تتسارع وتيرة العلاقات الاسبانية الإسرائيلية نحو "التكامل" إن لم نقل الاندماج في عدة مجالات تعتبر حيوية ليس بالنسبة للعلاقة بين البلدين، بل وللعلاقات مع البلدان العربية عموما ومنطقة الشرق الأوسط حصرا. لا نود الغوص بعيدا لتحديد تطور "العلاقات الايجابية" و"الايجابية جدا" بل يكفي إجراء جرد للزيارات التي حدثت هذا العام بين مسؤولي البلدين ربما يستيقظ أصحاب الفطنة من العرب المهتمين، وليس غيرهم، والمراقبون الآخرون في منام التوصل إلى استنتاج يقيهم شر الندمان والحرمان والتأخر في قول ولو كلمة. فالدلائل واضحة على تطور العلاقات: جولة ثاباتيرو للمنطقة قبل استلام اسبانيا لرئاسة الاتحاد الأوروبي بهدف التسريع بعملية السلام وتقريب المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإقامة مفوضية لوزارة الداخلية الاسبانية أواخر العام الماضي في تل أبيب لرصد "التطرف الإسلامي" بالتعاون مع الموساد، وزيارة مسؤولي الحزب الشعبي والتي لا مجال لحصرها لإسرائيل والإشادة بها في كافة الاتجاهات، وكان آخرها إقامة جمعية صهيونية متطرفة "أصدقاء إسرائيل" بقيادة أثنار، وزيارة وزيرة الدولة للتجارة الخارجية على رأس وفد من الشركات التكنولوجية وإقامة أول لقاء بين رجال الأعمال الأسبان والإسرائيليين في مارس من هذا العام بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي باراك إلى اسبانيا وعقد اتفاق إطار قانوني لتنظيم الاتفاقات العسكرية، وزيارة وزير الخارجية المتطرف ليبرمان وغيرها، حيث جميعها كانت لتعزيز وسد الثغرات القائمة في العلاقات. إذن، لا يكاد يمر شهر إلا ويوجد لقاء بين مسئولي البلدين سواء السياسيين أو الاقتصاديين أو العسكريين أو المحليين. والأهم من هذا وذاك يكمن في الاتفاق على تبادل المعلومات السرية بين البلدين الذي وافقت عليه الحكومة الاسبانية يوم أمس الاثنين، والذي يعتبر بمثابة امتداد للتعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات السرية مع إسرائيل بحيث يضع الأطر القانونية الموسعة والقواعد الأمنية التي تنظم عملية تبادل الوثائق السرية بين البلدين. كما أنه يلزم وزرايتي الدفاع الاسبانية والإسرائيلية على التعاون في مشروعات عسكرية مشتركة. وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين البلدين تطورت بشكل ملحوظ منذ إقامة علاقات دبلوماسية بينهما في عام 1986، حيث تم التوقيع على أكثر من عشرين اتفاقية ومعاهدة في كافة المجالات. كما أن إسرائيل تحتل المرتبة الثالثة للتجارة الاسبانية في الشرق الأوسط حيث يميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح إسرائيل. فقد ارتفعت الصادرات الاسبانية إلى إسرائيل للتجاوز مليار ومئة مليون دولار أمريكي في عام 2008م، بينما بلغت الصادرات الإسرائيلية لاسبانيا في نفس الفترة مليار ومئتي مليون دولار.