أعاد قرار المحكمة الأوروبية، الصادر في ديسمبر 2015، والقاضي بإلغاء اتفاقية التبادل الحر للمنتجات الزراعية والصيد البحري مع المغرب، لتضمنها منتجات الصحراء، العلاقات الإستراتيجية بين الطرفين إلى نقطة الصفر. وخلق القرار ردود أفعال قوية بين الأطراف، خاصة من الجانب المغربي، الذي صعّد من موقفه، معتبراً أن تحديد مستقبل العلاقات وباقي الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، مرتبط بمواقف المسؤولين الأوروبيين إزاء قرار المحكمة.
وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قرر استئناف القرار بعد يومين من صدوره، إلا أن ذلك لم يمنع المغرب من إبداء مخاوفه حول تأثير قرار المحكمة على علاقات الطرفين.
وتقف العلاقات بين الطرفين على مفترق طرق بعد هذا القرار، خاصة أن التبادل التجاري للمغرب مع الاتحاد الاوروبي، يمثل 67.6% من مجمل تبادلاته، بحسب الإحصاءات الرسمية.
وقال أحمد أوعياش رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (غير حكومية) للأناضول، إن قرار المحكمة الأوروبية فاجأ الجميع، واصفاً إياه بالقرار السياسي وليس الاقتصادي أو التقني.
وأعرب أوعياش عن أسفه من القرار، الذي جاء في الوقت الذي تشهد الشراكة بين الطرفين تطوراً، "ويتباحث الطرفان سبل تقويتها (...)، إلا أن القرار بعثر الأوراق".
وأوضح أن هذا القرار ليس الوحيد في مسار العلاقات المغربية الاوروبية، والتي وصفها بالقوية، مشيراً أن الاتحاد الأوروبي هو اكبر الخاسرين من القرار، مطالباً بوضع حد لمثل هذه الخطوات.
وانطلقت مفاوضات اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق، بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في أبريل 2013، بهدف تسهيل الاندماج المتدرج للاقتصاد المغربي في السوق الداخلية للاتحاد، وهو ما يجعل المغرب دولة خارج الاتحاد تستفيد من امتيازات أعضائه.
وقال أوعياش إن حكومة بلاده تعاملت مع الموضوع بصرامة، "وسيدافع التجار والمصدرون عن اقتصاد ومصالح المغرب، خاصة أن الأقاليم الجنوبية جزء لا يتجزء من البلاد".
ومضى قائلاً، "من غريب الأمر الدفاع عن مصالح سكان الصحراء، الذي هو أحد أسباب قرار المحكمة (...)، والكل يعلم أن سكان الصحراء المغربية يعيشون بحرية، ومستوى معيشتهم مرتفع مقارنة مع باقي المناطق".
"المغرب ليس متخوفاً من القرار، على اعتبار أنه عاش بدون هذه الاتفاقية لمدة 10 سنوات"، بحسب أوعياش الذي أكد أن بلاده نوّعت من شركائها التجاريين، لتتجاوز دول الاتحاد الأوروبي.
بدروها قالت نزهة الوافي عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، إن بعض دول الاتحاد الأوروبي وبعض جمعيات المجتمع المدني بأوروربا، لا تعرف الكثير عن قضية الصحراء، خاصة في ظل المشاريع الكبيرة التي أطلقتها المغرب.
وأوضحت الوافي البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية، للأناضول "عندما يكون النزاع بيد الأممالمتحدة، يتوجب على المؤسسات الأخرى عدم التدخل، وهو ما يعني أنه كان على المحكمة الأوروبية أن تقضي بعدم الاختصاص في هذا الملف".
ودعت حكومة بلادها، إلى العمل على التعريف بقضية الصحراء، في ظل التضليل الذي تمارسه بعض الجهات في قضية الصحراء، لافتة أن بلادها عملت على التنويع من شركائها التجاريين مؤخراً، مثل دول الخليج والصين والدول الأفريقية.
ورفض المغرب القرار الصادر، في 10 من ديسمبر 2015، عن المحكمة الأوربية القاضي بإلغاء اتفاقية التبادل الحر للمنتجات الزراعية والصيد البحري بينهما، بسبب تضمنها منتجات الصحراء.
وأكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية، نهاية العام الماضي، أن قرار المحكمة الأوروبية "غير متماسك" ويتعارض مع روح الشراكة التاريخية القائمة بين الطرفين، و"يقوض التزامات الاتحاد الأوروبي إزاء الفلاحة المغربية".
وسبق لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، أن عبرت عن اندهاش المغرب، إزاء هذا القرار، وأنه يترقب أن يتخذ الاتحاد الأوروبي التدابير المناسبة من أجل إيجاد مخرج نهائي لهذا الإجراء.
واستأنف الاتحاد الأوروبي قرار محكمة العدل الأوروبية إلغاء الاتفاق التجاري، بعدما كانت "جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (بوليساريو) تقدمت بدعوى قضائية طالبت فيها باستثناء منطقة الصحراء من هذا الاتفاق.
ويستفيد المغرب من صفة "الوضع المتقدم" مع الاتحاد الأوروبي، منذ أكتوبر 2008، من عدة اتفاقيات وتمويلات أوروبية.