يشكل وصول إيرلندا الى رئاسة الاتحاد الأوروبي تحديا حقيقيا في علاقات المغرب بهذا التكتل بحكم أن إيرلندا تعتبر من أكبر المدافعين عن البوليزاريو وسط العائلة الأوروبية والمعارضة الرئيسية لتجديد اتفاقية الصيد البحري، ويخالج الرباط القلق لكنها في الوقت ذاته لا تقدم على مبادرات دبلوماسية. وترأست الدنمرك الاتحاد الأوروبي في يناير من سنة 2012، ووقتها أكدت استبعاد تجديد اتفاقية الصيد البحري التي ألغاها البرلمان الأوروبي يوم 14 كانون الاول (ديسمبر) 2011 متذرعا بضمها مياه الصحراء الغربية التي يوجد عليها نزاع. وطيلة فترة رئاسة قبرص للاتحاد ما بين حزيران (يونيو) وكانون الاول (ديسمبر) الماضيين لم ينجح المغرب في انتزاع اتفاقية صيد بحري تتضمن مياه الصحراء. وسيتكرر السيناريو نفسه مع إيرلندا حيث من المستبعد التوصل الى اتفاق لتجديد الاتفاقية يومي 15 و16 كانون الثاني (يناير) الجاري في اجتماع الطرفين في العاصمة الرباط. وهذه هي الجولة الرابعة بدون نتائج تذكر حتى الآن. وشهدت العلاقات الأوروبية المغربية برودة طيلة سنة 2012 وقد تشهد برودة أكثر خلال النصف الأول من السنة الجارية نتيجة رئاسة إيرلندا للاتحاد الأوروبي بحكم رؤية إيرلندا للمغرب وتأثير الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية في بعض القرارات وخاصة ترتيب الأجندة. ومن ضمن العناصر التي تؤكد قلق المغرب أن زعيم البوليزاريو محمد عبد العزيز قد حل بإيرلندا خلال أكتوبر الماضي، واستقبله رئيس هذا البلد مايكل هيغنز في أول استقبال يحظى به على مستوى الرئاسة في دولة غربية. في الوقت نفسه، تعهد له وزير الفلاحة والصيد البحري سيمون كوفيني بمعارضة أي اتفاقية صيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي تتضمن مياه الصحراء. وفي الوقت ذاته، تصر بريطانيا على لسان وزيرها إيامون غيلمور على عدم استفتاء تقرير المصير وضرورة تولي قوات المينورسو في الصحراء الغربية مراقبة حقوق الإنسان. وبهذا تحولت إيرلندا الى صوت قوي للبوليزاريو في الاتحاد الأوروبي، ورغم قوتها المتوسطة مقارنة مع دول كبرى مثل فرنسا واسبانيا إلا أنها قد تحشد دعم دول أوروبا مثل الدنمارك والسويد في اشتراط حقوق الإنسان ونزاع الصحراء في الاتفاقيات التي سيوقعها الاتحاد الأوروبي مع المغرب ومن ضمنها اتفاقية الصيد البحري. ويعود دعم إيرلندا للبوليزاريو الى عاملين، دينامية هذه الحركة في أوروبا خلال السنتين الأخيرتين والتي توجت باعتراف البرلمان السويدي بما يسمى 'الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية' خلال الشهر الماضي، ثم دعم إيرلندا للحركات التي ترغب في الانفصال أو الاستقلال في العالم. ومما يسهل عمل البوليزاريو. ولم يبادر المغرب خلال الشهور الأخيرة بنهج أي استراتيجية في محاولة منه لخلق توازن مع البوليزاريو أو التعريف بموقفه، علما أن الكثير من السياسيين والبرلمانيين يعربون عن قلقهم مما يجري في دول شمال أوروبا من دعم قوي للبوليزاريو.