ابدت الحكومة المغربية انزعاجها من زيارة 'سرية' قام بها وزير الداخلية الاسباني يوم الاثنين الماضي الى شمال المغرب لتفقد اضرحة الجنود الاسبان الذين سقطوا بمعركة جرت بداية عشرينات القرن الماضي بين قوات الاحتلال الاسباني والمقاومة المغربية بقيادة بن عبد الكريم الخطابي. وقال مصدر رسمي ل'القدس العربي' ان الزيارة التي قام بها وزير الداخلية الاسباني خورخي فيرنانديث دياث، لموقع حرب أنوال للوقوف على أضرحة الجنود الاسبانيين الذين قتلوا في تلك الحرب، بأنه 'سلوك غير مقبول' وان الرباط بلغت رسميا حكومة مدريد انزعاجها من هذا السلوك. وقام وزير الداخلية الاسباني خورخي فيرنانديث دياث بطريقة 'سرية' بزيارة موقع حرب أنوال في جبال الريف بالقرب من الحسيمة، ولدى عودته إلى مدينة مليلية المغربية التي تحتلها اسبانيا قام بوضع اكليل من الزهور بمدفن ضحايا 'كارثة أنوال'، الذي يرمز لأكثر من 25 ألف جندي اسباني سقطوا في المعركة التي هزمت فيها القوات الاسبانية أمام ثوار عبد الكريم الخطابي. ويتحفظ الرباط على اية زيارة للمغرب يقوم بها مسؤول اسباني قادما من مدينتي سبتة ومليلية الثغرين اللذين تحتلهما اسبانيا منذ نهاية القرن الخامس عشر كما يمنع على أي مسؤول مغربي زيارة المدينتين حيث لم يقم أي مسؤول مغربي بمثل هذه الزيارة منذ استقلال المغرب منتصف خمسينات القرن الماضي باستثناء تلك التي قام بها وزير الداخلية الاسبق ادريس البصري بداية التسعينات وهو ما اثار في حينه احتجاجات شعبية في شمال المغرب. ودخل المسؤول الاسباني إلى الأراضي المغربية عبر معبر 'بني أنصار' الذي يفصل بين مدينة مليلية وباقي التراب المغربي وتوجه إلى الموقع الذي دارت فيه حرب أنوال في بداية عشرينيات القرن الماضي، ووقف بنفس المكان الذي قتل فيه نحو 25 ألف عسكري إسباني في واحدة من أشهر المعارك التاريخية التي انتصر فيها المقاومون على جيش محتل وقام بعد ذلك بزيارة المنطقة البحرية التي نزل فيها الإسبان سنة 1925 للقضاء على قوات عبد الكريم الخطابي. وقال عبد السلام بوطيب، رئيس 'مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل'، إن 'مجئ وزير داخلية اسبانيا رفقة كبار المسؤولين من المدينةالمحتلة ومن سفارة بلاده في الرباط ومن قنصليتها في الناظور، هي استمرار لسياسة الاستفزاز التي تنهجها الحكومة اليمينية في مدريد والتي بدأت بتكريم مجرمي حرب الريف'. ونقل موقع 'لكم' عن بوطيب ان 'الخطوة الأخيرة للمسؤول الاسباني تحمل في طياتها أكثر من استفزاز، فهو دخل إلى المغرب قادم إليه من أرض مغربية محتلة، وقيامه بتلويث موقع حرب أنوال المجيدة التي طرد منها أجداده المستعمرون، وحرصه على تكريم مجرمي تلك الحرب بمدفنهم الرمزي بمدينة مليلية المحتلة مباشرة بعد عودته من موقعة أنوال المجيدة'. واستغرب بوطيب صمت الحكومة المغربية وقال 'الملفت للنظر ان الحكومة المغربية لم تصدر اي بلاغ حول قرار تكريم مجرمي الحرب من قبل حكومة مدريد، وتكتمت على الزيارة الاستفزازية لوزير الداخلية الاسباني لموقع الملحمة التي انتصر فيها الأبطال المغاربة الحقيقيون على مجرمي الحرب الاسبان'. ومنحت للحكومة الإسبانية اليمينية أن أقدمت يوم فاتح حزيران (يونيو) الماضي، أعلى وسام عسكري 'سان فيرناندو' لفيلق ألكانترا للخيالة 14 بسبب دورهم الرئيسي في حرب أنوال التي تعتبر من أكبر فصول الحروب الاستعمارية الإسبانية في شمال المغرب، وهو ما فسر بأنه تمجيد للروح الاستعمارية. ولعب فيلق الكنترا الذي كان يرأسه الكولونيل فيرناندو بيريمو دي ريفييرا، دورا رئيسيا في الحرب خلال ملحمة أنوال عندما دافع عن مليلية المحتلة في مواجهة تقدم ثوار عبد الكريم الخطابي. وفيما تحدثت تقارير ان زيارة وزير الداخلية الإسبانية خورخي فيرنانديث دياث لموقع انوال تمت تحت حراسة الدرك الملكي المغربي وعبر المعبر الحدودي مع مليلية المحتلة. وهو ما يعتبر سابقة في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين، فان الحكومة المغربية نفت علمها بالززيارة او موافقتها عليها. وقال موقع 'الف بوست' ان المسؤول الاسباني دخل الى مدينة الناضور عبر مليلية المحتلة وتحت حراسة مغربية ولاحقا انتقل رفقة رئيس بلدة مليلية خوان خوسي إمبرودا وممثل الحكومة في المدينة نفسها عبد المالك البركاني وذهب الى منطقة الحسيمة وزار المنطقة التي دارت فيها حروب الريف وأبرزها معركة أنوال. وكان وزير الداخلية الاسباني خورخي فيرنانديث دياث زار مدينة مليلية المحتلة وتفقد معبر 'بني نصار' للتوقف على مدى سيولة المرور بالمعبر الذي يعرف خلال هذه الايام تدفقا كبيرا للمهاجرين المغاربة في عودتهم من القارة الأوروبية عبر ميناء المدينةالمحتلة بعد الغاء خطين كانا يربطان الميريا بالناظور مما ادى لتضاعف عدد المقبلين على الخطوط البحرية لمليلية مقارنة بالسنوات الماضية. من جهة اخرى لقي جندي مغربي مصرعه، ليلة أمس الإثنين، أثناء محاولة مجموعة كبيرة من المهاجرين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء، إقتحام السياج الحديدي المحيط بمدينة مليلية المحتلة، حيث أصيب الجندي الذي كان مكلفا بالحراسة في إحدى نقط المراقبة بجانب السياج بالقرب من نقطة العبور 'فرخانة'، بجروح خطيرة عجلت بوفاته في الحين. وذكرت مصادر امنية أن هذا الجندي وهو برتبة 'ضابط صف' يبلغ من العمر 45 سنة أصيب على مستوى صدره بكسور جراء تعرضه للرشق بواسطة الحجارة، وذلك أثناء هجوم مجموعة من المهاجرين الأفارقة على السياج من أجل الدخول إلى المدينةالمحتلة، ويتخذ هؤلاء المهاجرون من جبل 'كوروكو' ملجأ لهم قبل تسللهم إلى مدينة مليلية.