أثار قرار محكمة الاستئناف بالحسيمة، القاضي برفع العقوبة الحبسية الصادرة في حق الصحافي المهداوي، ومدير موقع «بديل أنفو»، من ثلاثة أشهر إلى سنة حبسا نافذة، موجة من الانتقادات وتضامنا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، من طرف صحافيين وحقوقيين، إذ اعتبروا أن الحكم الصادر في حق هذا الأخير هو حكم «غير منصف»، و أن محاكمته بالقانون الجنائي عوض قانون الصحافة والنشر، هو نكسة في حق القانون الذي لم يمض على دخوله حيز التنفيذ أقل من سنة. عبد الإله بن عبد السلام، الحقوقي البارز، انتقد قرار محكمة الاستئناف، القاضي برفع العقوبة للمهداوي من ثلاثة أشهر إلى سنة، إذ اعتبر أن هذا الحكم جائر واعتداء على حرية الصحافة والرأي والتعبير، ومحاولة لثني الصحافة عن لعب دورها، من خلال فضح ملفات الفساد والعمل بحيادية. وأردف بن عبد السلام في حديثه ل»أخبار اليوم»، أنهم لن يستطيعوا ثني المهدواي عن التراجع عن إضرابه عن الطعام، غير أنهم سيعملون على تحريك المنتظم الدولي لإنقاذ حياته، مردفا أن على الدولة تحمل مسؤولية التراجع في حقوق الإنسان والحق في الحياة، وأشار إلى أن الهيئات الحقوقية تستعد لتنظيم أشكال احتجاجية على الأحكام «الجائرة» الأخيرة، التي همت كلا من المهداوي ونشطاء حراك الريف. الحكم الصادر في حق المهداوي أثّر بشكل كبير على أسرته، إذ علقت بشرى الخونشافي، زوجة هذا الأخير، على العقوبة الصادرة في حقه قائلة: «كنا متفائلين وننتظر البراءة، بحكم أن الأدلة التي اعتمدتها هيئة المحكمة لا تدينه، لكن الحكم سقط علينا كالصاعقة وأحسسنا بالحكرة»، وتضيف: «ابنتي سلافة التي أكملت ثماني سنوات أول أمس كانت تنتظر والدها للاحتفال بعيد ميلادها كما دأب طيلة السنوات الماضية، وطلبت مني تأجيل الاحتفال بها حتى يكون والدها جانبها، لكني اضطرت للكذب عليها لما سألتني عنه عند عودتي من المحكمة وأخبرتها أنه لم ينطق بالحكم بعد». لم يتقبل المهداوي الحكم وظروف محاكمته، فبعد أربع ساعات على رفع الجلسة، سلم رسالة كتبها داخل السجن بالحسيمة لأحد محمييه، يعلن من خلالها الدخول في إضراب عن الطعام ويشرح حيثيات هذا القرار، حيث جاء في الرسالة: «بعد المحاكمة الظالمة والجائرة والتي افتقدت لأبسط شروط المحاكمة العادلة وكل الظروف الإنسانية، وبعد أن أدانني القضاء بناء على تزوير واضح ومفضوح في المحاضر، أعلن دخولي في إضراب عن الطعام حتى الاستشهاد ابتداء من يوم الثلاثاء 12 شتنبر 2017». بشرى التي طالبها المهداوي من خلال رسالته بعد النطق بالحكم أن تحضر له كفنا إلى سجن الحسيمة وتكتب عليه «الشهيد حميد المهدوي»، أصبحت هي المسؤولة عن الأسرة بجميع تفاصيلها، إذ تقول في حديثها ل»أخبار اليوم»: «أسرة المهداوي تعيش التشتت، وجدت نفسي أمام مسؤولية كبيرة لم أكن مستعدة لها، أطفالي يحتاجون للرعاية والاهتمام، الموقع أصبحت مسؤولة عنه وعن طاقمه، بالإضافة إلى التنقل إلى الحسيمة في رحلة عذاب شبه دائمة». تضيف المتحدثة: «لدي طفلان، سلافة ثماني سنوات، ويوسف في عمره سنتان ونصف سنة، لا يمكن أن أستمر في التنقل بهم، وليس هناك من يعتني بهم، سلافة لحدود الساعة لم تستطع الالتحاق بالمدرسة، بحكم أننا تنقلنا للحسيمة لحضور محاكمة والدها»، تصمت للحظة، ثم تردف قائلة: «أكثر ما يؤلمني هي أسئلة أطفالي التي لا تنتهي، خصوصا أن البنت البكر تعرف أن والدها معتقل، إلا أنها لم تستطع أن تستوعب سبب إبعاد والدها عنها». هذا وتعيش أسرة المهداوي وضعا ماليا صعبا بعدما كان هو معليها الوحيد، حيث قالت زوجته إن المستوى المعيشي للأسرة تغير بعد توقيف المهداوي في 20 يوليوز، والذي كان يتواجد في مدينة الحسيمة للمشاركة في مسيرة كان قد أعلن عنها نشطاء الحراك، مردفة أن «أصدقاء المهدواي ومواطنين عاديين، هم من يمدون لهم يد العون، حتى أن بعض المواطنين لا نعرفهم يرسلون لنا معونات مع محاميين»، وتابعت: «نحن لا نمد يدنا للآخرين ولا نتسول، لكن الظروف حكمت علينا بالذي نعيشه». هذا وقد أكد المهداوي في رسالته قائلا: «لن أوقف هذا الإضراب إلا بضمانات في التحقيق في ظروف الحكم، وأنا مستعد لأية مساءلة أو تحقيق أو الإدلاء بالدلائل والبراهين القاطعة التي تثبت براءتي»، كما دعا هيئة الدفاع وجميع الحقوقيين والحقوقيات وذوي النيات الحسنة، إلى عدم محاولة ثنيه عن قرار الإضراب عن الطعام، لأنه قرار لا رجعة فيه ولا مناص ولا بديل عنه»، مشددا: «فأن أعيش بعيدا عن أبنائي داخل قبر أهون وأرحم عندي من أن أبقى حيا وأرى أبنائي يتعذبون بسبب حكم جائر».