شرعت جمعيات الصيد الإسبانية في التحرك مبكرا في محاولة للضغط على اللجنة الأوربية بهدف حث سلطات بلدها وسلطات الاتحاد الأوروبي، باستعجال الدخول في مفاوضات جديدة مع المغرب، وعدم انتظار انتهاء الاتفاقية الحالية المقررة في نهاية فبراير 2018. ووجهت الكونفدرالية الإسبانية للصيد طلبا رسميا للجنة الأوروبية تطلب فيه على إطلاق مفاوضات تجديد الاتفاق مع المغرب، والذي يسمح في الوقت الراهن ل90 باخرة صيد بالاشتغال في السواحل المغربية. وبررت الكونفدرالية تحركها المبكر بكون المفاوضات تأخذ في العادة وقتا طويلا، وهذا يفترض الشروع في مناقشة الشكايات، ومسألة الأمن، وشروط إفراغ البواخر بما يسمح بالاستفادة ما أمكن من الاتفاق. ويأمل الصيادون الإسبان تفادي تعثر المفاوضات لسبب أو لآخر، كما حدث بالنسبة إلى الاتفاقية الحالية التي ظلت جامدة لمدة سنتين قبل أن تدخل إلى حيز التنفيذ، في سياق تداعيات الحملة ضد اتفاقية الفلاحة مع المغرب. وارتفعت درجة القلق الإسباني أخيرا بسبب التوتر الذي عرفته العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بسبب تصريحات نائب إسباني في البرلمان الأوروبي حول المجال الجغرافي لصلاحية اتفاقية مبادلة المنتجات الزراعية بين الجانبين، والتي اعتبر أنها تستثني الأقاليم الصحراوية. ويشدد الصيادون الإسبان على ضرورة حماية اتفاقيات الصيد البحري للاتحاد الأوروبي مع الدول غير الأعضاء من الانتقادات والهجمات التي تتعرض لها من طرف أطراف خارجية. خاصة مع الأزمة التي تسبب فيها حكم محكمة العدل الأوروبية، الذي قضى بإلغاء الاتفاق الموقع منذ 3 سنوات مع المغرب، بعد الدعوى التي رفعتها جبهة البوليزاريو أمام المحكمة الأوروبية خلال نونبر 2012، في محاولة لإبطالها ومنعها من التطبيق والدخول حيز التنفيذ. وهو ما استجابت له محكمة العدل الأوروبية بإصدار قرارها في دجنبر من سنة 2015. وقضى الحكم بإلغاء اتفاقية الفلاحة والصيد البحري مع المغرب، ونص الحكم على استثناء الأقاليم الصحراوية، من اتفاقيتي الصيد البحري، والفلاحة، التي تجمع بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، كما حث الطرفين على تعديل بنود الاتفاقيتين، ونصوص البروتوكول المرفقة، بشكل يستثني الصحراء، من الاتفاقيتين. وتسبب الحكم في أزمة بين الرباط وبروكسيل بلغت حد إعلان الرباط تعليق الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي شهر فبراير من سنة 2016، قبل أن تستأنف بداية مارس الموالي. وتبنى المغرب موقفا حازما من قرار المحكمة الأوروبية، وبررت الحكومة موقفها بكون قرار المحكمة يحمل طابعا سياسيا محضا. ما أحرج دول الاتحاد التي سعت طيلة أسابيع إلى إقناع الرباط بتغيير موقفه وهو ما استجاب له لاحقا، بعد تقديم الاتحاد الأوروبي ضمانات باستمرار تنفيذ الاتفاق مع الرباط. وتأكيده على أن الاتفاقات المبرمة مع المغرب غير مخالفة للقانون الدولي. ولاحقا أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكما نهائيا غير قابل للطعن يقضي برفض طلب جبهة البوليساريو الرامي إلى إلغاء اتفاقية التجارة الحرة في مجال منتجات الزراعة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وبإلغاء حكم ابتدائي سابق صادر عن محكمة الاتحاد الأوروبي يقضي بالإلغاء الجزئي للاتفاق. وألغت المحكمة الأوروبية في قرارها الطعن الذي تقدمت به جبهة البوليزاريو، والذي طالبت من خلاله بأن لا يشمل الاتفاق الأوروبي المغربي أراضي الصحراء، معللة الأمر بكون عائدات استغلال تلك الثروات لا تعود على السكان الصحراويين في تلك المناطق، وعللت المحكمة رفضها طعن البوليساريو بأن نص الاتفاق لا يشمل أصلا الصحراء، وهو ما يتماشى مع القانون الدولي، وبذلك ليس من صلاحيات الاتحاد الأوروبي التأكد من ذلك من عدمه، يضيف نص القرار. وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي يرتبط باتفاقيات في مجال الصيد البحري مع 14 دولة إفريقية، أهمها الاتفاقية مع موريتانيا التي تكلف الاتحاد 59 مليون أورو، واتفاقية مع المغرب مقابل 30 مليون أورو، ثم مع غينيا بيساو ب9 ملايين أورو. وتدعو الكونفدرالية الإسبانية للصيد البحري إلى إبرام اتفاقيات مع دول إفريقية أخرى، خاصة مع كينيا وتنزانيا. وتسمح اتفاقية الصيد البحري مع المغرب بممارسة نشاط الصيد في مياهه الإقليمية ل120 باخرة من 11 دولة أوروبية، بينها 90 باخرة إسبانية. ويكتسب الصيد في المياه الإقليمية المغربية أهمية خاصة بالنسبة إلى إسبانيا، نظرا لدوره في التشغيل وفي الاقتصاد المحلي لعدة مناطق، خاصة الأندلس وغاليسيا.