رغم الدعوات القوية لمناهضي التطبيع التجاري بين المغرب وإسرائيل، فإن الأرقام والإحصاءات تشير إلى وجود معاملات بين المملكة وإسرائيل، وإن كانت موسومة بكثير من التحفظ والسرية. غرفة التجارة الفرنسية الإسرائيلية تحدثت عن وضع المبادلات التجارية بين الطرفين، فذكرت أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل ظلت سرية دائما، ويصعب معها تحديد جانبها المتعلق بمجال الأعمال التجارية بدقة، إذ إن جميع الجهات التجارية المتدخلة متكتمة وتشتغل بعيدا عن الأضواء، غير أن هذه القاعدة تكسر بين الفينة والأخرى حين يتم رفع الحجاب عن هذه العلاقة، وتسريب بعض المعطيات عنها. ووفق تقرير الغرفة المشتركة، فإن الرجل الذي يعلم بدقائق واقع التبادل التجاري الإسرائيلي-المغربي هو دان كاتاريفاس، مسؤول القسم الدولي في جمعية الصناعيين الإسرائيليين، ورئيس الشؤون الدولية في «ميديف» الإسرائيلية في تل أبيب. وحسب الغرفة، فالمغرب، يحتل المرتبة الثانية على رأس الدول الأكثر تعاملا مع إسرائيل في المجال التجاري في إفريقيا، إذ يأتي مسبوقا بجمهورية مصر، تليه موريتانيا، فإثيوبيا، وأوغندا ثم غانا. وزعمت تلك الغرفة أن الرباط «اختارت» منذ سنوات أن تكون شريكا اقتصاديا لإسرائيل. وبلغ حجم المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل أكثر من أربعة ملايين دولار شهريا، وفقا لما ذكره مكتب الإحصاء الإسرائيلي المركزي، الذي أكد أن التجارة بين إسرائيل والمغرب شهدت تحسنا ملحوظا، إذ بلغت الصادرات المغربية إلى إسرائيل حوالي 24 مليون دولار سنة 2015، بعدما سجلت مستوى متدنياً في 2014، لم يتجاوز 6.6 ملايين دولار، كما بلغت نسبة الواردات المغربية من إسرائيل، في الفترة الممتدة ما بين بداية سنة 2015 وأواخر شهر يناير 2016، حوالي 28 مليون دولار، وهو مؤشر على تحسنها في الفترة الأخيرة بعد تسجيلها نوعاً من الركود في 2014.المصدر ذاته أشار إلى أن العديد من الشركات المغربية والإسرائيلية تستخدم قنوات تجارية بالغة التعقيد والسرية، من الصعب اقتفاء أثرها، وذلك من أجل التمويه للحؤول دون إدراك حقيقة التبادلات بين البلدين، والتي طالما كانت محل تنديد من قبل الرأي العام المغربي. نوال خباش، عضو حركة مناهضة التطبيع ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية «بي دي إس المغرب»، لم تستغرب استمرار المعاملات التجارية بين المغرب وإسرائيل، اعتبارا «لتمادي الجهات الرسمية في تجاهل دعوات مناهضة التطبيع». وأكدت خباش، في تصريح ل«اليوم24»، أن الحركة «طالما حذرت من تنامي ظاهرة التطبيع وارتفاع أرقام المبادلات التجارية بين المغرب والكيان الصهيوني، وذلك بمراسلة الحكومة، غير أن الأخيرة تصم آذانها، وتهمل رسائلنا، ولا نلقى منها أي تجاوب أو تفاعل بخصوص الموضوع، وحتى وإن وجد، وهو نادر، فإنه يكون على شكل نفي قاطع لما نزعمه، رغم توفرنا على الوثائق والأدلة المثبتة». التقرير أشار إلى توقيع المتعاملين اتفاقيات تجارية ومعاملات مالية وبرامج تعاون مع الهيئات الحكومية والقطاع الخاص، وضرب مثلا بمجال التمويل، حيث شكل بنكا «ليومي» و«هابواليم» جسرا لعمليات الاستيراد والتصدير بين المغرب وإسرائيل عبر اتفاقيات مصرفية مع العديد من المؤسسات المالية المغربية.وسلطت الغرفة الضوء أيضا على تجربة تجارية إسرائيلية مغربية، متمثلة في شركة «نتافيم» (التي اشترتها شركة مكسيكية في يوليوز 2017)، وهي شركة رائدة عالميا في مجال الري ونظم الري الصغير، إذ أوضحت أنها فتحت فرعا تابعا لها في المغرب، من أجل تعزيز خدماتها مع عملائها وشركائها.وقد سبق للشركة أن تحدثت عن تجربتها في المملكة، مؤكدة أنها تسعى إلى «تعزيز فريقها التقني والتجاري في المغرب، باعتبارها جزءا من أسباب نمو السوق، وتسعى إلى مساعدة عملائها وشركائها في المغرب وشمال إفريقيا».