تواصل الحكومة ومعها عدد من المؤسسات العمومية الكبيرة، إثقال كاهل المالية العمومية بمزيد من القروض والديون الخارجية. مساء أول أمس، وقّع وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، رفقة الوزير الفرنسي المكلف بشؤون أوروبا والشؤون الخارجية، جون إيف لودريان، على اتفاق قرض جديد تمنح بموجبه الوكالة الفرنسية للتنمية، قرضا للمكتب الوطني للسكك الحديدية، بقيمة 80 مليون أورو، يخصص لإنجاز الشطر الأخير من مشروع القطار فائق السرعة، والذي تنجزه الشركة الفرنسية "ألستوم". قرض يأتي مباشرة بعد قرض آخر مماثل بقيمة 12 مليون دولار، منحته الحكومة الإسبانية الأسبوع الماضي، للمكتب الوطني للماء والكهرباء، بهدف تمويل مشروع محطة لتحلية مياه البحر شمال المغرب، تنجزه شركة إسبانية هذه المرة. وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، قام قبل أيام بالتوقيع على قرض آخر مع الصندوق السعودي للتنمية، بقيمة 500 مليون دولار، بهدف أداء قروض أخرى حصل عليها المغرب قبل سنوات وجاء أجل سدادها. المعطيات الإحصائية الأخيرة حول المديونية الخارجية للمغرب، تفيد أن مجموع هذا الدين بلغ 315 مليار درهم إلى غاية منتصف السنة الحالية، مقابل 312 مليار درهم في متم العام 2016. ديون تعود، أساسا، إلى المؤسسات المالية الدولية، بما يناهز 47%، تليها الديون الثنائية، والتي تعود إلى دول أوروبية، ثم الديون التي طلبها المغرب من الأسواق المالية الدولية والبنوك التجارية. سداد هذه الديون يكلّف المغرب سنويا ما بين 6 و9 ملايير من الدراهم، هي قيمة الفوائد المترتبة عن هذه الديون. عبء سداد هذه الديون، سيعرف ارتفاعا كبيرا في الفترة المتبقية من العام الحالين، حيث يرتقب أن يسدد المغرب ما يفوق 8 ملايير درهم في الشهور الثلاثة الأخيرة من 2017، 3 ملايير منها فوائد. تطوّرات تؤشر على استمرار تعميق المديونية الخارجية للمغرب، رغم جميع الأصوات التي ترتفع للتحذير من مخاطر الوضع الحالي. رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، قال خلال اجتماعه مع المركزيات النقابية وممثلي الباطرونا، أول أمس، إن نفقات خدمة الدين الخارجي وحدها ستبلغ في القانون المالي للعام 2018، أكثر من 27 مليار درهم. معطى تؤكده النشرة الأخيرة لوزارة الاقتصاد والمالية حول إحصائيات الدين الخارجي العمومي، والتي تتوقّع أن يفوق مجموع نفقات خدمة الدين برسم العام الحالي، أكثر من 30 مليار درهم. تحمّلات تتوقّع وزارة الاقتصاد والمالية، أن ترتفع لتصل إلى 43 مليار درهم في العام 2024. المثير في تطوّر الدّين العمومي الخارجي للمغرب، هو أن المؤسسات العمومية الكبرى، المسؤولة عن إنجاز البنيات والمشاريع الكبرى، تبادلت الأدوار مع الدولة، وأصبحت حصتها من الاستدانة الخارجية تفوق حصة الدولة. ففي الوقت الذي كان دين الخزينة يشكل 54% من الدين الخارجي للمغرب عام 2012، انقلبت الآية منتصف العام الحالين، حيث أصبحت المؤسسات العمومية تمثل 54% من الدين الخارجي العمومي للمغرب، مقابل 45% للخزينة. وضع سبق للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، أن حذّر منه شهر يوليوز الماضي، في عرضه السنوي أمام البرلمان. جطو قال إن المؤسسات العمومية الكبرى إلى جانب الصناديق السوداء، وراء جزء كبير من الاختلالات المالية العميقة التي يعانيها المغرب. من جانبه بنك المغرب في نشرته الأسبوعية الأخيرة حول احتياطيات المغرب من العملة الصعبة، قال إن هذه الاحتياطيات انخفضت بأكثر من 10% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وقال البنك إن صافي هذه الاحتياطيات يبلغ 223 مليار درهم. هذا الانخفاض يعود إلى جانب ارتفاع الفورة الطاقية للمغرب خلال العام الحالي، إلى قرار تحرير سعر صرف الدرهم، والذي أدى شهري ماي ويونيو الماضيين، إلى نزيف غير مسبوق في احتياطيات المغرب من العملة الصعبة، بفعل مسارعة المقاولات والأبناك إلى شراء العملة الصعبة بشكل استباقي.