يشهد التيار الجهادي في المانيا منذ عامين ازدهارا كبيرا خصوصا بين الشباب المهاجرين، سبق وصول مئات الآلاف من اللاجئين الى هذا البلد، مما يثير قلق اجهزة الاستخبارات. عندما نفذت الشرطة في الثامن من /نوفمبر عملية ضد مسجد هيلدسهايم لم يفاجأ احد. فهذه المدينة التي تضم مئة الف نسمة في ساكسونيا السفلى (شمال) باتت معروفة بانها تحولت الى "معقل" لمجموعات اسلامية تدعو الى العنف بحسب تعبير السلطات. وبعد تحقيقات دامت لاشهر اعتقلت الشرطة احمد عبد العزيز عبد الله الملقب ب"ابو ولاء" والمعروف ب"الداعية الذي لا وجه له" بسبب تسجيلات الفيديو التي لا يظهر فيها وجهه. وابو ولاء الذي يتمتع بشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي متهم مع اربعة من شركائه بقيادة شبكة تجنيد لحساب تنظيم الدولة الاسلامية. والرجل الذي ينتمي الى التيار الجهادي السلفي — الذي يشكل اقلية في التيار السلفي غير العنيف بمعظمه في المانيا — التقى انيس العامري منفذ الاعتداء بالشاحنة في برلين الذي قتل الجمعة في ايطاليا. وركزت وسائل الاعلام على اعتقال ابو ولاء ثم على الهجوم على سوق بمناسبة عيد الميلاد. لكن لا يمر اسبوع بدون ان تعلن الشرطة الالمانية توقيف مشتبه به ب"الارهاب" او حل شبكة مشبوهة او كشف شبكة تمويل. وتقدم الاستخبارات الداخلية ارقاما مقلقة. ففي يونيو قدرت عدد الاسلاميين المتشددين ب9200 بينهم 1200 قد يلجأون الى العنف. وبين هؤلاء 549 يعتبرون "خطيرين" على غرار انيس العامري. وعلى سبيل المقارنة في 2011 كان عدد الاشخاص المتطرفين 3800. جغرافيا شهدت منطقة رينانيا شمال فيستفاليا على الحدود مع بلجيكا وهولندا وبرلين اكبر انتشار. وكان العامري يتردد كثيرا اليها. وما يثير قلقا اكبر هو ان السلطات ليست قادرة على وقف هذا الانتشار بين الشباب. ومنذ يناير 2015 رأى مدير الاستخبارات الداخلية هانس-جورج ماسن ان الاسلام المتشدد اصبح "نوعا من الثقافة الباطنية للشباب". وبعد عام ونصف العام اصبح اكثر انتشارا. وقال ماسن "من الواضح ان الشباب اصبح يميل الى التطرف بشكل اسرع ودائم عند البلوغ (…) قدراتهم على تلبية دعوات تنظيم الدولة الاسلامية لقتل +المرتدين+ في بلدانهم باتت تطرح مشكلة". وقال بيتر نومان مدير مركز الدراسات حول التطرف في كينغز كوليدج في لندن "من الواضح ان تنظيم الدولة الاسلامية يشكل ايديولوجية تمرد وثقافة مضادة انه شيء يمكنه تلبية حاجة الشباب للاحتجاج". وفي ما يعكس هذا الخطر، تحدثت الصحف الالمانية ثلاث مرات هذا العام عن صغر سن المشتبه بهم في محاولات ارتكاب اعتداءات. وفي منتصف دجنبر اثارت السلطات مفاجأة باعلانها ان المانيا-عراقيا في ال12 من العمر تحول الى التطرف "عن بعد"، حاول مرتين تفجير عبوة يدوية الصنع في سوق ميلادية في لودفيغشافن. ومنذ السابع من الجاري يحاكم ثلاثة مراهقين ولدوا جميعا في المانيا، لاحراق معبد للسيخ تسبب في سقوط ثلاثة جرحى في هجوم ذات دوافع اسلامية. وروت والدة احدهم ناريمان ياما لوكالة فرانس برس انها رأت ابنها يميل الى التطرف الاسلامي والعنيف في سن ال14 اي قبل عامين من الحادثة، من خلال متابعة خطابات دعاة على الانترنت. وتزوج ايضا من مراهقة محجبة. وقالت قبل اسابيع "كاهل كنا عاجزين. الجهة الاخرى كانت اقوى منا". والسلطات الالمانية قلقة جدا لمحاولات التأثير على اللاجئين العاطلين عن العمل والمحرومين خصوصا وان اكثر من مليون مهاجر وصلوا الى المانيا في 2015 و2016. ومن خلال تبادل الرسائل تحول طالبا لجوء احدهما سوري والاخر افغاني، الى التطرف وارتكبا اعتداءين اعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عنهما في تموز/يوليو ما ادى الى سقوط جرحى. ال/ليل/اا