دعت منظمة هيومن رايس ووتش رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران إلى اتخاذ "خطوات ملموسة وواضحة في أربعة مجالات رئيسية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد"، وذلك بعد تقديم المغرب ترشحه للفوز بمقعد في انتخابات مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء 12 نونبر الجاري. ووفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/251، يُتوقع من أعضاء المجلس أن يتحلوا "بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان". ضمان محاكمات عادلة على يد قضاء مستقل وتقول المنظمة الأمريكية في رسالة موجهة إلر رئيس الحكومة، أنه ورغم إدراكها أن دستور سنة 2011 تضمن عدة أحكام قانونية ترمي إلى تعزيز استقلالية السلطة القضائية، وأن الملك محمد السادس قام بتعيين لجنة رفيعة المستوى للإصلاح القضائي، أجرت مشاورات واسعة واقترحت سلسلة من الإصلاحات في سبتمبر/أيلول 2013، إلا أنه لم يتم إلى حدّ الآن اعتماد أي قوانين لتنفيذ الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان في الدستور الجديد. كما تعبّر عن قلقها تجاه "عشرات المغاربة، إن لم يكونوا مئات، الذين مازالوا يقبعون في السجن بعد أن أدينوا بارتكاب جرائم في محاكمات غير عادلة ذات دوافع سياسية". ومن بين هؤلاء المعتقلين، تذكر المنظمة 23 صحراويًا، بعضهم حُكم عليه بالسجن المؤبد في قضية أكديم إيزيك في المحكمة العسكرية في 2013، وكذلك العديد من المشتبه فيهم التسع والعشرين الذين تمت إدانتهم، مع ستة شخصيات سياسية تم الإفراج عنهم في وقت لاحق، بالانتماء إلى الشبكة الإرهابية المزعومة في قضية بلعيرج سنة 2009. في كلتا القضيتين، أدانت المحكمة المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة مع عدم وجود أي أدلة حقيقية باستثناء اعترافاتهم، رغم مزاعم المشتبه فيهم بأن الشرطة استخدمت معهم التعذيب لانتزاع توقيعهم على محاضر مزورة. وتدعو السلطات المغربية إما إلى أن تفرج عن المشتبه فيهم الذين تمت إدانتهم في المحاكمتين، وجميع المحاكمات غير العادلة الأخرى، بشكل سريع، أو أن تمكنهم على الفور من محاكمات جديدة. وينبغي لأي محاكمات جديدة أن تضمن احترام حقوق المتهمين، بما في ذلك إجراء فحص شامل وغير منحاز في أي شكاوى بالتعرض للتعذيب. وكجزء من مشروع الإصلاح القضائي، يتعين على المغرب أيضًا مراجعة القوانين والممارسات القضائية بما يعزز ضمانات عدم اعتماد أدلة تم الحصول عليها عن طريق الإكراه غير المشروع. تعزيز حرية الصحافة وبخصوص حرية الصحافة، تعبر المنظمة أن وسائل الإعلام الالكترونية والمطبوعة في المغرب ما زالت تواجه خطوطًا حمراء تحول دون التطرق إلى بعض المواضيع الحساسة أو التعليق عليها، وتعزز ذلك بقوانين تفرض عقوبات بالسجن على جرائم التعبير غير العنيف عن الرأي. لقد تعهدت حكومة الرباط، تضيف المنظمة، بإصلاح قانون الصحافة لسنة 2002 لتقليص أو إلغاء الجرائم التي تستوجب عقوبات بالسجن، ولكن لم يتم تغيير أي قانون إلى حد الآن. في السنوات الأخيرة، قضى صحفيون وأشخاص آخرون عقوبات بالسجن بسبب التشهير ونشر "أنباء زائفة". وينص الفصل 41 من قانون الصحافة على عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب التعبير الذي قد "يمسّ" بالملكية أو الملك أو الإسلام أو "الوحدة الترابية" للمغرب (بمعنى يتضمن مطالب المغرب بشأن الصحراء الغربية المتنازع عنها). وتعتبر المنظمة أن المحاكمة الأخيرة للصحفي المعروف علي أنزولا "تجسد العديد من هذه المشاكل"، حيث أمضى علي أنزولا 37 يومًا رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة بسبب ما نشره على موقع www.lakome.com من أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وجه لأول مرة غضبه إلى حكم الملك محمد السادس في مقطع فيديو جديد. وعملا بقانون مكافحة الإرهاب، وجه المسؤولون إلى علي أنزولا تهمًا بتشجيع ودعم الإرهاب، وهي جرائم تستوجب عقوبة بالسجن لفترة طويلة. وتقول هيومن رايس ووتش إنه "يتعين على السلطات المغربية إلغاء محاكمة علي أنزولا وإصلاح القوانين القمعية بما يجعلها تتناسب مع تأكيد دستور 2011 على حرية التعبير وحرية الصحافة. ويجب أن تؤدي تنقيحات قانون الصحافة، والقانون الجنائي، وقانون مكافحة الإرهاب إلى إلغاء عقوبة السجن في قضايا "التشهير"، وجميع الأشكال الأخرى للتعبير غير العنيف، وذلك تمشيًا مع التأكيد على الحق في حرية التعبير الوارد في دستور 2011". احترام الحقوق المدنية في الصحراء وتؤكد المنظمة أن السلطات المغربية "تفرض قيودًا على مناقشة الصحراويين لحقهم في تقرير المصير بوسائل تشمل قوانين تحظر التشكيك في سيادة المغرب على الصحراء الغربية". ويتعين على المغرب إلغاء القوانين التي تجرم الدعوة إلى حق الصحراويين في تقرير مصيرهم، والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم، والتظاهر السلمي، وتكوين الجمعيات بغض النظر عن توجهاتهم السياسية. ويجب على السلطات بشكل خاص منح اعتراف قانوني للجمعيات التي يقودها نشطاء صحراويون، مثل الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان. حماية الأطفال العاملين كعمال منازل بشكل غير قانوني وبخصوص تشغيل الأطفال، لاحظت المنظمة أن الحكومة اقترحت منذ ست سنوات مشروع قانون لتوسيع حقوق العمل لعاملات المنازل، "ولكن لم يتم تبنيه بعد. وفي غياب هذا القانون، لا تتمتع عاملات المنزل بالحق في حد أدنى من الأجر، وبراحة أسبوعية، أو تحديد عدد ساعات العمل. إضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن آلاف الأطفال يعملون في المنازل الخاصة كمعاملات منازل، أو "خادمات صغيرات"، وهو ما يعتبر انتهاكًا للقانون المغربي الذي يمنع تشغيل الأطفال دون 15 سنة". وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن فتيات لا تتجاوز أعمارهن ثماني سنوات يعملن إلى حدود 12 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع، براتب لا يتجاوز 100 درهم في الشهر. كما يتعرض بعضهن إلى الضرب، ويمنع الكثير منهن من الذهاب إلى المدرسة. ويتعين على المغرب في هذا الإطار تبني قانون شامل يُعزز حقوق العمل لعاملات المنازل، وتعديل النسخة الحالية لمشروع القانون لضمان تناسبه مع اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن عاملات المنازل لسنة 2011 (الاتفاقية 189). كما يتعين على السلطات أن تلتزم بدقة بسن 15 سنة كحد أدنى للعمل، بما في ذلك العمل في المنازل، وإنشاء منظومة فعالة لتحديد وإنهاء عمل عاملات المنازل اللاتي يعملن بشكل غير قانوني والمعرضات إلى الانتهاك، وضمان تقديم المساعدة الملائمة لهن، وإرجاعهن إلى المدارس. التعاون مع خبراء الأممالمتحدة الذين عينهم مجلس حقوق الإنسان زار المغرب في السنوات الأخيرة العديد من خبراء الأممالمتحدة، ووافق المسؤولون على تنظيم مزيد من الزيارات، لم يتم تحديدها بعد، لثلاثة مقررين (معنيين بالسكن اللائق، والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، والصحة). ويتعين على المغرب مواصلة تعاونه مع مجلس حقوق الإنسان بالإسراع في تنظيم هذه الزيارات، والاستجابة بشكل فوري لطلب زيارة المقرر الخاص المعني بحرية تكوين الجمعيات والتجمع المعلق منذ 2011. في وقت سابق من هذا الأسبوع، كتب أكثر من 40 من منظمات المجتمع المدني إليكم وإلى كافة الدول الأعضاء الآخرين بالأممالمتحدة للتأكيد على أهمية هذا الالتزام، وتوقعاتهم بالنسبة إلى الدول الساعية إلى أن يتم انتخابها في المجلس. وتؤكد هيومن رايس ووتش أن الانتخابات القادمة لمجلس حقوق الإنسان "تمنح فرصة هامة للمغرب كي يبرهن عن تطور التزامه بمعالجة بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان".