يوم بعد أخر تظهر جيوب الاحتجاجات بمختلف المدن الجزائرية فبعد النزول اللافت للانتباه من جانب الأساتذة الجامعيين والطلبة والصحفيين إلى شوارع العاصمة لإشهار "لا" كبيرة في وجهة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي تقدم بترشيحه لرئاسيات 17 أبريل المقبل، لشغل منص رئيس الجمهورية للمرة الرابعة على التوالي، عاد التوتر من جديد إلى ولاية "غرداية" الجنوبية التي تعرف منذ أشهر حالة من عدم الاستقرار، وسط إتهام أمازيغييها لأجهزة الأمن بممارسة التصفية في حق الأمازيغ المعتنقين للمذهب الإباضية لصالح قبائل عربية أخرى. الاحتجاجات الأخيرة في غرداية بين العرب و"المزابيين" (أمازيغ)، أسفرت عن جرح العديد من الأشخاص في الجانبين، وسط ارتباك أمني، ووفق ما نقلته وسائل إعلام جزائرية فإن ملثمون تمكنوا من السيطرة على بعض أحياء المدينة وتنصيب حواجز عند مداخل هذه الأحياء لمراقبة الوافدين والخارجين منها، ووفق نفس المصادر فإن ارتباك قوات الأمن يتجلى في عجزها على فرض النظام بالمدينة والاكتفاء بالقصف العشوائي بالقنابل المسيلة للدموع. وإذا كان هذا هو حال الجنوب الجزائري، فإن شرق العاصمة الجزائر ليس أفضل حالا، الاحتجاجات على إقامة مطرح عملاق للنفايات لازالت مستمرة وأدت أمس الخمبس إلى شلّ حركة القطارات من الجزائر العاصمة إلى 7 ولايات أخرى، وتخريب أزيد من 15 عمود كهربائي تستعملها القطارات المتوقفة، وينذر الانفلات القائم بمنطقة "الرغاية" إلى احتمال وقود صدام قوي بين قوات الأمن التي عززت وجودها بالعاصمة بالعشرات من رجال الأمن والرافضين للمشروع الذين يعتبرونه خطرا على الصحة العامة. هذا ومازالت احتجاجات الأساتذة الجامعيين مستمرة ويقودها مجموعة من الأساتذة الذين أعلنوا صراحة معارضتهم لعهدة رابعة، على رأسهم الباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، الذي أكد أول أمس في وقفة نظمها الأساتذة بجامعة "بوزريعة" ان هناك من يريد تخويف الجزائرين من الاحتجاج على العهدة الرابعة، في إشارة إلى القوى المناهضة للتغيير داخل الجزائر، والمستفيدين من استمرار بوتفليقة في الحكم، المحتجون الذين منعتهم إدارة الجامعة من الاحتجاج داخلها ووجهوا بمنع من قوات الشرطة التي وان لم تتدخل بعنف في حقهم غير انها حالت دون تحول وقفتهم إلى مسيرة ومنعت الصحفيين من اخذ تصريحات عن المحتجين. وبالموازاة مع هذه الاحتجاجات تستمر التحضيرات للانتخابات المقبلة، حيث خرج الوزير الأول عبد المالك سلال من التشكيلة الحكومية للتفرغ للحملة الانتخابية لفائدة الرئيس، وهي الحملة التي ستنطلق بشكل رسمي في 23 من مارس الجاري، ووفق ما نقلته صحيفة "الخبر" الجزائرية لعددها اليوم الجمعة، فإن خروج سلال قد يفسر على أنه حياد في استعمال وسائل الدولة للدعاية الانتخابية للرئيس، غير أن سلال قبل خروجه من التشكيلة الحكومية سبق له أن زار 48 ولاية من ولايات الجزائر بقبعة الوزير الأول. وفي السياق نفسه لم يتمكن سوى 6 مرشحين من اجتياز "اختبار" الشروط للترشح للرئاسيات على رأسهم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وعلي بن فليس رئيس الحكومة السابق والقاضي الذي خلع جبة القضاء وأعلن المشاركة في السابق للمرة الثانية إلى قصر المرادية، فيما ثبّت المجلس الدستوري الذي قدمت أمامه طلبات الترشح كل من موسى تواتي رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية الذي يترشح لهذه الانتخابات للمرة الثانية، وإلى جانب هؤلاء أقر المجلس بصحة طلب كل من لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال التي تترشح للمرة الثالثة لهذه الانتخابات، إلى جانب علي فوزي رباعين زعيم حزب "عهد54"، الذي يترشح هو الأخر لهذه الانتخابات للمرة الثالثة، وتضمنت القائمة أيضا إسما يترشح لهذه الانتخابات لأول مرة هو رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد.