أسفرت مواجهات واشتباكات اندلعت أمس الخميس بين طلاب جامعة نواكشوط عن إصابة طلاب واعتقال آخرين بسبب الخلاف إزاء اعتماد اللغة العربية لغة عمل في الإدارات والدوائر الحكومية. اعتقلت الشرطة نحو ثلاثين شخصاً يوم أمس الخميس (15 نيسان/ أبريل 2010) في حرم جامعة نواكشوط، حيث وقعت مواجهات بين طلاب بشان تعريب الإدارة، بحسب مصدر أمني. واستخدم رجال الشرطة الذين دخلوا الحرم “للسيطرة” على الوضع، الهراوات والقنابل المسيلة للدموع. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المصدر الأمني قوله: “تم اعتقال ثلاثين طالباً من المحتجين على الأقل”. من جانبه قال أحد المتحدثين باسم الطلاب للوكالة الفرنسية، طالباً عدم كشف هويته، إن “مناقشات حادة حصلت بين الجانبين بشأن التعريب ومكانة اللغة الفرنسية وسرعان ما تحولت هذه النقاشات إلى صدام”. وأوضح المتحدث أن بعض الطلاب الموريتانيين من المؤيدين للغة الفرنسية تراشقوا بالحجارة مع طلاب آخرين مؤيدين للغة العربية، ما أسفر عن إصابة عدد منهم من الجانبين. وتأتي هذه المواجهة إثر تظاهرات مضادة بشأن مسالة لغة الإدارة في هذه الدولة الصحراوية المتنوعة عرقياً. فمؤيدو الفرانكفونية يعارضون مشروع التعريب ويرون فيه استبعاداً لكوادرهم، الذين درسوا بالفرنسية. من جانب آخر يعترض المؤيدون للعربية على المكانة التي تحتلها اللغة الفرنسية في نظام التعليم وفي الإدارة وعلى اعتبارها لغة العمل. تحديات أمام اللغة العربية واندلع هذا الجدل بعد احتفال موريتانيا بيوم اللغة العربية في الأول من آذار/ مارس الماضي، حيث أكد حينها رئيس الوزراء الموريتاني مولاي ولد محمد لقظف أن حضارة البلاد هي “عربية إسلامية”. وزادت من تأزم الوضع تصريحات وزيرة الثقافة سيسي بنت بيدية بإعلانها أن اللغة العربية وهي اللغة الرسمية للدولة، التي كانت مستعمرة فرنسية في السابق، تواجه تهديداً من اللغات المحلية التي تستخدم في أماكن العمل والمدارس. الأمر الذي دفع بطلاب ناطقين بالفرنسية من جماعات عرقية، بينها الولوف والسوننكة، منذ أسابيع إلى الاحتجاج، قائلين إن المضي قدماً باتجاه جعل اللغة العربية إلزامية في أجهزة الدولة والمدارس سيضر بفرصهم في التعليم والعمل في هذه الدولة المسلمة البالغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، والتي لها تاريخ طويل من التوترات بين العرب والبربر والسكان السود الأصليين. وفي ضوء هذا، أعلنت الحكومة أنها ستنظم اجتماعات عامة خلال العام لتحديد الخيارات في مجال السياسة التربوية ومحاولة التوصل إلى أرضية تفاهم حول المسألة اللغوية في موريتانيا. يُذكر أن بعض المراقبين يرون أن هذه السياسة مبالغ فيها من جانب حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي فاز بانتخابات الرئاسة في حزيران/ يونيو الماضي بعد استيلائه على السلطة في انقلاب غير دموي في عام 2008.