بعد الفشل في تحقيق إجماع على رئيس جديد للبلاد خلال اليومين الماضيين إستطاع البرلمان الإيطالي اليوم (السبت) إنتخاب رئيس جديد لدولة إيطاليا خلفا للرئيس المستقيل "جورج نابوليتانو" ، ويتعلق الأمر بسياسي يساري ورجل قانون ينحدر من جزيرة صقلية ويدعى "سيرجيو ماتّاريلاّ"، من مواليد سنة 1941 بمدينة "باليرمو". إسم "ماتّاريلاّ" معروف وذي وزن سياسي وتاريخي كبير ومرتبط بمحاربة المافيا الإيطالية، إذ يعتبر أخ الرئيس الإيطالي الجديد رمزا سياسيا بعد أن إغتالته المافيا الصقلية في يناير من سنة 1980 وذلك لرفضه الخضوع لقواعد لعبتها عندما أنتخب رئيسا لجهة صقلية حينها. إغتيال الأخ الأكبر كان سببا كافيا ليدخل الأخ الأصغر إلى عالم السياسة للإنتقام لأخيه بعدم ترك الفضاء رحبا للجريمة المنظمة لتقود البلاد وقد ساعده في ذلك تكوينه الأكاديمي وبالفعل تم إنتخابه نائبا برلمانيا بعد ثلاث سنوات فقط على إغتيال إخيه وهو المنصب الذي ظل فيه إلى سنة 2008. تقلد "ماتّاريلاّ" مناصب سياسية أخرى كثيرة حيث كان وزيرا لللتعليم العمومي حكومة "أندرويتي" في بدايات تسعينات القرن الماضي ونائبا لرئيس الوزراء في حكومة "ماسيمو داليما" . عين وزير مكلفا بالعلاقات مع البرلمان سنة 2006. يتذكروه غير قليل من الإيطاليين بكونه من ألغى قانون إجبارية الخدمة العسكرية في البلاد عندما كان وزيرا للدفاع سنة 1999. نظرا لخبرته القانونية الكبيرة التي راكمها في مزاولته مهنة المحاماة بالإضافة إلى كونه أستاذا محاضرا في جامعة باليرمو التي يدرس فيها مادة "القانون البرلماني "، نظرا لكل هذا تم انتخابه في سنة 2011 كقاضي في المحكمة الدستورية وهي المهنة التي يزاولها اليوم. وليس عبثا أن تمسك باسمه رئيس الوزراء الإيطالي الحالي "ماتيو رينسي" إذ ركز على ضرورة أن يكون الرئيس الجديد رجل قانون ليكون بإمكانه الإشراف على التعديلات القانونية التي تجريها الحكومة الحالية في النظام الإنتخابي وطريقة الإقتراع وتنزيلها في الإنتخابات المقبلة.وهو النظام الإنتخابي الذي سيفرز إغلبية حاكمة لتفادي الإهتزازات السياسية واللاستقرار الذي يعد سمة النظام الساسي الإيطالي في السنين الأخيرة. يعيب الخصوم على الرئيس الجديد تحفّضه المبالغ فيه و قلة كلامه وعدم حبه للأضواء وهروبه من الكاميرات ،إذ أنه وطيلة عشر سنوات لم يعط سوى 29 تصريحا كما نقلت ذلك وكالة "أنسا " الإخبارية الإيطالية . إنتخاب "سيرجيو ماتريلا" يعتبرون كثير من المحللين بأنه إنتصارا جديدا لرئيس الوزراء الإيطالي الشاب "ماتيو رينسي " ( 40 سنة) .إذ كان كان وراء إقتراح إسم الرئيس الجديد ودافع عنه بشده وأقنع حليفه في التحالف الحكومي زعيم "الوسط اليميني الجديد "ووزير الداخلية "أنجيلينو ألفانو "بالتصويت عليه رغم أنه رفضه في إقتراعات البداية . رئيس الوزراء "ماتيو رينسي" إستطاع الدفاع عن إختياره وإقناع العديد من نواب قوى سياسية مختلفة بالتصويت عنه ، رغم رفضه من طرف حزب "إلى الأمام إيطاليا " الذي يرأسه رئيس الوزراء الأسبق والسياسي المثير للجدل سيلفيو برلسكوني. وفي أولى الردود عل إنتخاب الرئيس الجديد قال رئيس الوزراء رينسي في تغريدة على موقع تويتر : " بالتوفيق للرئيس ماتّاريلاّ ، عاشت إيطاليا". بينما عبر الرئيس المستقيل نابوليتانو عن كون إنتخاب الرئيس بمثابة قفزة نوعية في السياسة الإيطالية . يذكر أن الرئيس في النظام السياسي الإيطالي يعد بمثابة الضامن للوحدة الوطنية ورغم أنه لا يمتلك إختصاصات واسعة إلا أن دوره يعتبر جوهريا في النظام ،فهو رمز السيادة الوطنية إذ من بين ما يقوم أنه يعين رئيس الوزراء بعد المشاورات ويشرف على أدائه القسم .كما يسهر على دوام الدولة وهو القائد الأعلى للجيش كما يعين ثلث قضاة المحكمة الدستورية.