تعيش بلدية مدينة تطوان على صفيح ساخن، مع اقتراب انتهاء ثلاث سنوات الأولى من عمر المجلس الحالي للبلدية بقيادة حزب العدالة والتنمية، والتي يسمح فيها القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113.14 بعد انصرام أجل ثلاث سنوات من انتداب المجلس لثلثي الأعضاء المزاولين مهامهم تقديم ملتمس مطالبة الرئيس بتقديم استقالته، حيث بدأت تحركات الحليف الجديد لحزبه، "التجمع الوطني للأحرار"، في هذا الاتجاه لمحاولة تكوين تحالف جديد يمكنه من إسقاط الرئيس الحالي محمد أدعمار وعزل حزب المصباح. في هذا الحوار يوضح ادعمار حيثيات ما يحدث في بلدية تطوان وسبب الذي جعله يتغاضى عن كشف ملفات اختلالات التدبير في عهد الطالبي العالمي، بالإضافة إلى الكشف عن تحركات حزب الحمامة في تطوان. س: ماذا يحدث في مجلس بلدية تطوان؟ بسم الله الرحمن الرحيم، أولا شكرا على الاهتمام بالقضية المحلية لمدينة تطوان، والأساسي في سؤالكم، هو استفساركم حول سفري إلى مدينة مالطا، ومؤشرات ما يحاولون القيام به اتخذت منحى أصبحت عبره القضية واضحة حتى بالنسبة لغير المتتبع للشأن المحلي والفعل السياسي بمدينة تطوان، من خلال عمليات التشويش وعلميات الاستقطاب، ومحاولة تشكيل أغلبية غير الأغلبية التي انبثقت عن انتخابات 2015. وفي الحقيقة، فقد بدأ التشويش بشكل مباشر بمجرد ما تشكل المكتب وبدأ المجلس في الاشتغال، والجهة السياسية التي لم تستطع استيعاب نتائج الانتخابات أولا، لأنهم كانوا ينتظرون أن تسفر توقعاتهم الانتخابية عن نتائج مغايرة للتي أفرزتها صناديق الاقتراع لاستحقاقات 2015، وكانوا أيضا يتوقعون أنهم سيشكلون تحالفا خارج حزب العدالة والتنمية مما سيمكنهم من عزل الحزب، وعندما لم يتمكنوا من النجاح في مسعاهم لم يستكينوا، بل استمروا يشتغلون في عملية الاستقطاب للحزبين المتحالفين معنا، ولما وصلت انتخابات 2016 زادت حدة الاستقطاب، ولمن يريد إدراك حيثيات هذه الملابسات أن يعود إلى الطعون التي تم التقدم بها ضد لائحة العدالة والتنمية خلال انتخابات 2016، إذ تم تشكيل تكتل بين هذه الأطراف حتى أنهم استعملوا نفس العون القضائي، وجاءت الطعون متطابقة من حيث النقاط المثارة، كما أنهم استقطبوا حتى اللائحة المستقلة، والتي يعتبر وكيلها قياديا في حزب العدالة والتنمية سابقا، وهو ما يؤكد بالملموس أن الإشتغال كان على قدم وساق منذ 2015 لكن وطأته اشتدت سنة 2016، وبطبيعة الحال تطور الأمر إلى التحرش بمجموعة من الأشخاص، ابتداءا بمجالسة بعض أعضاء العدالة والتنمية ومحاولة استقطابهم، أو استمالتهم لبعض الموظفين الذين يعانون من مشاكل داخل البلدية أو أنهم مع الرئيس شخصيا وغير ذلك. مع انتخابات 2016، وبالإضافة إلى هذه الأطراف السياسية، هناك طرف آخر غير سياسي التحق بهذه "الجوقة" أو التحالف، لكن الأمور استمرت واضحة بالنسبة للمتبع وبالنسبة للمعنيين بالسياسة المحلية بشكل مباشر، وأثناء سفري لمالطا ما بين 21 و24 فبراير، تحدث الناس عن ضياع أربعة أيام، لأن كل شيء كان مهيئا وجاهزا، والتنسيق كان قد تم بشكل دقيق، ولكي تتخذ القضية بعدا واشعاعا أكبر، توجهوا نحو قطاع النظافة لخلق الارتباك، في حين أن نائب الرئيس المفوض بتدبير القطاع قام باجتماعات مكثفة لمحاولة احتواء الأمر، ولكونهم مطلعين على منافذ القطاع وملفاته، استطاعوا شل القطاع بالمدينة، هذا كل ما في الأمر. ويمكن أن نعتبر أن بوادر فشل هذا "الإنقلاب" بدا ولله الحمد بشكل واضح، وأن تفكيك الماكينة "الإنقلابية" تم بنجاح وهي مازالت قائمة ومشتغلة، لكنهم عادوا إلى الاشتغال في الخفاء، ونحن نعتبر أن رجوعهم إلى الخفاء لتغيير التاكتيك والبحث عن كيفية التقوي من جديد. مسألة أريدكم أن تشيروا إليها، هي كما يقول المثل الشهير: خذوا الحكمة من أفواه المجانين، قيادية من "الحلف الانقلابي" نشرت تغريدة عبر الفايسبوك تشير لاشعوريا إلى ما تفضلت بقوله. س: إذا لاحظنا منذ 2009 إلى الآن، 4 محطات انتخابية يفشل فيها رشيد الطالبي العلمي، في نظركم ما هي الضمانات التي جعلته متأكدا من الفوز هذه المرة علما أن العرف السياسي يقتضي أن يرجع إلى الخلف بعد هذا الفشل؟ ما يجب أن يعرفه الجميع، بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة تطوان، أنه يستفيد من دعم معنوي من طرف بعض الفئات التي كان يشتغل معها منذ 2009 والتي شرع لها أبواب الجماعة لإشباع مصالحها، مما يجعل هذه الفئات مع كل محطة انتخابية تحس بالحنين إلى هذه الامتيازات بالإضافة إلى الوعود التي تمنح لها، من قبيل أنه مسنود من أطراف رسمية، وأن السلطات العليا بالرباط تطلب منه الترشح، مما يجعل الناس تختلط عندها المفاهيم وتتوقع كل مرة أنه سينجح في الاستحقاقات الانتخابية المحلية، لكن النتائج تأبى إلا أن تكون عكسية. س: كان بإمكانكم أن تقوموا بما قامت به بعض المجالس الجماعية الأخرى، حيث قامت بكشف ملفات الفساد واختلالات تسيير المجالس السابقة ، لكنكم لم تكشفوا لنا عن أي ملف فساد يعود للفترة التي كان فيها رشيد الطالبي العالمي يدبر رئاسة الجماعة الحضرية لتطوان؟ للإشارة ، من خلال منهجية اشتغالنا التي دخلنا على أساسها إلى مجلس مدينة تطوان، راهن الجميع على انكبابنا على ملفات الفساد وبعض الإختلالات الواضحة في بعض المجالات كالتعمير على سبيل المثال، لكن ذلك سيجعلنا حبيسي هذه الملفات منذ 2009 إلى 2015 وفقط، ولن ننجح في تنزيل أي مشروع هادف تستفيد منه المدينة. س: إذن هل هناك ملفات فساد كثيرة تعرفها مدينة تطوان؟ لأن المدة هي ست سنوات وهي كافية على ما أظن؟ من باب الموضوعية، لا يمكن لشخص أن يسير جماعة دون أن تكون له أخطاء… س: لكن هناك فرق بين الأخطاء والخطايا. لكن هذه الأخطاء والإختلالات تختلف من تدبير لآخر. ما أريد أن أقوله، ربما للصحافة ولبعض الأشخاص المتميزين بالفضول السياسي ربما تستهويهم هذه المواضيع، لكن ما يهم المواطن العادي هو جودة خدمات الماء والكهرباء والطرق والنظافة وغير ذلك، ولا تهمه ملفات الفساد بالدرجة الأولى، لأن تلك مهمة الأجهزة الرقابية للدولة فهي من تنكب عليها، كالمجلس الجهوي للحسابات، والمفتشية العامة لوزارة الداخلية، أما نحن فإننا نشتغل بعزم وثبات، والأمر موكول لهذه الهيئات إن اختارت أن تقوم بواجبها الرقابي. س: لكن ألا يمكن القول أنه منذ 2013 برزت حسابات سياسية تحول دون الكشف عن فترة تولي رشيد الطالبي العلمي للمجلس بحكم رئاسته لمجلس النواب، وتحالف البيجيدي مع الأحرار، ألم تأخذوا هذا الأمر بعين الإعتبار للتغاضي عن مسألة مراجعة ملفات المجلس السابق؟ ما يجب قوله صراحة، أننا على المستوى المحلي، لم يسبق لنا أن تلقينا توجيها مركزيا من قيادة الحزب في اتجاه عدم الإشتغال على هذه الملفات، لكن تقديرنا للأمر، وهو أن الإشتغال على هذا الأمر سيأخذ منا وقتا طويلا بات المواطن اليوم في أمس الحاجة إليه، وفالمواطن التطواني المتتبع للشأن المحلي على علم بكل كبيرة وصغيرة تحدث ولسنا بحاجة إلى إخباره بشيء، كما أن إيلاء أهمية لا تستحق لهذا الأمر يمكن أن يفتح باب المزايدات التي اعتاد السياسيون استعمالها، والتي لسنا بحاجة إليها، لأن نتائج الإنتخابات كافية للتعبير عن توجه المواطن التطواني. س: علمنا خلال الانتخابات أنكم اختفيتم عن الأنظار أنتم وفريق البام خوفا من تأثير الأحرار عليه، الم تكن واثقا من مستشاري البام؟ لا، هذا إجراء لا علاقة له بالإختفاء أو عدم الثقة، لقد كنا بصدد التحالف مع جانب نحن بحاجة إلى مجالسته ومناقشته أولا، وتحضير أرضية التحالف، وعلى أي أساس، وماهي الأولويات، وذلك لا يمكن أن يم إنجازه داخل البيوت في ساعة أو ساعتين، وهو شيء لا يتأتى داخل البيوت بقدر ما يحتاج إلى جولات خارج المدينة تكون فيه المحادثات هادئة. س: علمنا أيضا أن نائبكم الأول الحالي، من الأشخاص الذي ساهموا في هذا "الإنقلاب"، ماذا تغير؟ إشكالية بعض الأشخاص الذين يبعدون عن كل البعد عن السياسة وعن التدبير المحلي، يتوهمون أن البلدية بمجرد تقلد منصب نائب رئيس أو مستشار، سيحصلون بطريقة سهلة (ضاحكا) على دفتر الشيكات، أو يقررون كيفما شاءوا عبر حلول جاهزة، لكن عندما يدخل هؤلاء الأشخاص ويجدون أن كل شيء مقنن وخاضع لضوابط ومساطر تضيق عليهم البلدية بما رحبت، ويضيق عليهم التسيير وربما ينقلب الأمر ندما على الترشح أو حتى على التحالف وتقلد المسؤولية، وهذا للأسف ما يحدث لبعض الناس الذين يدخلون سباق الإنتخابات ولا يعلمون إلى أين يدلفون بالضبط، وأعتقد أنها نفس المسألة بالنسبة للإنتخابات البرلمانية، فتراهم يبيعون ممتلكاتهم لتغطية مصاريف حملاتهم الإنتخابية بمئات ملايين الدراهم، ويعتقد أنه بمجرد أن يصبح برلمانيا، كل إشكالاته الإدارية ومصالحه الشخصية يتجد سبيلها نحو الحل، لكن بمجرد دخوله البرلمان وتجوله داخل ردهاته ويعود إلى منزله (ضاحكا) فيندم ندما شديدا على دخوله سوق الإنتخابات. س: استقطابكم لرجال الأعمال كان ربما السبب الرئيسي في تفاقم الخلافات بينكم وبين رشيد الطالبي العلمي، إلى أي حد يمكن الأخذ بصحة هذا الطرح؟ هذا ليس صحيحا، لأن رجال الأعمال يتبعون مصالحهم في جميع الحالات، وقناعتهم أن مصالحهم ميسرة وبشكل شفاف وواضح وبمساطر واضحة، في فرق كبير مع طريقة تنسيقهم مع المجلس في الفترات السابقة لسنة 2009. س: بتعيين رشيد الطالبي العلمي منسقا جهويا، هل يستعد حزب الأحرار لانتخابات سابقة لأوانها خصوصا مع هذه التحركات؟ لا شك أنكم متتبعون لما يحدث على الساحة السياسية، لأننا لم نعرف بعد هل حزب الأحرار يستعد للحملة الإنتخابية لسنة 2021 أم قبل سنة 2021، ولكن إن كانوا يقومون بهذه التسخينات في أفق 2021 سيتعبون تعبا شديدا ولن يستطيعوا السير بهذا النفس، وأنا أشيد بالصحافة أن تسجل ما سأقدمه لكم من معطيات، وهي أن هناك جزء من ساكنة تطوان، تتلقى مكالمات هاتفية من رقم يحمل رموز لمدينة الدارالبيضاء تدعوهم إلى الإلتحاق بالتجمع الوطني للأحرار والإنخراط بمقر التجمع الوطني والإنتظام داخل هذا الحزب، وهذه المكالمات بالنسبة لنا نعتبره تسخينات للحملة الإنتخابية لكننا لا ندري هل لسنة 2021 أم قبلها أو بعدها فليس لنا أي تأكيد. س: ما طبيعة علاقتكم برشيد الطالبي العلمي؟ إنسانيا، علاقتي به علاقة جد جيدة، سياسيا نحن كلاعبي كرة القدم، عند دخول الملعب يتموقع كل لاعب داخل مربعه، لكن التواصل الشخصي موجود. س: الا يظهر لكم الطالبي العلمي شيئا مما يدور في الخفاء؟ دعني أجيبك بصراحة، بالنسبة للطالبي العلمي شخصيا، لا أستطيع الجزم بكونه منخرطا بشكل كبير في ما يحاك في الخفاء، لكن المحسوبين على حزبه محليا منخرطون في ذلك، هل الأمر يتم بتوجيه منه أم لا؟ لا يمكنني تأكيد أو نفي الأمر لأنني أجهل الحيثيات، وتدوينة القيادية في حزبها واضحة للعيان. س: بالنسبة لموقع الأستاذ الأمين بوخبزة، لماذا في نظركم منخرط في الحملة ضدكم؟ لا أعلم بالنسبة للأخ بوخبزة، هل هو واعي تمام الوعي لذلك الإنخراط، أم أنه وضع تحت ضغط مواجهة لائحة الحزب يلزمه استعمال جميع الوسائل بما فيهم وسيلة الإنخراط في خطتهم، أو ربما المحيطين بالأخ، هو الذين أملوا عليه هذا الأمر ودفعوه إلى الإنخراط، وهي مسألة لست مخولة لتأكيدها، لكن ما يمكنني تأكيده، أن اللائحة المستقلة في مدينة تطوان فيها تنسيق مع حزب الأحرار والبام والإتحاد الإشتراكي، ولكم أن تقصدوا العون القضائي الذي أنجز محاضر المعاينات، أنجز نفس المحضر لكل حزب، حتى أن صياغة عرائض الطعن متطابقة، نفس الجمل ونفس الحروف..