئة الحظ جانباً، بينما يعكف مصاص الدماء على هضم وجبته، وربما تخليق المزيد من أقرانه. لكن الأمر هنا لا يتعلق بمصاص دماء على شاكلة "الكونت دراكولا" الذي تروي إحدى القصص أنه كان يسعى للهجرة من موطنه بمنطقة ترانسيلفانيا الرومانية إلى انجلترا، أو على غرار تلك الشخصية التي تتجسد في عمل آخر في صورة مراهق لا يشيخ أبدا؛ يحسب أن الاختباء والكمون خارج غرفة نوم إحدى الفتيات يعد من قبيل السلوك المقبول. فمصاصو الدماء هنا عبارة عن كائنات وحيدة الخلية يُطلق على الواحدة منها اسم "فامبيرليد"، تتغذى عن طريق افتراس جميع أنواع الكائنات وحيدة الخلية الأخرى، بل وعلى كائنات أخرى أكبر حجما مثل الديدان. هذه الكائنات مصاصة الدماء مفترسة وشرهة وموجودة من غابر الأزمان كذلك. أكثر من ذلك، فإنها موجودة في كل مكان، بحسب ما كشفت عنه دراستان أُجريتا مؤخرا في هذا الصدد. وتعود المرة الأولى التي جرى فيها الحديث عن هذه "الأميبا /الكائنات وحيدة الخلية /مصاصة الدماء" إلى عام 1865، وذلك من جانب عالم الأحياء الروسي ليون سيمينويتش سينكوفسكي، وهو أحد مؤسسي علم الأحياء الدقيقة. ففي ذلك الحين، اكتشف سينكوفسكي كائنات وحيدة الخلية ذات لون أحمر براق، وبالأحرى تشبه الأميبا. ووجد أن هذه الكائنات تهاجم الطحالب عبر ثقب جدران خلاياها، وامتصاص ما بداخلها. وأطلق سينكوفسكي على هذه الميكروبات اسم "فامبيرلا"، ويعود ذلك بوضوح إلى إدراكه للتشابه بين ما تقوم به وعادات وسلوكيات مصاصي الدماء الذين يُطلق عليهم اسم "فامبيرز" باللغة الانجليزية.