تقدم كل من الاتحادين المحليين للكنفيدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل بمراكش والفرع المحلي للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، صباح أمس الاثنين نيابة عن باقي الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية المشكلة للتنسيقية الجهوية لمناهضة الفساد ونهب المال العام بجهة مراكش- تانسيفت- الحوز، (تقدمت) بطعن أمام المحكمة الإدارية بمراكش طالبت فيه بإلغاء قرار إداري صادر عن السلطة المحلية بمنع المسيرة الشعبية ضد الفساد ونهب المال العام، التي كانت تعتزم التنسيقية تنظيمها يوم الأحد 19 يناير الجاري، انطلاقا من ساحة باب دكالة مرورا بشارع علال الفاسي وانتهاء بشارع فلسطين، تحت شعار «لا للفساد ونهب المال العام.. نعم للديمقراطية والعدالة». وإذ لفت المحامي عبد الحميد المدهون، الذي تقدم بالطعن نيابة عن التنسيقية، إلى أن السلطة عللت قرارها بأن «المسيرة ستساهم في الإخلال بالأمن العام حسب المعطيات المتوفرة لدى الإدارة»، مستندة إلى الفصل 13 من الظهير المنظم للتجمعات العمومية، فإنه اعتبر في مقاله بأن قرار المنع «يفتقد للشرعية ويتسم بالشطط في استعمال السلطة»،حيث أشار إلى أن القرار، «ورغم تدبيجه بقانون التجمعات العمومية، فإن منطوقه ومضمونه بعيدان كل البعد عن القانون، ولا ينسجمان مع مبادئ دولة الحق والقانون»، ذلك أن القرار يخرق مقتضيات الفصل السابع من الدستور، الذي ينص على دور الأحزاب السياسية في تأطير المواطنين، وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، والمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية. كما يخرق القرار، حسبه، الفصل 8 من الدستور، الذي ينص على دور النقابات في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، ويتنافى والفصل 12 من الوثيقة الدستورية الذي يشير إلى أن «جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية تمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون». وأضاف مقال الطعن بأن القرار يتناقض والفصل 28 من الدستور،الذي يتيح للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء بكل حرية، ومن دون قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة، ومع الفصل 29، الذي ينص على حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي. وفضلا عن القوانين المحلية، وعلى رأسها دستور فاتح يوليوز 2011، اعتُبر القرار «مناقضا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، خاصة للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية». من ناحية أخرى، اعتبرت التنسيقية قرار المنع باطلا لكونه غير معلل، «حيث إن الصيغة التي كُتب بها يفيد قطعا بأن المسيرة ستساهم في الإخلال بالأمن العام، حسب المعطيات المتوفرة لدى الإدارة، وهو تعليل فضفاض ألفت الإدارة بالمغرب، ممثلة في وزارة الداخلية، استعماله للتضييق على الحريات العامة وانتهاك حقوق الإنسان»، يقول مقال الطعن، الذي اعتبر بأن ادعاء توفر الإدارة على معطيات بأن من شأن المسيرة الإخلال بالأمن العام، دون الإفصاح عن هذه المعطيات، خرقا للدستور الذي أوكل للهيئات السياسية والنقابية مهمة تأطير المواطنين، ويتعارض مع الخطاب الرسمي، ومع التزامات المغرب الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان. وتساءل المقال: ماذا بقي لهذه التنظيمات من دور تمارسه في تأطير المواطنين وتدبير الشأن العام بعد قرار السلطة المحلية، ممثلة في رئيس منطقة الحي المحمدي، بمنع مسيرة شعبية كان الهدف منها التنديد بالفساد المستشري بالجهة، والذي يشمل القطاعات العمومية وشبه العمومية، وللمطالبة بمحاسبة المفسدين وناهبي المال العام، والقطع مع الإفلات من العقاب في الجرائم المالية، واسترجاع الأموال المنهوبة، فضلا عن الاحتجاج على غلاء الأسعار وسياسات الحكومة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي؟