يبرز عدد من المؤشرات أن البرلمان الإيرلندي سيكون الثاني في أوروبا الذي سيقدم على الاعتراف بالبوليزاريو كجمهورية في القريب العاجل بحكم سياسة الجفاء التي تتبناها دبلن تجاه المغرب وكذلك بسبب الطبيعة الجمهورية وتأييد حركات تقرير المصير في العالم. ورغم كل هذه التطورات لم تقدم دبلوماسية الرباط على أي رد فعل بما في ذلك التعليق رسميا على اعتراف البرلمان السويدي الأسبوع الماضي بالصحراء الغربية كجمهورية. وعلاقة بالنقطة الأخيرة، لم تصدر وزارة الخارجية المغربية أي بيان رسمي يعلق على قرار البرلمان السويدي، وكان الرد الرسمي هو الصادر عن الناطق باسم الحكومة، مصطفى الخلفي الذي انتقد القرار واعتبره بدون تأثير لأن الحكومة السويدية أكدت عدم الاعتراف بالبوليزاريو. لكن يبدو أن عدوى الاعتراف بما يسمى 'جمهورية الصحراء' على شاكلة البرلمان السويدي قد تتكرر في إيرلندا مع بداية السنة المقبلة، وفق المعطيات السياسية المتوفرة من مصادر سياسية عليمة بالملف وكذلك لمؤشرات قوية في هذا الصدد. إذ أكدت مصادر سياسية أوروبية أن البرلمان الايرلندي سيذهب في هذا المنحنى في القريب العاجل قبل برلمانات أخرى مثل فلندا والنروج. وتؤكد هذه المصادر لجريدة 'القدس العربي' أن 'إيرلندا هي الدول الأوروبية رفقة فنلندا الأكثر جفاء تجاه المغرب، إذ تكشف محاضر المجالس الخاصة بمختلف اجتماعات الأوروبيين أن فنلندا وإيرلندا تتصدران لائحة الرفض أو التحفظ في الكثير من الملفات المرتبطة بالمغرب في الشق السياسي والاقتصادي والاجتماعي'. وسجلت إيرلندا أول سابقة في التعاطي مع حركة البوليزاريو عندما استقبل رئيسها مايكل هيغنز من حزب العمال زعيم البوليزاريو محمد عبد العزيز يوم 25 تشرين الاول (أكتوبر) الماضي في دبلن (الصورة)، كما التقى في الزيارة نفسها كلا من وزير الخارجية إيان جيلمور ووزير الزراعة والصيد البحري سيمون كوفيني علاوة على زعماء أحزاب المعارضة وعلى رأسهم زعيم حزب مايكل مارتين والسياسي الشهير جيرمي آدمز عن حزب شين فين. وتعهدت إيرلندا لزعيم البوليزاريو بمنع أي اتفاقية تضم مياه الصحراء بل العمل على دعم كل مبادرات البوليزاريو للحصول على وضع دولي مثل الاعتراف أو عضو مراقب في الأممالمتحدة. في هذا الصدد، سيناقش البرلمان الإيرلندي، وفق المصادر والمؤشرات المذكورة، في بداية السنة الاعتراف بالصحراء كجمهورية وترك الاعتراف الرسمي في يد الحكومة التي بدورها تتعاطف مع البوليزاريو وسجلت سابقة استقبال زعيمه لدبلن. ومن ضمن نقط ضعف المغرب في هذا الملف هناك غياب سياسة أوروبية موحدة نحو القضايا الخارجية ثم غياب رؤية مغربية واعية للتطورات الجارية في أوروبا. في هذا الصدد، وفي مقال بعنوان 'الصحراء والسياسيات الخارجية للاتحاد الأوروبي' منشور في الموقع الرقمي 'ألف بوست' يبرز عبد الحميد البجوقي وهو ممثل اسبانيا في لجنة مناهضة الميز العنصري وكراهية الأجانب في الاتحاد الأوروبي أن هذا الأخير لا يتوفر على سياسة موحدة بل كل دولة تتبنى سياسة خارجية خاصة بها، وهذا ما يجعل مواقف الدول نحو الصحراء تختلف وقد تقدم كل دولة على مبادرة خاصة بها بدون مراعاة الإجماع الدبلوماسي وسط العائلة الأوروبية. وحول النقطة الثانية هو غياب رؤية مغربية لواقع التطورات الجارية في الاتحاد الأوروبي بسبب عدم وجود باحثين ومعاهد بحث للدراسات الاستراتيجية، إذ لا توجد أي دراسات جامعة حول الصحراء ودول شمال أوروبا، وشكل اعتراف البرلمان السويدي بجمهورية الصحراء مفاجأة للرأي العام المغربي الذي تساءل كيف 'لبرلمان دولة تجمعها بالمغرب 250 سنة تعترف الآن بحركة سياسية ضد الوحدة الترابية للمغرب'.
الرئيس الايرلندي مايكل دي هينغز وهو يستقبل زعيم البوليساريو .