بعد الجدل الكبير، الذي رافق المراجعة الشاملة، التي خضعت لها الكتب المدرسية، خصوصا مناهج التربية الإسلامية، خرجت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني من جديد للدفاع عن نفسها، والتجاوب مع الآراء، المعبر عنها من طرف بعض جمعيات المجتمع المدني، والمثقفين، والتي تبدي تخوفاً على موقع ومستقبل الفلسفة في المدرسة المغربية. وجددت الوزارة في بلاغ توصل "اليوم24" بنسخة منه، اليوم الأربعاء، استغرابها لكون "ردود الأفعال اختزلت عملية المراجعة الشاملة، التي خضعت لها الكتب المدرسية في نص واحد متضمن في كتاب (منار التربية الإسلامية) للسنة الأولى بكالوريا في موضوع الإيمان والفلسفة". ورد في باب تقديم "منار التربية الإسلامية" نموذج لموقف يشدد الكتاب المدرسي المعني، على أنه عنيف من الفلسفة، إذ يؤطر الكتاب تقديم هذا النص بأسئلة توجيهية لدفع التلاميذ إلى إجراء مقارنات، بين محتوى هذا الموقف العنيف، والموقف الآخر، الذي يعتبر العقل والتفكير من أدوات الوصول إلى الحقيقة. وأكد المصدر ذاته، أن الخيارات التربوية المتعلقة بالمنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية تسعى إلى "ترسيخ الوسطية والاعتدال، ونشر قيم التسامح والسلام، والمحبة، وتعزيز المشترك الإنساني بالبعد الروحي". وأضاف المصدر ذاته، أن البرنامج الجديد للتربية الإسلامية في سلك التعليم الثانوي التأهيلي يتضمن قضايا تفرضها السياقات الثقافية والاجتماعية الوطنية والدولية: "ففي مستوى السنة الأولى باكلوريا، وهي سنة مفصلية بالنسبة إلى التلميذات، والتلاميذ باعتبارها سنة اجتياز الامتحان الجهوي للباكلوريا، يتطرق المنهاج الجديد لأربعة قضايا كبرى وهي: الإيمان والغيب، ويتم التركيز في هذه المجزوءة على مفهوم الغيب ودلالة الإيمان به، وأثر الإيمان بالغيب في التصور والسلوك تجنبا للانحرافات، المتعلقة بالموضوع، التي تربط الغيب بالخرافة، ثم الإيمان والعلم". ويتم التركيز في هذه المجزوءة على أن الإسلام يشجع العلوم تجنبا أيضا لبعض المواقف النشاز من العلم. وأيضا، الايمان والفلسفة، وينص المنهاج الدراسي على أن من أهداف التطرق لهذا الموضوع التأكيد على أن التفكير الفلسفي يقوي العقل، ويطور التفكير، ودحض فكرة تعارض العقل والايمان. والقضية الرابعة: الإيمان، وعمارة الأرض، ويهدف المنهاج الدراسي من خلال التطرق إلى هذا الموضوع إلى ترسيخ فكرة المشترك الإنساني، وواجب عمارة الأرض، وإصلاحها في وعي وسلوك الناشئة". وأردف المصدر ذاته، أن "مادة الفلسفة تحظى بمكانة متميزة في المنهاج الحالي في السلك الثانوي التأهيلي بتدريسها كمادة إجبارية، ابتداء من الجدع المشترك، وعلى امتداد السنوات الثلاث للسلك، بحصة أسبوعية من ساعتين إلى أربع ساعات، حسب الشعب والمسالك، خلافا للعديد من الدول، حيث تدرس هذه المادة في السنة الأخيرة من السلك الثانوي، وفي بعض الأحيان في بعض الشعب دون أخرى، أو بصفة اختيارية". ويتضمن منهاج مادة الفلسفة مواضيع فكرية أساسية، ومقاربات ديداكتيكية مُجدّدة، ويتم تدريسها في ثمان مجزوءات موزعة على السنوات الثلاث، وهي الفلسفة، والطبيعة والثقافة، والإنسان، والفاعلية والابداع، والوضع البشري، والمعرفة، والسياسة، والأخلاق. وتتناول قضايا متعددة كمعالم التفكير الفلسفي، ونمط اشتغاله، والتمييز بين الطبيعة والثقافة، الوعي واللاوعي، التقنية، العلم، الشغل، الفن، الحق، العدل، الواجب والسعادة… وهي كلها مواضيع تدرس انطلاقاً من بناء إشكالي، وإعمال آليات التحليل والمناقشة في البناء المفاهيمي، وصولاً إلى اكتساب آليات الحجاج الفلسفي.