ستشهد إيطاليا، على بعد أيام قليلة، استفتاءً من أجل تعديل الدستور، إذ سيتوجه الإيطاليون، يوم الأحد المقبل، إلى صناديق الاقتراع للتصويت على واحدة من أكبر، وأضخم التعديلات الدستورية في البلد. وستتركز أعين دول الاتحاد الأوربي على نتائج هذا الاستفتاء، الذي تترقبه بتخوف شديد. وقسم التصويت على الدستور الجديد البلد إلى قسمين، قسم يدعو إلى الاحتفاظ بالدستور القديم، وبالتالي التصويت ب"لا"، لأن الدستور الحالي لا يعرقل نمو البلد، وتمكنت إيطاليا في ظله من أن تحتل مراكز متقدمة على الصعيد العالمي، بينما يدعو القسم الآخر إلى تغييره لأنه أصبح أداة عرقلة أمام تقدم البلد، الذي يتخبط في أزمات سياسية، في العقود الأخيرة، والذي لم يعد يساير تطور العصر، وسرعته. وتعرف إيطاليا نقاشا مستفيضا حول فصول التعديل الجديد، الذي أُطلق عليه تعديل رينسي/بوسكي، نسبة إلى رئيس مجلس الوزراء "ماتيو رينسي"، وماريا إلينا بوسكي، وزيرة العلاقات مع البرلمان. وتتحمس الأحزاب اليسارية، إضافة إلى حزب اليمين الجديد، الذي يشكل جزءا من الحكومة إلى التعديل، بينما ترفضه أحزاب كبرى كحزب "حركة الخمس نجوم"، الذي يتزعمه الكوميدي الشهير بيبي غريللو، وحزب "إلى الأمام إيطاليا"، الذي يترأسه سيلفيو برلسكوني. ويرى المدافعون عن الدستور الجديد، والداعون إلى التصويت عليه "بنعم" بأنه سيؤدي إلى الإسراع من مسطرة، ووتيرة إعداد القوانين، والمصادقة عليها لأن المسطرة الحالية، تتميز ببطء شديد، وعادة ما يتطلب إصدار قانون مددا طويلة بسبب ضرورة المصادقة عليه من طرف غرفتي البرلمان، ومجلسي النواب، والشيوخ، وفي أحيان كثيرة يحدث أن تتم المصادقة على مشروع القانون في الغرفة الأولى، وعندما يمر إلى مجلس الشيوخ يقبر هناك، أو يرفض ليعود مجددا إلى حيث انطلق، وهو ما يضيع وقتا طويلا. ويقضي التعديل الجديد بتجاوز نظام الغرفتين المتساويتين في الاختصاصات "bicameralismo perfetto"، وتقليص اختصاصات مجلس الشيوخ، فيما يخص المصادقة على القوانين، وكذلك خفض عدد أعضائه، على أن المجلس سيحتفظ باختصاصاته في المصادقة على مشاريع القوانين، التي ستستهدف القضايا الكبرى، التي تخص الشعب الإيطالي كتعديل الدستور، والمصادقة على المعاهدات، وغيرها. من جانب آخر، سيكرس التعديل، بحسب مؤيديه، الاستقرار السياسي في البلد، الذي عرف تعاقب 63 حكومة في ظرف 60 سنة من تاريخ الجمهورية الإيطالية. وينبه الرافضون للتعديل الجديد إلى خطورته، إذ سيركز السلطات في يد رئاسة الحكومة، وغرفة البرلمان الأولى، وقد يخلق ديكتاتورية جديدة بآليات ديمقراطية، كما من شأنه خلق مجلس شيوخ دون أي اختصاصات، ولا تمثيلية. وأضاف الرافضون للتعديل الجديد أنه سيخلق بالنسبة إليهم فوضى في الاختصاص بين الجهات، والدولة، ومجلسي البرلمان. وعاب منتقدو التعديل على الدستور الجديد قصوره، وغموضه، وعدم دقته، كما أنه سيؤدي إلى نزع اختصاصات كثيرة من الجهات ومركزتها في يد الحكومة، إلى جانب تضييقه على المبادرا ت الشعبية، التي يجب أن يوقعها 250 ألف شخص، بينما كان يكفي فقط جمع 50 ألف توقيع في السابق. وسيهم التعديل الجديد 47 فصلا من أصل 139 فصلا، التي تشكل الدستور ما يعني أن التعديل الحالي يعتبر من أكبر التعديلات الدستورية، التي سيشهدها دستور الجمهورية الإيطالية. ويسود تخوف كبير في الأوساط المالية الإيطالية، والأوربية من تأثيرات نتائج الاستفتاء الإيطالي على تعاملات البورصات الأوربية، لأن هناك احتمالا كبيرا في أن ينهي ذلك عمر الحكومة الإيطالية الحالية، ودخول البلد في حالة لااستقرار سياسي جديد، وهناك من ذهب إلى أن نتائجه ستكون كارثية، وستشبه ما حدث بعد التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي "بريكسيت". وكانت جريدة فيننشال تايم الأمريكية، قد أوردت في تحليل لها، قبل أيام، أن الإفلاس يتهدد ثمانية أبناك إيطالية، في حالة رفض التعديلات الدستورية، وفوز "لا".