انتخب القاضي سيرجيو ماتاريلا السبت رئيسا للجمهورية الايطالية باكثرية مريحة, ما يشكل نصرا واضحا لرئيس الوزراء ماتيو رينزي. ومن خلال اختيار هذه الشخصية الصارمة التي تنتمي الى يسار الديمقراطية المسيحية والتي سبق وان اصطدمت مرارا بسيلفيو برلوسكوني, رص رينزي صفوف حزبه الديموقراطي (وسط يسار) واظهر لبرلوسكوني حليفه في عدة اصلاحات مهمة, انه لا يرتهن اليه.
كما يظهر بذلك رينزي قدراته القيادية. فقد حصل مرشحه على 665 صوتا من كبار الناخبين (1009 نائب وسيناتور وممثل اقليمي) الذين لم يتوصلوا الى توافق قبل عامين وطلبوا من الرئيس السابق جورجيو نابوليتانو الترشح للمنصب. واستقال هذا الاخير البالغ من العمر 89 عاما من منصبه منتصف يناير.
وفي حين كان رينزي يطلق التغريدات من مقهى البرلمان مبتهجا اثناء فرز الاصوات ومنها "ابليت حسنا رئيس ماتاريلا.. عاشت ايطاليا", كان المعني بالامر المنزوي في منزله منذ عدة ايام, محتفظا برصانته.
وقال مبتسما في ظهور قصير في المحكمة الدستورية بعد ابلاغه النتيجة "ان تفكيري يتجه قبل كل شيء الى صعوبات مواطنينا وآمالهم".
وصعد اثر ذلك الى سيارته الصغيرة "فيات باندا" الرمادية وتوجه لزيارة خاصة للترحم على ارواح 335 مدنيا ايطاليا قضوا في مجازر النازيين في 1944 بضواحي روما.
ونقلت وسائل الاعلام الايطالية عنه قوله "التحالف بين الامم والشعوب انتصر على الكراهية النازية والعنصرية ومعاداة السامية والشمولية التي يمثل هذا المكان رمزا مؤلما لها. وهذه الوحدة ذاتها في اوروبا والعالم ستعرف كيف تنتصر على من يريد جرنا الى عصر جديد من الارهاب".
وتلقى الرئيس الجديد الكثير من برقيات التهاني من قادة العالم ومن البابا فرنسيس.
ومن المقرر ان يؤدي الرئيس الجديد القسم الثلاثاء في الساعة العاشرة صباحا لولاية من سبع سنوات ويلقي خطابا.
وصلاحيات الرئيس في ايطاليا محدودة لكنه يقوم بدور تحكيمي مهم في حال حدوث ازمة سياسية.
وماتاريلا الصقلي المسيحي (73 عاما) دخل الى الحياة السياسية بعد اغتيال المافيا لشقيقه الذي كان رئيس منطقة صقلية في 1980. وقد كان نائبا في البرلمان لمدة 25 عاما وتولى حقائب وزارية خمس مرات. وانتقل هذا الديموقراطي المسيحي السابق الى صفوف اليسار بعدما وجد تياره السياسي قريبا اكثر من اللازم من برلوسكوني.
ويمثل انتخاب ماتاريلا ضربة موجعة لبرلوسكوني الذي اعلن استعداده لدعم مرشح لوسط اليمين لكنه شعر انه تعرض "للخيانة" من خلال اختيار رينزي. ولم تلق دعوته الى تصويت ابيض استجابة سوى 105 من ال 142 من كبار الناخبين التابعين لحزبه "فورتسا ايطاليا" اليميني.
وفي الاشهر الاخيرة اعتمد رينزي عدة مرات على اصوات حزب برلوسكوني لتبني اصلاحات رفضها الجناح اليساري في حزبه الديموقراطي على غرار القانون الانتخابي الجديد لمجلس الشيوخ الاسبوع القادم.
وقال برلوتجي بيرساني احد قادة الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي السبت "ان هذا يظهر انه حين يكون الحزب الديموقراطي متناغما, فانه يجد الحل الجيد".
من جهته قال مدير صحيفة لاريبوبليكا ازيو مورو "كان على الحزب الديموقراطي ان يثبت انه الحجر الاساس في النظام وقد فعل. رينزي لعب بشكل جيد جدا".
واضاف "بالنسبة لبرلوسكوني الضربة شديدة جدا مع حزبه الذي يتشظى ولم يعد يتبع تعليماته. ومع ذلك سيكون من الصعب عليه التخلي عن الاصلاحات التي انقذته في هذه السنة الصعبة".
وابدى العديد من اعضاء "فورتسا ايطاليا" تاييدهم لمعارضة اشد لحكومة رينزي والتخلي عن التعاون في الاصلاحات.
وفي حين كان برلوسكوني في اقامته المحددة ككل نهاية اسبوع قرب ميلانو, قال غويليانو فيريرا احد المقربين منه انه "سيكون من الصعب العودة الى الحوار" لكنه اضاف "لا يوجد بديل لمبدا الواقعية".
ولاحظ الصحافي السياسي جيانكارلو ستالماسي ان رئيس الحكومة "خلفه حزب موحد من جديد وامامه وسط يمين مفتت" معتبرا اننا ازاء "نتيجة لا سابق لها".
واضاف "واذا انتعش الاقتصاد (كما هو متوقع) فان الامر يكون قد حسم : ايطاليا غيرت جلدها".