توالت في الأيام الأخيرة التقارير الصحفية في وسائل الإعلام الأمريكية محذرة من خطر الأسلحة الكيماوية التي تتوفر عليها سوريا في خضم تدهور الوضع الأمني بالبلاد واحتمال سقوط نظام بشار الأسد، وهو ما أثار توجس العدد من المراقبين بشأن الأهداف الخفية لهذا الحملة الإعلامية التي تشبه كثيرا الحملة التي شنتها الآلية الدعائية الأمريكية بخصوص الأسلحة النووية الوهمية التي كانت بحوزة نظام صدام حسين قبيل غزو العراق. وفي إفادات لأندلس برس عبر بعض المختصين في شؤون الشرق الأوسط عن تخوفهم من أن تلجأ الإدارة الأمريكية إلى ذريعة حماية أمن إسرائيل لتطالب بتدخل عسكري دولي في سوريا لتفادي أن تسقط الترسانة الكيماوية المزعومة التي تتوفر عليها سوريا في يد المتشددين. و تأتي هذه المخاوف بعد أن قالت صحيفة واشنطن بوست في تقرير نشرته اليوم إن "الفوضى" التي تعم سوريا تزيد المخاوف بشأن ترسانتها الكيميائية، مستشهدة ببرقية تحذير أميركية نشرها موقع ويكيليكس. وجاء في البرقية التي تعود إلى عام 2008، أن الخارجية الأميركية حذرت من "تنامي تهديد الأسلحة الكيميائية في بلد شرق أوسطي يقوده حاكم مطلق ولديه تاريخ طويل في إثارة المشاكل في المنطقة". وتتابع البرقية أن الحاكم الذي أشير إليه بدعمه "لمنظمات إرهابية" كان يحاول شراء تكنولوجيا من دول أخرى لتحديث مخزون مخيف من السموم القاتلة، حسب تحذير الخارجية الأميركية. ويقول مسؤولون أميركيون وخبراء في الأسلحة خلال مقابلات، إن انهيارا مفاجئا لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد قد يعني انهيارا في السيطرة على أسلحة البلاد. وبينما تتكون الترسانة الكيميائية الليبية من عبوات مليئة بغاز الخردل منذ حقبة الحرب العالمية الأولى، فإن سوريا تمتلك أكثر المواد الكيميائية فتكا، حسب تعبير الصحيفة، ويمكن استخدامها في الأسلحة وتوزيعها على آلاف قذائف المدفعية والرؤوس الحربية التي يسهل نقلها، حسب المسؤولين الأميركيين. ويقول تقرير واشنطن بوست إن السم المفضل لدى سوريا ليس غاز الخردل بل السارين، الذي تسبب في قتل 13 وأصاب نحو ألف في "عملية إرهابية" على نظام أنفاق القطارات عام 1955 في اليابان. يشار إلى أن مادة السارين تعد قاتلة إذا ما استنشقت لمدة دقيقة، وقد تستخدم في تلويث المياه والطعام. ورغم أن العديد من المحللين يشكون بأن الأسد قد يشارك "الإرهابيين" بقنابل كيميائية، فلم يستبعدوا أن تختفي الأسلحة وسط هذه "الفوضى" في البلاد التي قد تدمر الأجهزة الأمنية القائمة على حماية الأسلحة. وتوصلت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) إلى أن سوريا تمتلك كمية كبيرة من الرؤوس الحربية التي تحمل السارين، وأنها كانت تعمل على تطوير الغاز المؤثر على الأعصاب (في أكس) الأكثر فتكا. ومن جهتها قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الولاياتالمتحدة وإسرائيل تتابعان عن قرب في سوريا مخازن مشتبه في احتوائها على أسلحة كيمياوية وصواريخ خشية وقوعها في أيدي جماعات إرهابية قد تستفيد من الثورة التي يواجهها الرئيس السوري بشار الأسد. وأوضحت الصحيفة أن المخابرات الأميركية تعتقد أن أسلحة الدمار الشامل السورية تتضمن كميات كبيرة من غازات الخردل والأعصاب والسارين بالإضافة إلى المدفعية والصواريخ التي توصلها إلى أهدافها. وقالت الصحيفة إن مفتشي الأممالمتحدة كشفوا مؤخرا أن سوريا كانت تبني سرا مفاعلا نوويا بمساعدة كورية شمالية قبل أن تهاجم إسرائيل الموقع وتدمره في أواخر 2007، كما أن الأممالمتحدة وأميركا قلقتان من احتمال تسليم كوريا الشمالية تجهيزات نووية إضافية لسوريا. وكشفت الصحيفة أن السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايكل أورن قال في حوار "نحن قلقون جدا من وضع أسلحة الدمار الشامل السورية، ومن بينها الأسلحة الكيمياوية"، وأضاف "نحن نتابع الوضع بعناية شديدة مع الإدارة الأميركية". وقالت الصحيفة إن إسرائيل أبدت انشغالها دائما بشأن سقوط نظام الأسد الذي نجح في ضمان الهدوء على الحدود طيلة أربعين سنة، وحتى الآن يحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التغيير السلمي في سوريا.