على إثر النقاش الدائر حول تعديل القانون 71.17 المتعلق بالصحافة والنشر، الذي تباشره لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، تفاعلَ برلمانيون وصحافيون وحقوقيون مع التعديلات المقترحة عليه في ما يتعلق بفصل جرائم الحق العام المرتكبة عن طريق وسائل النشر عن الجرائم الصحافية ونقلها إلى القانون الجنائي. القراءة في التعديلات المقترحة لقانون الصحافة والنشر، التي نظمتها “جمعية سمسم مشاركة مواطنة”، اختتاما ل”برنامج نوابك للإعلام البرلماني”، أمس الجمعة، كانت مناسبة أكد من خلالها المتدخلون على ضرورة محاكمة الصحافيين بقانون الصحافة والنشر وليس بالقانون الجنائي، الذي يتجاوز الغرامات إلى العقوبات السالبة للحرية، لضمان حريتهم وحمايتهم الكاملة. خالد أدنون، خبير متخصص في الإعلام، قال إن مشروع قانون الصحافة والنشر جاء متسرعا وخارج الزمن القانوني والسياسي، مُعتبرا أنه “كان من المفروض انتظار على الأقل سنة أو سنتين من أجل استكمال تنزيل باقي النصوص والمواد، وكان من الضروري إشراك باقي القطاعات الوزارية، لأن الموضوع لا يعني فقط وزارة الثقافة والاتصال والمهنيين الناشرين، ولكن وزارات أخرى مثل وزارة العدل”. وفي ما يتعلق بتقديم مذكرة ترافعية حول التعديلات، أكد أدنون أنه قبل الشروع في عملة الترافع، يجب على الهيأة التي تترافع أن “تستحضر أن هناك رؤية، ليس على المدى القصير ولكن على المدى المتوسط والبعيد، وفي هذه الحالة لا بد للمدى أن يكون على امتداد خمس سنوات”. وأضاف المتحدث أنه “لا يجب التعامل مع قانون الصحافة والنشر على أنه قانون يهم الأغلبية أو المعارضة، ولكن على أنه قانون يهم المجتمع، ولا يجب إغفال استحضار النموذج التنموي الذي نريد”، موضحا أن الترافع حول قانون الصحافة والنشر لا ينبغي أن يكتفي بالمقاربة القانونية، ولكن يجب أن يُفتح على ورشين؛ النموذج الاجتماعي والصناعة الإبداعية والإعلامية، التي اعتبرها أدنون، مغيبة في السياق الوطني. من جهتها، أكدت البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حنان رحاب، على ضرورة الحسم في تحديد التعريفات “الفضفاضة”، المُشار إليها في قانون الصحافة والنشر، كالتحريض، والإشادة، والإرهاب، وازدراء النساء، وإساءة وتحقير المرأة والأشخاص، مُوضحة أن التعديل لا يجب أن يكون “مبتورا”. وقالت البرلمانية ذاتها: “في 2016 كنا نناقشُ هذا المشروع، كونه قانونا خاليا من العقوبات السالبة للحرية، وأن الصحافة بالمغرب لن يكون لديها هاجس الحرية، لنجعله قانون الحريات، وليس قانونا يخرجنا من نافذة إلى نافذة أخرى وهي القانون الجنائي”. وأضافت رحاب: “يجب تكوين الصحافي وتطبيق القانون في كل المجالات، ليس من باب الزجر ولكن من باب الحماية أثناء ممارسة مهنته، لنعطيه آليات الاشتغال، ونحمي مصادره، ليحترم الأجناس الصحافية”. وتعليقا على التعديلات المقترحة على قانون الصحافة والنشر، قال محسن موفيدي، نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية، إن “التعديل نتحمل فيه المسؤولية جميعا، لأنه كان هناك شبه إجماع على التخوف من الإتيان بهذا التعديل، ولا يجب، أثناء الممارسة، أن نفصل قانون الصحافة والنشر عن السياق السياسي الذي نشتغل فيه”. ودعا موفيدي النخب والصحافيين والسياسيين إلى عدم التطبع مع روح التسلط التي تُواجه بها الصحافة، موضحا أنه “يجب أن نعمل على أن تزول ويبقى الجو الديمقراطي الذي يحفظ الحرية المقرونة المسؤولية والحد الأدنى من حماية الصحافي أثناء ممارسة عمله، من أجل حماية المكتسبات”. ونبه البرلماني نفسه إلى خطورة إلغاء بعض المواد من قانون الصحافة والنشر والاكتفاء بها في القانون الجنائي، لأنه يعبر، بحسب المتحدث دائما، عن التراجع والنكوص في جو الحريات، مضيفا: “لما أعددنا مدونة الصحافة والنشر في السابق وقانون الصحافة والنشر الذي تم بمقاربة تشاركية موسعة، كان متقدما. أما الآن، فالتعديل يفرغ المضمون المتقدم الذي يضمن الحد المعقول من الحرية والحماية أثناء ممارسة الصحافي لعمله”.