حياة الأمين العام لحزب الله اللبناني محاطة بسرية تامة، والمعلومات المتوفرة حوله تكاد تكون معدومة، إلا أن إسرائيل تراقبه بشكل حثيث وتحاول أن ترصد تحركاته وتجمع أكبر قدر من المعلومات عنه. كشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية جزءًا من الحياة السرية لحسن نصر الله بما فيها معلومات عن عائلته وحراسه الشخصيين والأنفاق التي يتحرك من خلالها والطائرات التي تنقله إلى خارج لبنان مباشرة من مطار بيروت الدولي. وتصف الصحيفة حراس نصر الله بأنهم مثل "الحرس الملكي" وتلقوا تدريبًا مكثفاً ولديهم إمكانيات أمنية كبيرة ومتطورة للغاية. وتقول "معاريف" إن وحدة "الحرس الملكي" ترتدي اللباس الفاخر والجميل الموحد، كما ترتدي سترات واقية من الأفضل في العالم، ويصل عدد الوحدة بشكل عام ل 150 رجلاً، أشرف على تدريبهم جهاز الأمن الداخلي الخاص بالحزب، والذي يشرف عليه القيادي الكبير في الحزب وفيق صفا. وأضافت الصحيفة أنّ "فريق الأمن الشخصي لأمين عام حزب الله، يصل إلى نحو 20 حارس أمن من ذوي الخبرة والمخلصين، الذين يعملون تحت قيادة قائد الفريق أبو علي جواد"، لافتةً إلى أنه "تمّ تدريبهم لهذه المهمة فقط". وتتألف بقيّة أفراد القوّة الخاصة من 130 من أفراد الأمن الداخلي، والذين يعملون على تقديم الدعم لقوّة الحراسة في حال خرج الأمين العام علناً للجماهير، حيث تتشكل من مراقبين في المناطق العامة وبين الجماهير ويعتبرون من الحراس الخفيين ومنهم من يعتلي أسطح المنازل لتأمين ظهر السيّد نصر الله. مخبأ سري وتنقل الصحيفة عن الضابط الإسرائيلي السابق عتي شيلح إنه في المخبأ السري لنصر الله، يبقى 4 أشخاص يمكثون معه بشكل دائم، وهم مسؤولون عن سلامته الشخصية، وهم جزء من حياة نصر الله ويرتبطون معه ليلاً ونهارًا، وربما لا يوجد لهم أي نمط حياة طبيعية". ووفق الصحيفة، فإنّ "من القائمين على أمن نصر الله، القائد العسكري الأعلى لحزب الله ورئيس الأجهزة الخاصة مصطفى بدر الدين، ومستشار شؤون الإستخبارات حتى عام 2012 خليل حرب، ورئيس الأمن المركزي وفيق صفا ورئيس جهاز الأمن والحماية الخاصة أبو علي جواد، ورئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين، والمقرب منه حسين الخليل". اغتيال اسامة بن لادن والترتيبات الجديدة وقد تم تعزيز الترتيبات الأمنية حول حسن نصر الله بعد اغتيال قوة أميركية خاصة لقائد تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أيار 2011"، ونقل نصر الله مكانه السرّي من الضاحية الجنوبية في بيروت إلى مكان آخر وتم تشديد الحراسة عليه". وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن التهديدات التي تواجه نصر الله باتت كثيرة وبات يؤمَّن بحراسة مرافقة ومكثّفة بشكل خاص من خلال حراس بحوزتهم بنادق آلية. وكانت إحدى المرات المثيرة للاهتمام هي ظهور السيّد نصر الله خلال إحياء مراسم عاشوراء في حزيران 2011، وهي إحدى المرات القليلة التي يظهر فيها للجمهور مباشرة. حيث لم يكن يظهر منذ نهاية حرب لبنان العام 2006 تخوفاً من أي هجوم إسرائيلي". وتشير الصحيفة إلى أنّ "آخر ظهور علني كان لنصر الله أمام الجماهير، في عام 2008 لدى استقباله الأسير سمير القنطار الذي أفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى، مبينةً أنه ظهر تحت حراسة مشددة جداً وتحدث لفترة وجيزة وقد وصل لمكان الإحتفال وغادر عبر شبكة نفق تربط القبو مع أحد الشوارع المطلة على ساحة المهرجان، وفي 15/11/2013 شارك شخصياً في إحياء ذكرى عاشوراء". الظهور العلني لنصر الله وشروطه ويقول عقيد متقاعد في الجيش الإسرائيلي، ومقرّب من رئاسة هيئة الأركان العامة إن "نصر الله يظهر علناً اعتماداً على موقع المكان وبما يتناسب مع الحالة الأمنية المختارة". ووفق الصحيفة، فإنّ "الصور التي تنشر لحظة ظهور نصر الله تبيّن قبل الحرب الثانية على لبنان كان يظهر بحارس أو اثنين، وبعد الحرب أصبح يظهر بأكثر من حارس وبات في الآونة الأخيرة في ظل تزايد التهديدات يستخدم حراسه البنادق الهجومية، وبات يظهر أيضاً مع أحد حراسه حقيبة". وقبل أي احتفال تقوم مجموعة حرّاس أمنيّة علنيّة وسريّة بوضع الحواجز ومنع السيارات والدراجات النارية وغيرها من الوصول للمكان تخوفاً من اغتيالات مماثلة لتلك التي وقعت في إيران، ففي صباح يوم المسيرة التي ظهر فيها نصر الله، تمّ إغلاق كل الشوارع في محيط الملعب، ونحو 20 من الحراس الأوفياء قاموا بحراسة أمنية مشددة وشكلوا حاجزاً حول نصر الله بشكل مربع، وبدأ يشق طريقه نحو الحشود في وقت كانت قد أعدت شاشة عملاقة لمتابعة كلمته عبرها، إلّا أنه ظهر فجأة وسط تلك الحراسة التي حرصت على دفع أي حشد حتى الوصول بأمان إلى خشبة مسرح المهرجان، حيث قال حينها نصر الله للجماهير "أردت أن أكون بينكم لبضع لحظات لتجديد ولائنا للحسين". وتضيف: "استمر ظهور نصر الله لست دقائق، ثمّ غادر خشبة المسرح من أحد الشوارع الجانبية المؤدية إلى القبو القريب، وقبل أن يغادر كان يقوم حارسه الشخصي بالإتصال عبر سماعة الرأس للإطمئنان من عدم وجود أي مشكلة، فيما كان الحراس يقومون بالتحديق في السماء أحياناً تخوفاً من طائرات استطلاع إسرائيلية قد تحلق فوق بيروت في ذلك الوقت". خطط حماية مسبقة وتقول الصحيفة إنّ "نصر الله حرص في الآونة الأخيرة على الظهور العلني في العطل الرسمية والإحتفالات المركزية، خصوصاً في قاعة سيد الشهداء وملعب الراية، وهما مكانان أعدت داخلهما خطط حماية مسبقة ومجهزة جيدًا للحماية، بينما يقول الضابط شيلح إنّ "ظهور نصر الله يتم وفقاً لمستوى التهديد وبناء على المعلومات الإستخباريّة المتعلقة بذلك، ويتميّز ظهور نصر الله من مخبأه، في الأحداث ذات مغزى، وفي أماكن يؤخذ فيها كل التجهيزات اللازمة للحماية ويكون ظهوره محدودًا لدقائق". محاولات الاغتيال وتكمل الصحيفة: "تعرّض نصر الله عام 2004 لمحاولة اغتيال فاشلة من خلال التسمّم الغذائي، وفي حرب لبنان الثانية فشلت محاولة لاغتياله خلال قصف إسرائيلي على برج كان بداخله، وفي نيسان 2006 اعتقلت شبكة إرهابية خططت لإغتيال نصر الله من خلال استخدام صاروخ "لاو" كان سيستهدف سيارته أثناء حضوره مهرجاناً في حارة حريك في الضاحية الجنوبية، وفي 30 تموز 2011، وقع انفجار في مبنى سكني في الضاحية، ويُعتقد أن نصر الله كان مستهدفاً حيث كان مقرراً أن يلتقي بمسؤولين كبار في الحزب، وبعد شهر انفجرت سيارة مفخخة قرب قاعة الشهداء حيث كان سيلقي نصر الله كلمة بمناسبة مرور سبع سنوات على حرب لبنان". جدول أعمال يومي وليس من المستغرب أن يقضي نصر الله معظم وقته يتحصن في مكان سري خشية من اغتياله، وعدم الظهور على العلن، وبالرغم من ذلك يشمل جدول أعماله اليومي عقد لقاءات للحزب أو لشخصيات خارج الحزب، لمناقشة الكثير من القضايا الداخلية والخارجية، وكل ذلك يتم في مبانٍ تحت حماية حراسته الخاصة". وتقول الصحيفة إنّ "رحلات نصر الله الخارجية كانت تتمّ من بيروت إلى سوريا ومنها إلى إيران أو غيرها، ومنذ الأحداث تغيّرت وباتت من مطار بيروت مباشرة وعبر طائرات خاصّة وبحراسة مشدّدة جدّاً من حراسته الخاصة التي تقوم بالسيطرة على مداخل ومخارج المطار حين سفره". عائلة نصرالله حسن عبد الكريم نصر الله، (54 عاماً) له تسعة إخوة وأخوات، والده قال في إحدى المقابلات مع وكالة الأنباء الإيرانية إنه "لا يرى نجله إلّا مرة واحدة في السنة حين يفاجئهم بزيارة عائلية. نصر الله نفسه لديه خمسة أطفال من زوجته فاطمة مصطفى ياسين، وقد قتل نجله الأكبر هادي في هجوم نفذ عام 1997، عائلته أيضاً تعيش في ترتيبات أمنية آمنة وسرية".