تسلم الشاعر الفرنسي «إيف بونفوا» جائزة الأركانة، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، في حفل شعري وفني احتضنته قاعة محمد الصباغ بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء مساء أول أمس. إذ شارك في الحفل وزير الثقافة والمكتب التنفيذي للبيت وفاعلين آخرين في المجال الثقافي المغربي. تسلم الشاعر الفرنسي «إيف بونفوا» جائزة الأركانة، التي يمنحها «بيت الشعر في المغرب»، في حفل احتضنته قاعة محمد الصباغ بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء. إذ تميز اللقاء بإلقاء كلمات في حق الشاعر الفرنسي، الذي يخلف الإسباني «أنطونيو غامونيدا». في هذا السياق، قال الشاعر نجيب الخداري، رئيس بيت الشعر في المغرب، إن منح جائزة الأركانة للشاعر الفرنسي «إيف بونفوا» «تتيح لنا، في نسختها الثامنة، فرصة ثمينة لمحاورة جغرافية شعرية أخرى، هي الشعرية الفرنسية». كما أشار إلى أن تجربة هذا الشاعر العميقة جعلته مرشحا دائما لجائزة نوبل، معتبرا إياه «واحدا من أبرز القامات الشعرية في فرنسا وفي العالم». وأوضح الخداري أن الشاعر الفرنسي قدم طيلة مساره الإبداعي «عطاء شعريا ذا خصوصية تضع اللغة في قلب التجربة الإنسانية المباشرة: لغة تتخلق للوهلة الأولى، وتسمي الأشياء والكائنات من جديد، وتفرغ الكلمات من الأكاذيب والأوهام وتعيد العالم إلى صورة حضوره». في حين، اعتبر وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي أن تتويج الشاعر الفرنسي المتوج بالأركانة «لم يغن بأعماله الشعرية الغزيرة ذخيرة الشعر الفرنسي فحسب، بل أيضا المتن الشعري العالمي على امتداد ما يربو على ستين عاما من الممارسة الإبداعية والبحثية المنخرطة.. في مقاربة جوهر الشعر نفسه وصياغة ما سمّاه بالاكتمال المستحيل». من جانبه، ذكر محمد غرين، الرئيس المنتدب لمؤسسة الرعاية التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، الذي يقدم مبلغ الجائزة (12 ألف دولار)، بالشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، الذي منح الجائزة ذاتها بعيد وفاته سنة 2008، مشيرا إلى أن الجائزة أصبحت بعد ذلك تُمنح سنويا. ووصف الشاعر الفرنسي الفائز بأنه «الشاعر الفذ، شاعر الحكمة والتجديد». في هذا السياق، لابد من الإشارة إلى أن بيت الشعر كرّم أيضا محمد غرين، الذي سيغادر المؤسسة، احتفاء به وتقديرا لما أسداه للبيت من خدمات. للإشارة، ولد الشاعر «بونفوا» يوم 24 يونيو 1923 في «تور» الفرنسي. استقر والداه في هذه المنطقة بعد زواجهما، حيث كان والده «إلي» عاملا في أوراش السكة الحديد، بينما كانت والدته «هيلين موري» ممرضة. تميزت حياة الشاعر الفرنسي «إيف بونفوا» بطفولة كئيبة، تتخلها بعض العطل في بيت جده من أمه في منطقة «تواراك»، التي اعتبرها بمثابة منفى. لكن وفاة والده سنة 1936 سيغير حياته رأسا على عقب. بعد حصوله على الباكالوريا في الفلسفة والرياضيات، انتقل إلى دراسة تاريخ العلوم والفلسفة في الأقسام التحضيرية في جامعة «بواتيي»، ثم جامعة السوربون، قبل أن يقرر الاستقرار في باريس، حيث تأثر بالنزعة السريالية. تعددت رحلاته الدراسية إلى إيطاليا وهولندا وإنجلترا. في هذه الفترة، بدأ الشاعر يتخلى عن لغة الأرقام لصالح الشعر والفلسفة وتاريخ الأفكار والفنون. أغرته السريالية، لأنها تتيح له الخلاص، لكنه سرعان ما تخلص منها سنة 1947. انكب بعد ذلك على الترجمة، خاصة أعمال شكسبير، وعمل في جامعة فرنسية وأوربية، قبل أن يمنح كرسي الدراسات المقارنة سنة 1981 بكوليج دو فرانس، حيث ظل يدرس إلى غاية 1993. وفضلا عن مساهماته الشعرية الكبيرة، قدم «بونفوا» العديد من التأملات الفلسفية التي أصدرتها منشورات غاليلي. من أعماله «سائدة أمس الصحراء» (1958) و»حجر مكتوب» (1964) و»في خديعة العتبة» (1975) ثم «ما كان بلا ضوء» (1987) و»بداية الثلج ونهايته» (1991) و»الحياة التائهة» (1993) و»الألواح المقوسة» (2001) و»تحت أفق اللغة» (2002). جدير بالذكر أن بيت الشعر في المغرب أصدر في الآونة الأخيرة للشاعر ديوانا يضم مختارات من قصائده، ترجمها كل من رشيد خالص وأسماء خلا. كما عرض ناشرون تونسيون ترجمات عربية للشاعر الفرنسية، موازاة مع حفل التكريم.