طالبت أصوات في البرلمان الأوروبي بتعديل أو تعليق اتفاقية الصيد البحري مع المغرب كونها تشمل الشواطئ الصحراوية المتنازع عليها. والمغرب يعتبر ذلك مجرد ضغوطات سياسية عليه بعدما تمكن من تعزيز علاقاته مع الاتحاد الأوروبي. طالبت المفوضية الأوروبية للصيد البحري المملكة المغربية بتقديم بيانات، تثبت فيها أن عائدات اتفاقية الصيد البحري الموقعة عام 2007 بين المغرب والاتحاد الأوروبي والتي ستنتهي صلاحيتها عام 2011 تستثمر على الوجه المتفق عليه بين الطرفين. وفي تصريح أدلى به المتحدث باسم مفوضية الصيد البحري السيد أوليفر دريوس لدويتشه فيله، فإن المفوضية الأوروبية قد عقدت اجتماعات مكثفة مع مسؤولين مغاربة في الأسابيع الماضية أبلغتهم فيها عن قلقها من كثرة الاحتجاجات التي تتوصل بها بخصوص مزاعم حول عدم استفادة سكان الصحراء الغربية من اتفاقية الصيد البحري بالشكل المطلوب. وفي هذا السياق قال درويس: "المفوضية تحمل هذه الشكاوي محمل الجد، وأنها وجهت العديد من التساؤلات بهذا الخصوص للمسؤولين المغاربة وتنتظر ردهم عليها، وعلى ضوء هذه التوضيحات سيتم الحسم في مستقبل اتفاقية الصيد الموقعة بين الطرفين". تشكيك في شرعية الاتفاقية وجاء ذلك في وقت تعالت فيه بعض الأصوات في البرلمان الأوروبي، تطالب بتعديل أو تعليق اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، خاصة بعدما أصدرت الهيئة القضائية التابعة للبرلمان الأوروبي قرارا مفاده أن هذه الاتفاقية تفتقد للسند القانوني وتتعارض مع التشريعات القانونية. وبررت الهيئة قرارها باعتبار أن الاتفاقية شملت شواطئ الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو دون أي يتم استشارة الطرف الصحراوي في ذلك عند توقيعيها. كما ترى الهيئة أن الأقاليم الصحراوية لا تستفيد من العائدات المالية لهذه الاتفاقية. وهي أسباب كافية في نظر الهيئة لإلغاء الاتفاقية أو حذف الجزء المتعلق بالشواطئ الصحراوية منها. أما المغرب فيعتبر من جهته أن هذه الادعاءات مجرد مزايدات سياسية، وورقة ضغط تستعملها المنظمات الصحراوية والجهات المؤيدة لها للتشويش على العلاقة المتميزة التي تربط المغرب بالاتحاد الأوروبي. كما أنه يؤكد مرارا أن الصحراء الغربية جزء من ترابه وأنه لن يتنازل عن أي شبر من هذه الأراضي مهما كان الثمن. جدير بالذكر أن المغرب كان قد خاض عند التوقيع على اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوربي مفاوضات وصفت حينها بالعسيرة ودامت سنوات، حيث ظل المغرب متشبثا في هذه المفاوضات بإدراج شواطئ المناطق الصحراوية في الاتفاق باعتبارها جزءا من أراضيه، إلى أن وافق الاتحاد الأوربي على ذلك. وتبع هذا الأمر تصويت البرلمان الأوربي على الاتفاقية مضفيا عليها بذلك الشرعية الكاملة. من المستفيد أكثر من الاتفاقية؟ ويتلقى المغرب بموجب اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي مقابلا ماليا يصل إلى 36.1 مليون يورو سنويا كتعويض له عن سماحه للقوارب الأوروبية بالصيد في المياه الإقليمية المغربية. كما تنص الاتفاق أيضا على تخصيص مبلغ 13.5 مليون يورو لتطوير قطاع الصيد البحري التقليدي في المغرب عامة والمناطق الصحراوية بشكل خاص. وتدعي جمعيات ومنظمات صحراوية أن المستفيد الكبير من إيرادات الصيد البحري هم المغاربة وأن الصحراويين لا يستفيدون منها على الرغم من أن الاتفاقية تشمل كذلك شواطئهم. ويفند مراد الغزالي المهندس في وزارة الفلاحة الصيد البحري المغربية في حديث مع دويتشه فيله هذا الادعاء، معتبرا أن المناطق الصحراوية في جنوب المغرب تعرف تقدما كبيرا في البنيات التحتية، ضاربا مثالا على ذلك بتواجد أكبر ميناء للصيد البحري في المغرب في مدينة الداخلة، كما أن أكبر سوق للسمك في المغرب موجود كذلك في مدينة العيون. ويضيف الغزاليِ قائلا:"أكبر مصانع التصبير والتجميد في المغرب تملكها عائلات صحراوية معروفة مثل عائلة الدرهم وجمان". غير أن أليكس غولداو من مرصد مراقبة ثروات الصحراء الغربية (WSRW) يعارض هذا الرأي معتبرا أنه فعلا تم إيجاد فرص شغل كثيرة في المناطق الصحراوية، "إلا أن فرص الشغل هذه هي لمغاربة الداخل استوطنوا في الصحراء واشتغلوا في الصيد البحري بعد أن بسط المغرب سيطرته على الأراضي الصحراوية عام 1975". ويضيف غولداو في مقابلة مع دويتشه فيله أن السكان الصحراويين الذين يشتغلون في قطاع الصيد البحري يعملون في ظروف صعبة. والدليل على ذلك حسب قوله "تعرض بعضهم للقمع والضرب عندما تظاهروا في مدينة الداخلة ضد ظروف الشغل الصعبة التي يعيشونها." استثناء المناطق الصحراوية من الاتفاقية؟ ويستمر العمل باتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي إلى غاية فبراير/شباط 2011 ومن المتوقع أن تعرض الاتفاقية في شهر غشت/ آب المقبل على البرلمان الأوروبي من أجل التصويت على تجديدها. ولتكثيف ضغوطاتها على الاتحاد الأوروبي قامت منظمات صحراوية بدعم من فاعلين من المجتمع المدني بتنظيم حملة على الإنترنت لجمع توقيعات ضد اتفاقية الصيد الحالية. وبلغ عدد الموقعين عليها لحد الآن حسب الجهات المنظمة إلى أكثر من 15000 توقيع. ومن بين الأهداف الرئيسة لهذه الحملة كما يشرح غولداو، الضغط على الإتحاد الأوروبي لاستثناء المناطق الصحراوية من أية اتفاقية محتملة مع المغرب مضيفا ويقول في هذا الإطار: "نطالب المفوضية الأوروبية من خلال هذه العريضة أن تحذو حذو منظمة "آفتا"(الجمعية الأوروبية للتجارة الحرة) والتي تعقد اتفاقيات التبادل الحر مع المغرب، لكنها تستثني السلع القادمة من الصحراء الغربية بحكمها مناطق نزاع غير محسوم فيها." ويصل عدد القوارب الأوروبية المسموح لها بالصيد في المياه المغربية 119 قارب. مائة منها مملوكة لصيادين من إقليم الأندلس جنوبإسبانيا. ويرى المراقبون أنه في حالة ما إذا تم إلغاء اتفاقية الصيد مع المغرب فإن ذلك سيتسبب في فقدان عدد كبير من الصيادين الإسبان لشغلهم، وهو الأمر الذي سيساهم في تأزيم الوضع الاقتصادي في إسبانيا التي مازالت تتخبط في أزمة اقتصادية خانقة. الكاتب: هشام الدريوش مراجعة: طارق أنكاي