أثار قيام جمعية محلية بولاية البليدةالجزائرية، بتنظيم حملة لتحجيب الفتيات صغيرات السن، جدلاً في الشارع الجزائري، بين من يرى أنه دعوة للحشمة وبين من يرى أنه "إرغام على سلوك ديني لا تفهمه الفتاة صغيرة السن". وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "الشروق" الجزائرية، أن جمعية "الدعوة" بولاية البليدة، تواصل حملتها لتحجيب الفتيات أقل من 15 سنة للعام الخامس على التوالي، وسط انتقادات عدد من الجمعيات النسائية والمختصين الذين يرون في هذه المبادرة حرمانا للفتاة من ممارسة طفولتها وإساءة للحجاب أكثر من الترويج له. ويرى أصحاب المبادرة أنهم يعملون على نشر العفة وسط الفتيات خاصة وأن حملتهم جاءت بمشاركة الداعية نبيل العوضي كما أنهم ساهموا في تحجيب قرابة 300 فتاة أقل من خمس سنوات. وفي هذا السياق، أوضح الأمين العام لجمعية "الدعوة" السيد هشام بن خودة أن مشروع العفة الذي يقوم على تحجيب الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 10و15 سنة دخل عامه الخامس بعدما نجح في تحجيب قرابة 300 فتاة خلال الأعوام الماضية. وأضاف أن المشروع هذا العام أخذ بعدا وطنيا ولقي دعما من عدد كبير من الدعاة داخل وخارج الوطن، أهمهم الداعية الكويتي نبيل العوضي الذي أكد أنه سيحضر حفل "العفة" الذي سيقام يوم 12 أبريل بولاية البليدة حيث ستستفيد جميع الفتيات اللواتي سجلن في المشروع من حجاب مجاني. وعن طبيعة المشروع، أكد المتحدث أنه يحتوي على خبراء اجتماعيين ونفسانيين يقومون بالتحدث مع الفتاة لقياس مدى اقتناعها بارتداء الحجاب. وأضاف أن العملية لا تقوم على فرض الحجاب على الفتيات الصغيرات بل تعتمد على الإقناع التدريجي بمساهمة مختصين ودعاة وإشراك الأولياء. وأضاف أن كل فتاة تسجل في المشروع تقوم بملء استمارة تقيّم مدى فهمها لطبيعة الحجاب. وبالنسبة إلى الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب يتم تسجيلهن في الجمعية ويتم متابعتهن بعد ذلك. وفيما يتعلق بسن الفتيات اللواتي استهدفهن المشروع، قال بن خودة إنه كان من قبل محددا من سن الثامنة إلى سن الثالثة عشرة، وبعد ذلك اعتمدت الجمعية على مختصين في علم النفس والاجتماع، وهم من حدد السن ما بين 10 و15 سنة. وقال المتحدث إن مشروع العفة استهدف أيضا الجامعيات تحت مبدأ "تصحيح الحجاب" ونجح في إقناع أزيد من 100 جامعية على تصحيح حجابها بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية. باحث: لا يمكن إقناع فتاة أقل من 18 سنة بارتداء الحجاب ومن جهته، أكد الأستاذ يوسف حنطابلي المختص في علم الاجتماع من جامعة البليدة أن مشروع العفة الذي أطلقته جمعية الدعوة، مبادرة طيبة بحاجة إلى إرشاد، لأنها تقوم على أسس اجتماعية ودينية خاطئة تحمل انعكاسات ونتائج سلبية في المستقبل. وأضاف أن الجمعية تقوم على إقناع الفتاة بارتداء الحجاب من طرف مختصين، وهذا أمر خاطئ لأنه لا يمكننا إقناع طفلة في عمر 10 سنوات أو 15 سنة بارتداء الحجاب لأنها لم تصل بعد إلى سن الرشد وعقلها لم يكتمل لإدراك الغاية الكبرى من الحجاب. وتساءل المتحدث: "كيف تنظر الجمعية إلى الحجاب؟ هل هو لباس ديني يخضع لشروط تعتمد على المظهر أم الأخلاق؟." وأضاف الأستاذ حنطابلي أن الأولياء الذين يلزمون بناتهم بلبس الحجاب في هذا السن يعتمدون على مبدأ الترويض وليس الإقناع. وهذا ما تسبب في ظهور الحجاب السلبي الذي نراه في شوارعنا وجامعاتنا حيث تعمل الفتاة على تغطية شعرها وتهمل ستر باقي جسمها. وأضاف المتحدث أن التعامل السليم مع فتيات في هذا العمر يعتمد على الإقناع عن طريق القدوة التي يجب أن يتحلى بها الأولياء الذين يجب أن يعطوا صورة حية للأخلاق الإسلامية خاصة بالنسبة إلى الأم التي يجب أن تمثل المرأة المتحجبة أحسن تمثيل وهذا ما يجعل البنت تتأثر وتلجأ إلى ارتداء الحجاب بنفسها في سن معينة، يمكن أن تتقدم أو تتأخر. شائعة جعفري: حرام إرغام فتاة بعمر الزهور على ارتداء الحجاب وفي سياق متصل، قالت السيدة شائعة جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة إن المشروع الذي أطلقته جمعية الدعوة، يحمل نوايا حسنة ولكنه يضر الفتاة أكثر مما ينفعها، لأن الحجاب الذي يجب أن ترتديه فتيات الجزائر هو حجاب الطهارة والحياء والأخلاق والتستر، وليس حجاب الشكل الذي يعتمد على ستر الجسم فقط. وأضافت أنه كان من الأجدر على الجمعية أن تعتمد على سياسة التدرج مع الفتيات من أجل ارتداء الحجاب وذلك بتربيتهن على الحياء والتستر والأخلاق الحميدة والعلم، والحجاب بعد ذلك يأتي كنتيجة لا يجب ربطها بسن معينة. وقالت المتحدثة إن 80 بالمائة من الفتيات اللواتي يفرض عليهن الحجاب في الصغر يتخلين عنه بشكل تدريجي حتى يصبح عبارة عن "فولارة تغطي الرأس فقط"، ودعت السيدة جعفري أولياء أمور الأطفال إلى الاعتماد على أسلوب القدوة الذي يعتبر من أكثر الأساليب تأثيرا على الأطفال.