شهد حي فيا بادوفا، قرب ساحة لوريتوفي مدينة ميلانو، ليلة السبت الماضي، أحداث عنف إثر مقتل شاب مصري الجنسية بعد مشادات مع مجموعة من الأشخاص من أمريكا اللاتينية حسبما أعلنت عنه السلطات. وعلى إثر ذلك، قام مجموعة من الشباب بأعمال تخريب من حرق السيارات وحاويات القمامة دامت عدة ساعات. هذا وقد أسفر تدخل قوات الأمن إلى اعتقال أزيد من 39 شخصا. هذا وقد جاءت كل التصريحات السياسية الصادرة عن عصبة الشمال وبلدية مدينة ميلانو، متشددة اللهجة، إذ ورد على لسان مسؤول لها قوله في إطار توعده بحملة ملاحقة وترحيل واسعة النطاق:"سنطاردهم بيتا ببيت". وفي تصعيد أكبر، قال المتحدث باسم حزب الشعب من أجل الحرية في مجلس الشيوخ ماوريسيو غاسباري أن الحكومة لن تقبل "حروبا عرقية"، واغتنم الفرصة لمهاجمة مواقف المساندة للهجرة واصفا إياهم ب"اليساريين السذج الذين يكيلون المدح الديماغوجي لصالح الاندماج". هذا ومن شأن هذه الأحداث أن تشكل فرصة سانحة لليمين الإيطالي ليلعب ورقته الرابحة المتمثلة في الخلط بين الهجرة والجريمة. فكل الدلائل تشير إلى كونه سيجعل من هذه الأحداث حصان طروادة لتأكيد مقاربته الأمنية واللعب على ورقة الخوف من المهاجرين لكسب أصوات الناخبين، و توجيه ضربات موجعة لليسار الإيطالي. و يذكر، أن هذه الأحداث جاءت لتتوج جو التوتر الذي خلقته الحكومة الإيطالية، بمجموعة من القرارات القاسية لتقنين الهجرة، منطلقة من فلسفة و رؤية بيرلوسكوني للقضية، و هي أقرب إلى العنصرية و كره الأجانب منها إلى أي شيء آخر، و تعكس رؤى اليمين المتطرف. في هذا الإطاريمكن سرد تصريح لبيرلوسكوني حيث قال:"عدد أقل من المهاجرين يعني عددا أقل من القوى التي تطعم صفوف الجريمة". هكذا فهذه المقاربة لاتميز بين المهاجر و المجرم و تبرر متابعة الأول بنفس القسوة و الإلحاح الذي يتابع به الأول إن لم يكن أشد. و في آخر تفاعلات الأحداث، أظهر رئيس الوزراء الإيطالي بيرلوسكوني، أن وراء اليد الحديدية التي تتعامل بها الحكومة الإيطالية مع قضية الهجرة، خاصة الجانب المتعلق برخصة الإقامة بالنقاط، حيث يخضع المهاجر لإمتحانات متتالية في اللغة و الثقافة الإيطالية، و هو معرض للطرد من إيطاليا إن أخفق في مراكمة 30 نقطة. أقول أن وراء الجدية المزعومة لا نجد إلا استهتارا وغيابا كاملا للحس الإنساني. فقد صدم بيرلوسكوني مستمعيه في الندوة الصحافية التي أجراها عقب توقيع اتفاقية هجرة مع الوزير الألباني حين قال:" كفى من القوارب و السفن المحملة بالمهاجرين غير الشرعيين، نعم لقد قلت لسالي[الوزير الألباني] بأننا سنقوم باستثناء لهؤلاء الذين سيجلبون معهم فتيات جميلات"، و أظاف خفيف الظل بصفاقته المعهودة قائلا:" تعلم أنني الأن أعزب"، هكذا يهرج الوزير في المحافل الدولية و دم ضحايا الإضطرابات في إيطاليا لم يجف بعد، أو ربما هي دعوة و ترحيب بشبكات التجارة الجنسية لنقل أنشطتها إلى إيطاليا.