خرجت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، عن صمتها بخصوص حملة الاعتقالات التي دشنتها السلطات السعودية مؤخرا، ضد عدد من العلماء والدعاة، أبرزهم الداعية المعروف سلمان العودة، معتبرة في بيان لها أن «أي اعتقال لمَن لم يرتكب عملا يُجَرِّمه الشرع أو القانون، هو ظلم واعتداء وتعسّف». وناشدت الحركة السلطات السعودية في اتخاذ مبادرة فورية من أجل «إخلاء سبيل العلماء والدعاة والمفكرين المعتقلين، وكذا كافة دعاة الإصلاح السلميين، المعتقلين بسبب الرأي وإسداء النصح». وتعتبر هذه أول مرة تصدر فيها الحركة بيانا ضد سياسة السلطات السعودية. الحركة التي يرأسها عبدالرحيم الشيخي، يوجد في عضوية مكتبها التنفيذي وزيران في حكومة سعد الدين العثماني، هما: محمد يتيم، وزير التشغيل، ومصطفى الخلفي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، كما أن كلا من سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الحالي، وعبدالإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق هما عضوان في مجلس شورى الحركة، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان موقف الحركة من السياسة، التي نهجتها المملكة العربية السعودية، من شأنه أن يؤدي إلى أزمة دبلوماسية. عبدالرحيم الشيخي، رئيس الحركة، قال ل»أخبار اليوم»، إن حركة التوحيد والاصلاح، أصدرت بيانها، «من منطلق مبدئي»، مضيفا «لو قامت أي دولة مثل إيران باعتقال علماء لأسباب غير مقنعة لأصدرنا بيانا ضدها». وحول ما إذا كان هذا الموقف سيثير مشاكل بالنظر لقيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة، رد قائلا: «الحزب يشتغل ولنا مواقفنا الخاصة». وكانت أخبار اعتقال عدد من الدعاة قد تسربت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون صدور أي موقف رسمي سعودي. خالد فهد العودة أخو الداعية سلمان العودة، هو الذي كتاب تدوينة يبلغ فيها أن شقيقه اعتقل، قبل أن يعتقل هو أيضا. هذا فيما تم نشر خبر اعتقال الداعية السعودي عوض القرني، بعد ساعات ثم انتشرت أنباء عن اعتقال الداعية الشاب علي العمري وآخرين. وكل هذه الاعتقالات تم ربطها بالموقف من حصار قطر. أحمد الريسوني، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، انتقد بشدة اعتقال الدعاة في السعودية، مؤكدا على رفضه المطلق وإدانته الكاملة لاعتقال أي شخص لمجرد إبدائه لرأيه الفكري أو السياسي، لكن حسب الريسوني، فإن «الجديد في السعودية هو أن الناس لم يعتقلوا لأنهم عبروا عن رأي، بل اعتقلوا لأنهم لم يعبروا عن أي موقف». لقد وصل الأمر بالسعودية إلى حد «اعتقال من اختار الصمت». هذا، وحسب الريسوني، فإن صمت هؤلاء الدعاة هو أمر مدان لأنه كان عليهم أن يعارضوا موقف بلادهم التي ضربت حصارا على بلد جار هو قطر، ولكن نظرا للقمع المسلط لم يعلنوا تأييد هذه التصرفات». وتابع قائلا: «إن هذا لم يحصل في أي بلد»، مضيفا «بعض الدول تعتقل الناس إذا اتخذوا موقفا معارضا، لكن في هذه الحالة السعودية «اعتقلت الناس لأنهم صمتوا وهذا منتهى التعسف والاستبداد»، واصفا السياسة السعودية ب «العبثية». ويعتبر الداعية سلمان العودة، من العلماء المعتدلين في السعودية، وله علاقات خاصة مع قيادات في التوحيد والإصلاح، وكان يوصف في التسعينيات من القرن الماضي بأحد علماء الصحوة، وسبق أن تعرض للاعتقال بسبب انتقاداته لسلطات بلاده، ولم يسبق أن أيد موقف السعودية في حصار قطر، لكن بعد المكالمة الهاتفية بين ولي العهد السعودي سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم، مؤخرا علق العودة في توتير، قائلا: «اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم»، وبعدها تم اعتقاله، قبل أن تتوالى اعتقالات في صفوف آخرين.