أمن طنجة يوقف شخصًا اعتدى على متشرد.. والمواطنون يطالبون بعدم الإفراج عنه رغم شهادة اضطراب عقلي    الكعبي وأوناحي يتألقان في اليونان    طنجة.. الأمن يوقف لصين ظهرا في فيديو يوثق محاولة سرقة وسط المدينة    "أسود القاعة" يتوجون بلقب الدوري الدولي بعد فوز مثير على البرتغال    حملات شرسة بطنجة .. الجريمة تحت الحصار    "الأشبال" يستعدون للقاء كوت ديفوار    طنجة تستعد ل"كان 2025″.. انطلاق أشغال توسعة الطرق المؤدية إلى الملعب الكبير    المنتخب الوطني المغربي في المجموعة الثانية برسم منافسات كأس الإمم الإفريقية لأقل من 20 سنة لكرة القدم    الجيش ينفرد بوصافة البطولة المغربية    مقاييس التساقطات المطرية خلال ال24 الساعة الماضية.. وهذه توقعات الإثنين    مهرجان فاس في قلب برشلونة    تأنيث ضمير اللغة    اختراق رقمي يهز المواقع الرسمية .. والمغرب 24 في قلب العاصفة السيبرانية    القفز على الحواجز.. الغالي بوقاع يفوز بجائزة ولي العهد الأمير مولاي الحسن    حمزة إيغامان يقود ريمونتادا رينجرز أمام أبردين    إحداث مراكز الدراسات بسلك الدكتوراه في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة ابتداء من الموسم الجامعي المقبل    رغم الأمطار.. آلاف المغاربة في مسيرة من أجل فلسطين والتأكيد على وحدة التراب الوطني    الجزائر تدافع عن مشتبه به في جريمة محاولة اغتيال... وتتهم الآخرين بالتآمر    علماء ودعاة مغاربة يُدينون رسوّ سفن أمريكية تحمل عتادًا موجّهًا للاحتلال الإسرائيلي    اسبانيا .. تفكيك شبكة تهرب المهاجرين من المغرب إلى إسبانيا عبر رومانيا    مندوبية السجون تنفي صحة مزاعم وردت على لسان السجين السابق (ع. ر)    تحقيق دولي لواشنطن بوست يكشف: إيران جنّدت مقاتلي البوليساريو في سوريا لتهديد أمن المغرب    الاعتداء الخطير على بعثة "المينورسو" في تيفاريتي يدفع للتعجيل بتصنيف بوليساريو على قائمة الارهاب الدولي    إدريس لشكر بدون لغة خشب : «وطنيتنا هي التي تملي علينا مواقفنا»    اللجنة المشتركة المغربية العمانية: شراكة متجددة تعكس عمق العلاقات الثنائية    تافراوت : مجهودات جبارة لرجال الوقاية المدنية ساهمت في إنجاح النسخة ال 12 لمهرجان اللوز    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    مؤشر الحرية الاقتصادية 2025.. غياب النزاهة الحكومية وتصلب سوق الشغل يُفرملان نمو الاقتصاد المغربي    المغرب يطلق مبادرة إنسانية جديدة لدعم الأطفال الفلسطينيين في غزة والقدس    وفاة أستاذة أرفود متأثرة بإصابتها بعد الاعتداء الشنيع من طرف أحد طلابها    قطاع مكافحة سوء التغذية يحذر من «كارثة»    في ورقة لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي .. مرسوم دعم المقاولات الصغيرة خطوة تعيقها معضلات التوزيع والبيروقراطية وهذه توصياته    في قبضة القصيدة الأولى: ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    بينبين مستاء من تغييب وزارة الثقافة له خلال معرض الكتاب بباريس    الصين تدعو الولايات المتحدة الى "إلغاء كامل" للرسوم الجمركية المتبادلة    عبد الوهاب الدكالى يعود بجمهور الرباط إلى الزمن الجميل    مكتب الصرف يحقق في تهريب العملة من طرف منعشين عقاريين    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    درهم واحد قد يغير السوق : المغرب يشدد القيود على واردات الألواح الخشبية    محاميد الغزلان ترقص على إيقاعات الصحراء في اليوم الثالث من مهرجان الرحل    من خيوط الذاكرة إلى دفاتر اليونسكو .. القفطان المغربي يعيد نسج هويته العالمية    'واشنطن بوست': إيران دربت مسلحين من البوليساريو وسوريا تعتقل المئات منهم    المغرب وسلطنة عمان يؤكدان عزمهما على تطوير تعاونهما في شتى المجالات    الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية–العمانية تُتوّج بتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات متعددة    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى        المغرب يستقبل 4 ملايين سائح في الربع الأول من 2025    تحسن ملحوظ في نسب امتلاء سدود المغرب مقارنة بالعام الماضي    مسرحية ديموغرافية بإخراج جزائري: البوليساريو يخدع الأمم المتحدة    مستقبل الصحافة في ظل التحول الرقمي ضمن فعاليات معرض GITEX Africa Morocco 2025    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية الصحراء .. تقييم أداء الدبلوماسية المغربية

لا يمكننا إلا أن نعتبر أن النضال الوطني كان رائدا في العمل على استكمال الوحدة الترابية، وقد لا نجد وصفا يليق بمقام رجالات الحركة الوطنية غير وصفهم برسل الحرية والسلام والتحرير. حيث اعتمد رجالات الحركة الوطنية على كل الأساليب المشروعة للتحرير، فلجأوا إلى المقاومة والكفاح المسلح إلى أن تم إجبار فرنسا على الجلوس إلى طاولة التفاوض فكان إبرام اتفاقية إيكس ليبان التي بمقتضاها عاد الملك محمد الخامس من المنفى في نونبر 1955، والتوقيع على اتفاقية مغربية فرنسية وضعت حدا لنظام الحماية الفرنسية في 2 مارس 1956. وكذا إلغاء الحماية الإسبانية في المنطقة الشمالية في أبريل من نفس السنة، وانسحبت من منطقة سيدي إفني سنة 1969.
وبفضل رجال الحركة الوطنية أصبح المغرب بلد الملاحم التاريخية، بتاريخ حافل بالعديد من اللافتات المضيئة في تاريخ المقاومة، وصار مدرسة في الكفاح والنضال استرشدت به العديد من الأمم. إلا أن هذا المسار لا يزال يطرح الكثير من الجدل بشأنه كخيار استراتيجي لاستكمال الوحدة الترابية، سيما بعدما تعثر في حل نزاع الصحراء ووضع المدينيتن السلبيتين وغيرها من ملفات الوحدة الترابية.
وبناء عليه، فإن استراتيجية التفاوض لاستكمال الوحدة الترابية من حيث هي خيار استراتيجي انتهجه المغرب وأجمع عليه المغاربة، فإن يطرح أسئلة قوية حول فشل الدبلوماسية المغربية حينما لم تستطع تحقيق مكاسب ترابية منذ تدويل قضية الصحراء واستمرار السكون عن المدينتين المحتلتين. مما يستدعي من الدبلوماسية المغربية تطويرا هيكليا لها سواء على مستوى الرؤية أو الأداء العملي.
1- خيار التفاوض لاستكمال الوحدة الترابية
لقد تحكمت رؤية السلم والأمن في فلسفة استكمال الوحدة الترابية، ولذلك ساد نهج المفاوضات، وهو ما يتلمس في خطاب الملك محمد الخامس بمحاميد الغزلان في 25 فبراير 1958 حين قال: "سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ".
وفقا لذلك تحفظ المغرب إزاء مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وقام بعرض مسألة الصحراء على أنظار محكمة العدل الدولية في سنة 1974، فاستنتجت خلاصات من قبيل وجود روابط البيعة بين سكانها وملوك المغرب لكن لم يكن ذلك كافيا للتسليم بسيادة المغرب عليها أمميا، فتم تدويلها.
وأمام اصرار المغرب على تأكيد سيادته على الأقاليم الجنوبية دعت بجلالة الملك المغفور له الحسن الثاني إلى تنظيم المسيرة الخضراء في خطاب مراكش في 16 أكتوبر 1975 وفي 6 نوفمبر 1975 أعطى إشارة انطلاق المسيرة الخضراء، فكان جلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء بعد استرجاع وادي الذهب إلى حظيرة الوطن في 14 غشت 1979.
وإذا كان نضال الحركة الوطنية قد قاوم مشروع تقسيم المغرب إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الإسبانية بشماله وجنوبه٬ فيما خضعت منطقة طنجة لنظام حكم دولي٬ فإن واقع اليوم يطرح علينا تساؤلات جدية حول مدى قدرتنا على إفشال مشروع الخصوم في تجزئ أراضي المغرب وعرقلة مشروع استكمال وحدته الترابية.
2- أي مستقبل تفاوضي لاستكمال الوحدة الترابية؟
وإذا كان المغرب ورجالات الحركة الوطنية قد وضعوا أسلحتهم وراهنوا على مبدأ خذ وناضل. إلا أنه بعد مسار من المفاوضات الطويلة تأكد بأن أمر استكمال الوحدة الترابية المغربية بات صعبا للغاية، بل وبات يطرح تساؤلات هيكلية تتصل بمدى قدرتنا على التسريع بحل القضايا الترابية في الجهة الجنوبية والجهة الشرقية والجهة الشمالية.
وعليه، فإن واقع حال دبلوماسيتنا فيما يخص استكمال الوحدة الترابية اليوم بات عاجزا للتقدم بخطوات سريعة، وفي ذلك تداعيات خطيرة على عناصر القوى السياسية والسيادية للمغرب بما فيها هيبة القوى الأمنية والقوى العسكرية والقوى الفكرية والدينية للمملكة في المنطقة. بل ويضعف من هيبتها في البيئة الخارجية أي في نطاق العلاقات الدولية، وفي ذلك إضعاف لدور المغرب داخل المنظومة الإقليمية عسكريا واقتصاديا وبشريا ....
وإذ نحن لم نستوعب بعد واقع الصدمة على مستوى تدبير المفاوضات تحت إشراف كريستوفر روس المبعوث الأممي إلى الصحراء، فإن لذلك الكثير من التداعيات التي ستُهد مرجعية سياسية ومجتمعية كثيرا ما تم تضخيمها رسميا بأنها ابداع مغربي أصيل. مرجعية كانت قد حسمت الجدل التاريخي بين القصر وجيش التحرير وأقطاب الحركة الوطنية المغربية حيال أسلوب تحقيق الإستقلال، فكان أن استطاع المخزن آنذاك الانتصار لمبدأ "خذ وناضل" أي استكمال الوحدة الترابية على أساس التفاوض وبالتدرج.
والحالة هذه، يمكننا القول بإن الجيل الراهن قد وجد نفسه مثقلا بإرث اختيار بات متهما بأنه غير ناجع لاستكمال الوحدة الترابية، مما يجعل مستقبل هذا الجيل مرهونا بالكثير من التحديات لاستكمال الوحدة الترابية في الجنوب المغربي وفي شماله (استرجاع المدينيتن السليبتين سبتة ومليلية والجزر الجعفرية)، والمطالبة بأجزاء في الصحراء الشرقية التي تسيطر عليها الجزائر كمناطق القنادسة وبشار وتندوف ...
3- واقع الدبلوماسية المغربية لاستكمال الوحدة الترابية
إن المؤكد عمليا أن واقع استكمال الوحدة الترابية باتت تتدخل فيه العديد من الإعتبارات نتيجة عمليات التغيير السريعة التي تطال بينة العلاقات الدولية، وما يترتب عن ذلك من تغيير المقولات المؤطرة لطبيعة الحدود والنفوذ الاستراتيجي، ولذلك يسجل اليوم صعوبات حل العديد من القضايا الحدودية المطروحة أمام الأمم المتحدة، ففي كثير من الحالات وقف المنتظم الدولي عاجزا في إيجاد تسوية لعدد من القضايا التراتبية.
ولم تعد الجغرافيا دليلا على التبعية الترابية للأقاليم، ولا الخرائط الموروثة عن الاستعمار، وهي كلها تداعيات أخرى أربكت واقع البحث عن حلول لعدد من النزاعات الدولية، ولذلك تعمل الأمم المتحدة على الإبقاء الأوضاع على ما هو عليه، كما هو الحال بالنسبة لأزمة جزيرة ليلى بين المغرب واسبانيا وكذا واقع المدينتين السليبتين سبتة ومليلية، وكما هو الحال بالنسبة لوضع ممر جبل طارق بين بريطانيا واسبانيا.
إلى أن هذا لا يعفي دبلوماسيتنا من الأخطاء التي تواصل ارتكابها في التعامل مع قضايا الوحدة الترابية، ولا سيما فيما يخص قضية الصحراء بعد إدارتها ترابيا ما يقرب من أربعة عقود، دون أن توجد واقعا جديدا يؤمن بحتمية الانتماء الوطني، فضلا عن عجز في تدبير إدارة الأزمة بعد أن دولها المغرب في الأمم المتحدة.
ويمكننا الوقوف على معالم تراجع الأداء الدبلوماسي المغربي على الساحة الدولية منذ إقرار شعار "تازة قبل غزة"، حيث اختار الملك الاهتمام بالقضايا الداخلية مع التقليص من حضور اللقاءات والقمم الدولية. وما رافق ذلك من تداعيات فسح المجال أمام تمدد دبلوماسية الجزائر والبوليساريو حيث صارت تحظي بتعاطف دولي متزايد في منطقة الاتحاد الأوربي، ومنها اعتراف البرلمان السويدي بالبوليساريو ورفع توصية إلى البرلمان الألماني للإعتراف بالبوليساريو فضلا عن قرار البرلمان الأندلسي الأخير الذي أكد على "التزامه بحرية ما أسماه الشعب الصحراوي وتعاونه مع ممثل جبهة البوليساريو"، وكذا في حملة التأييد للمراقبين الدوليين والصحفيين والحقوقيين والنواب الأوربيين لزيارة الصحراء بعيد صدور القرار الأممي الأخير رقم 2099 بشأن نزاع الصحراء.
إن الدبلوماسية المغربية الرسمية وبالنظر إلى ماراكمته من سوء تدبير ملف الوحدة الوطنية رغم جعلها القضية الوطنية الأولى على امتداد الحكومات المتعاقبة، فإنها لا تمتلك تصورا استراتيجيا يتجدد بحسب التغييرات والتحولات التي تطرأ على العلاقات الدولية مدا وجزرا، حيث تنهج الإحتفاظ بالمكاسب إلى أن تتوضح الصورة.
فقد تأكد بعد سنتين من خروج وزارة الخارجية مما كان يسمى بوزارة السيادة، بأن الدبلوماسية المغربية تقيم تحركاتها على أساس الحفاظ على المكاسب، واستثمارها بما يخدم الموقف التفاوضي المغربي، وحصر مجال دبلوماسية البوليساريو من أن لا تتمدد، وقد عكس التوزيع الجغرافي للتمثيل الدبلوماسي المستقبلي للبوليساريو ذلك، حيث تأكد بأن استراتيجية الجبهة ستروم هي الأخرى للحفاظ على دعم أطروحتها في المناطق التقليدية المرتبطة بالجزائر إيديولوجيا أو عبر الارتباط النفطي استهلاكا أو في منظمة الأوبك، فنيزويلا نموذجا.
4- الدبلوماسية المغربية وفشل العودة إلى الاتحاد الإفريقي
وإن كانت الدبلوماسية المغربية قد استطاعت أن تغيير من رؤية المنتظم الدولي لقضية الصحراء، حيث يتم الآن اعتبارها جزء أساسيا من الأمن القومي والإقليمي في المنطقة، وخاصة على الأمن المغاربي، حتى أن الدول الأوربية لا تقبل بأن تكون جارتها شمال افريقيا منطقة رخوة على المستوى الأمني والاقتصادي. وهي بذلك ترى في الوحدة الترابية المغربية أهم ركائز تأمين حدودها، وترى أن تعزيز خيارات استقلال الصحراء سيهد الامن القومي في منطقة المغرب العربي وفي منطقة الساحل والصحراء.
والى حدود الآن لم تستطع البوليساريو تعويض ضلعي مثلثها الذهبي الداعم لها نظام معمر القدافي المقبور وجنوب افريقيا بعد خروجها من مجلس الأمن الدولي لصالح المغرب عضويته غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي، وهو ما زاد من اثقال كاهل الدبلوماسية الجزائرية. ثقل حاولت الجزائر تعويضه عبر تقارب مع موريتانيا لعرقلة الامتداد الجيوسياسي للمغرب بالصحراء نحو العمق الإفريقي.
وظهر ذلك في تقليص البوليساريو تمثيليتها الدبلوماسية، إلا أنها بالمقابل زادت من تركيز فعالية دبلوماسيتها على اسبانيا مستفيدة من الدعم المالي والإعلامي الذي يوفره لها الجانب الاسباني. ذلك أن زيادة تكثيف اهتمامها الدبلوماسي على اسبانيا، يأتي من مدخل ارتباط اسبانيا بالصحراء كدولة مستعمرة، ولأنها عضو أساسي في مجموعة دول أصدقاء الصحراء "الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ناقص الصين زائد اسبانيا"، ولأن لها تأثير ثقافي وسياسي على العديد من دول أمريكا اللاتينية حيث تؤيد العديد منها موقف البوليساريو.
إن الدبلوماسية المغربية على الرغم من التحولات العميقة التي شهدتها إفريقيا بعد الربيع العربي، لم تستطع تحقيق اختراق دبلوماسي من جديد يضعف الموقف التفاوضي للبوليساريو داخل منظمة الاتحاد الإفريقي، وهو ذات الوضع بالنسبة لعدم تحقيق مزيد من اختراق عدد من الدول المؤيدة للبوليساريو في دول أمريكا اللاتينية.
فلم تستفد الدبلوماسية المغربية بما يمنحه لها صفة الوضع المتقدم لدى الاتحاد الأوربي من إمكانيات لتقوية الموقف المغربي داخل الإتحاد الإفريقي. كما أنه على الرغم من أن المغرب يعد ثاني دولة مستثمرة في إفريقيا إلا أن لم نشهد تطورا لدعم المغرب في العودة إلى منظمة الإتحاد الإفريقي، لاسيما وأن هذا التنظيم الذي خرج منه المغرب في سنة 1984 بعد القبول بعضوية جبهة البوليساريو.
5- الدبلوماسية المغربية وتوالي فشل تدبير ملف الصحراء أمميا
ففي الوقت الذي استطاعت فيه دبلوماسية البوليساريو والجزائر تحقيق العديد من المكاسب السياسية عبر ضغوط الورقة الحقوقية، أفقد المغرب موقعه النموذجي في العالم العربي والشرق الأوسط كدولة تسير نحو البناء الديموقراطي.
وإذ نستحضر تأكيد قيادات جبهة البوليساريو أنها لن تدخل المفاوضات حول الصحراء مرة أخرى، ما لم تبدأ هذه المفاوضات من حيث انتهت الاجتماعات غير الرسمية السابقة، فإن ذلك يعني أن الجبهة حققت تفوقا على الدبلوماسية المغربية في مفاوضات النهج المبتكرة التي أسس لها كريستوفر روس.
ولقد فشل المفاوض المغربي أمام مفاوض الجزائر والبوليساريو خلال الإجتماعات غير الرسمية على أساس الورقة الحقوقية، وهو ما رفع من تأثير هذه الورقة على الموقف التفاوضي المغربي، مما استدعى الضغط الدولي نحو توسيع صلاحيات المينورسو لولا الفيتو الفرنسي خلال تقرير الأمين العام حول الصحراء لأبريل 2012.
وأمام هذه التطورات قررت الدبلوماسية المغربية بدون تدقيق إعلان قرار سحب الثقة من كريستوفر روس، حيث لم تستطع إقناع الأمم المتحدة ولا الولايات المتحدة الأمريكية بشأن عدم حياديته ونزاهته في تدبير مسار المفاوضات غير الرسمية، وكلفنا ذلك جزء أساسيا من هيبة الدولة، وتم إجبار المغرب على قبول زيارته الخاصة إلى الصحراء ولأول مرة.
ففي ظل فشل المغرب إيجاد ترياق للتحدي الحقوقي في الصحراء فذلك راجع في بسط الديموقراطية المحلية وبحث سبل العدالة الإجتماعية.
ولأن الدبلوماسية المغربية لم تستطع طرح ذات الإحراج على مفاوضي البوليساريو، فإن الجبهة ستواصل العمل على "استراتيجية الإنهاك" خلال المفاوضات المقبلة لإطالة أمد الصراع حول الصحراء، حتى تنال من المغرب تنازلات قوية عبر إكراه ورقة حقوق الإنسان، أي بعدما يصبح احتفاظ المغرب بالسيادة على الأقاليم الجنوبية كحامل لجمرة ملتهبة بين يديه.
إن اقتراح أمريكا العضو الدائم في الأمم المتحدة مبادرة توسيع صلاحيات المينورسو في الصحراء وبعدما رفضت فرنسا رفع ورقة الفيتو، كل ذلك كشف عن هشاشة التحالف الاستراتيجي الدولي لشبكة علاقات المغرب، وفشل بنية دبلوماسيته التي عاشت على وقع الصدمة من مبادرة أمريكا ضد حليفها الاستراتيجي المغرب.
كما أن خيبة الدبلوماسية المغربية تجلت أيضا في عدم استكمال مسلسل سحب الإعتراف من ما يسمى بجمهورية البوليساريو، بل إن البرلمان السويدي أقر توصية تدعو حكومة بلاده الى الإعتراف بما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية"، وهو ما شكل أكبر نصر سياسي للجزائر وجبهة البوليساريو خلال سنة 2012، ولاسيما حينما نقدر التداعيات المترتبة عن ذلك، حيث تعتبر السويد دولة مؤثرة داخل الاتحاد الأوربي. وبعده تم إدراج ذات التوصية أمام البرلمان الألماني لكن لم تتم المصادقة عليها بفارق أصوات قليلة.
وتقوى تأثير دبلوماسية الخصوم بعد حفل الاستقبال الرسمي للرئيس الإيرلندي "ميكل دي هيغر" لمحمد عبد العزيز "المراكشي" ك"رئيس دولة" انتعاشة أخرى لوجود دولة الجمهورية العربية الصحراوية لدى المنتظم الدولي.
وأمام هذه التحديات لم يسجل على الدبلوماسية المغربية أي تطوير بل تم إستدعاء شخصيات متقاعدة لتنصيبهم من جديد سفراء للمملكة في العديد من الدول ذات التأثير القوي في ملف نزاع الصحراء.
وإذ نحن نبسط هذه القراءة التقييمية لمسار تطور الدبلوماسية المغربية نحو استكمال وحدتنا الترابية، فإن في ذلك تنبيه للوقوف على حجم التحديات التي يعرفها الموقف التفاوضي من نزاع الصحراء، وهو ما يقتضي الكثير من التعبئة الرسمية والمدنية لربح معركتنا المصيرية.
٭قدم الدكتور عبد الفتاح الفاتحي هذه الدراسة خلال أشغال الذكرى الستين لثورة الملك والشعب التي نظمتها المنظمة المغربية للمواطنة والدفاع عن الوحدة الترابية بفندق رويال منصور بالدارالبيضاء يوم 25 غشت 2013، تحت عنوان: "استرجاع الصحراء بين النضال الوطني والحسم الدبلوماسي".
++ في الصورة الطيب الفاسي الفهري مستشار الملك محمد السادس في الشؤون الدبلوماسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.