يقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة نفسية فريدة، تتجلى من خلال حركاته وطريقة كلامه. إذ لجأ العديد من المحللين النفسانيين والعقليين إلى وضع حالته على مشرحة علم النفس والتحليل العقلي، وذلك قصد تحديد اختلالاته وأمراضه. ومن هنا، توصل بعضهم إلى أنه يعاني جنون العظمة والنرجسية والسادية ووهم الاعتقاد بالتآمر ضده. بالنظر إلى التصريحات المتضاربة للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، يتساءل كثيرون عما إذا كان الرجل يعاني اضطرابات نفسية أو أمراضا عقلية. إذ يتضح هذا من خلال تركيز الإعلام الأمريكي والعالمي على بعض الثغرات في خطاباته وتصريحاته وحواراته الصحافية. وما الورقة التي نشرناها في عدد السبت/ الأحد الماضيين سوى نموذج واحد من نماذج كثيرة تدل على حالة نفسية فريدة للرئيس الأمريكي الخامس والأربعين. من هنا، لجأ كثيرون إلى إخضاع حالته إلى مجهر التحليلي النفسي. ينطلق البعض من حركاته وإيماءاته ونظرات عينيه، لطرح السؤال: هل تتحدث لغة الجسد فعلا عن شخصيته؟ في هذا السياق، يرى المحلل النفساني الأمريكي "آلان ستيفنس" أن إيماءات ترامب تعكس أفكاره، مشيرا إلى أنه غير مهتم بقيمتها. كما يعتبر أنه "يستخدم حركات اليدين بشكل عشوائي، ليعبر عن أن الأمور كانت سارت بشكل خاطئ، قبل أن يعود إلى استخدام الإيماءات البسيطة ليظهر أنه يمكن الثقة به لاتخاذ القرار". في حين، يعتقد "جيف بيتي"، وهو أستاذ علم النفس وكاتب متخصص في قضايا التحليل النفسي، أن "ترامب يملك لغة جسد متميزة، حتى إن بعض إيماءاته غير مألوفة إطلاقا". لكنه يؤكد أن ترامب لم يتدرب على الطريقة المناسبة للتعبير عن أفكاره. وتؤكد عالمة النفس الفرنسية إليزابيت رودينسكو، في حديثها عن الحالة النفسية لترامب: "حالة دونالد ترامب ليست عادية، إذ إنه لم يكن منتظرا أن يدخل البيت الأبيض بسبب إفراطه في إطلاق التصريحات والتعاليق التي تبرز سلبياته الخطيرة. إلا أن الأزمة الديمقراطية التي يعاني منها العالم الرأسمالي في الوقت الحالي، وصعود الشعبوية ساعداه على أن يصبح رئيسا لأكبر دولة في العالم". كما تعتقد رودينسكو أن ترامب "جاء بعد أوباما كرد فعل لأمريكا العميقة التي لم تتقبل نخبوية الساحل الشرقي التي يمثلها هذا الأخير"، مستنتجة أن "أمريكا العجوز، أمريكاالبيضاء الفقيرة والساخطة هي التي تمردت على نخبها. من هذا الجانب، نحن نصاب بالدهشة والذهول حين نعاين أن الطبقات الأكثر عرضة للاستغلال هي التي صوتت لملياردير زاعمة أنه يعكس بؤسها. وتلك هي المفارقة الكبيرة". غير أن رودينسكو ترى أنه في الوقت الذي ينتمي ترامب إلى الطبقة البورجوازية، فإنه يبقى "عديم الثقافة، وله سلوك بدائي يذكر بسلوك رجال "الفارواست". لهذا السبب هو مرفوض من قبل المثقفين والفنانين ونجوم هوليوود". جدير بالذكر أن مساهمة علم النفس لم تتوقف عند حد تحليل شخصية دونالد ترامب، بل انتقلت إلى مستوى أكبر، يتجسد في المبادرة التي أقدم عليها طبيب أمريكي مشهور في مجال الأمراض العقلية والنفسية. إذ أقدم الطبيب "جون كارتنر" على جمع توقيعات لعلماء النفس ومتخصصين في الأمراض العقلية، تبين أن الرئيس الأمريكي الجديد يعاني من مرض عقلي يمنعه من حكم البلاد. إذ تمكن هذا الطبيب من جمع نحو 16 ألف توقيع. غير أن طبيبا بريطانيا، يدعى "ألين فرانسيس" يرى أن ترامب لا يعاني من مرض عقلي، وإنما من اضطرابات نفسية، ملمحا إلى أنها قد تكون على مستوى الإحساس أو الإدراك. وعلى العموم، فإن أغلب التحليلات النفسية لا تخرج عن تحديد الاختلالات النفسية الآتية: جنون العظمة، وهي تتبدى من خلال رفض دونالد ترامب أن يستأنس بنصائح المقربين منه أو آرائهم، أو من خلال تعامله مع النساء القريبات منه، وخاصة زوجته النرجسية، وتظهر من خلال وثوقيته وأنانيته واعتداده الكبير بنفسه وغروره وتعاليه؛ السادية وضمور المشاعر، وتظهر من خلال عدوانيته وهجوماته المتكررة على خصومه، وخاصة على الصحافة؛ وهم الشعور بالاضطهاد، وتتجلى من خلال تصريحاته المتكررة حول وجود مؤامرات ما ضده أو تربصات به، الخ. وأخيرا التناقضات، وتظهر من خلال عدم قدرته على صياغة موقف واضح ومحدد من روسيا أو القضية الفلسطينية.