دافع المفكر المغربي، عبد الله العروي، خلال استضافته في برنامج حواري بقناة «سكاي نيوز» بالإمارات العربية المتحدة، أول أمس، عن فكرة التمييز بين إسلام المغرب وإسلام المشرق العربي. العروي قال إن التجربة التاريخية الخاصة بالمغرب، في ارتباطه بالأندلس، والبنية الاجتماعية الخاصة به، تجعله متميزا عن المشرق. «الإسلام في المغرب إسلام فقهي، وهذه التجربة التاريخية خاصة للمغرب، لأن الفكر الأندلسي مبني على نظرة معينة في التفسير والتأويل للنص القرآني»، يقول العروي، موضحا أن «ابن خلدون وابن رشد وابن حزم كذلك، كلهم قالوا إن النص دائما مبهم، ولا بد من التأويل، وكل ما يتعلق بالربانيات يجب أن نأخذ فيه النص على وجهه الظاهر وبالمنطق الظاهري، وهذا هو المنطق المتغلب على الفكر الأندلسي، لكن فقط في الإيمانيات، ونحن نتشبث بالظاهر في العبادات، ولا نتشبث به في المعاملات لأنها تتطلب تأويلا، وهنا فكرة الفقه المالكي التي تقوم على أساس المصلحة». العروي استعان بمنتسكيو الذي كان يميز بين مسيحية الشرق ومسيحية الغرب الأوربي، واعتباره أن خلط بيزنطة الشرقية بين الدين والسياسة هو سبب فشلها. «نحن في المغرب نرضع هذا الفكر من ثدي الأمهات، ولم نتخوف أبدا من فكرة الفصل بين الدين والسياسة، التي جاءت عند مونتسكيو لتميز بين المسيحية الشرقية التي كانت تخلط، والمسيحية الغربية، وهو ما يمكن أن يميز عندنا أيضا بين الإسلام الشرقي والإسلام الغربي». وأوضح العروي أن الاختلاف بين الشرق والغرب الإسلاميين «يأتي من التجربة التاريخية والتركيبة الاجتماعية، لهذا أنا من الناس الذين يقولون إنه لا يجب التعميم، وعلى كل مجتمع عربي إسلامي أن يوضع في إطاره التاريخي الخاص. نحن لدينا تجربة دولة ناتجة عن الإرث الأندلسي وتركيبة اجتماعية وتاريخية معينة، نتوخى دائما المصلحة الراهنة». وعندما سئل العروي عن رأيه في فكر ابن تيمية، قال إن «دعوة ابن تيمية كانت في ظروف معينة، الحكم فيها للممالك الأتراك، والعرب واقعون تحت سيطرتهم، وجاء بالدعوة لإحراج السلطة الحاكمة الأجنبية بجعل السلطة لا تكون شرعية إلا إذا قامت بالجهاد، لكنه جهاد خارج الوطن الإسلامي، أي أنه جعله سلاحا سياسيا لإحراج الطغمة التركمانية الحاكمة آنذاك، وهذا وضع تاريخي نعرفه جميعا، ولا علاقة له بما في السابق، وبالتالي لا يمكن أن ينطبق تأويله الخاص على حالتنا اليوم». فصل آخر دافع عنه العروي يتمثل في الفصل بين التراث والحداثة، «علينا أن ننفصل عن تراثنا ثم تعتد به بعد الحداثة، لأنه سيكون أغنى بالنسبة إلينا، وهذه تجربتي الخاصة. أنا عموما لم أهاجم من يقولون العكس، وقلت لهم: سأعود. وقد عدت». وأوضح العروي أن التراث والتاريخ القديم كله تأويل، «والتأويل القديم لا يمنع أن نؤوله تأويلا جديدا، أي يمكن أن يصلح في زمن ولا يصلح في زمن آخر، والنص هو القار وليس تأويل النص. من يستطيع أن يقول الآن إن التأويلات المتتالية للنص القرآني صحيحة مائة في المائة؟ لا أحد يستطيع أن يقول ذلك. النص هو النص، لكن التأويلات صالحة لزمانها. البعض يقول: لا، التأويل الفلاني هو الصحيح، ما الدليل على ذلك؟ وقد قلنا إن النبوة انتهت، ومن يدعي أن تأويله هو الصحيح يدعي نبوة جديدة، وهذا مرفوض».