أصدرت سلطات مراكش، ممثلة في رئيس منطقة الحي المحمدي، قرارا بمنع المسيرة الشعبية ضد الفساد ونهب المال العام ، التي كانت تعتزم تنظيمها التنسيقية الجهوية لمناهضة الفساد ونهب المال العام بجهة مراكش- تانسيفت -الحوز، بتاريخ الأحد 19 يناير الجاري، ابتداءً من الساعة العاشرة صباحا، وانطلاقا من ساحة باب دكالة مرورا بشارع علال الفاسي وانتهاء بشارع فلسطين أمام المسبح البلدي بالداوديات. وعللت السلطة قرارها بأن «المسيرة ستساهم في الإخلال بالأمن العام حسب المعطيات المتوفرة لدى الإدارة»، مستندة إلى الفصل 13 من الظهير المنظم للتجمعات العمومية. في المقابل، أكد محمد الغلوسي، عن التنسيقية الجهوية لمناهضة الفساد ونهب المال العام بجهة مراكش- تانسيفت- الحوز، بأنهم لن يرضخوا للقرار، خاصة وأنه سبق للتنسيقية أن عبرت عن مستوى نضجها، عندما قررت في وقت سابق تأجيل المسيرة التي كانت تعتزم تنظيمها بتاريخ 8 دجنبر، لكون هذا التاريخ صادف تنظيم كأس العالم للأندية والمهرجان الدولي للسينما، وجاء ذلك بناءً على طلب من والي جهة مراكش الذي أكد في لقاء بممثلين عن التنسيقية، بأن الأمر لا يتعلق بمنع، وبأن الدستور واضح في هذا الإطار ويضمن الحقوق والحريات، وفي مقدمتها التظاهر السلمي. وصرّح حرفيا بأنه ابتداء من 2 يناير الجاري يمكن تنظيم المسيرة دون أن يطرح ذلك أي إشكال بالنسبة للسلطة المحلية، «ولذلك فإننا نؤكد بأن المسيرة لازالت قائمة في موعدها، وبنفس المسار الذي حددته التنسيقية»، على حد قول الغلوسي، مضيفا بأنه كان حريا بالسلطات أن تُطلع التنسيقية على طبيعة هذه المعطيات التي تزعم بأن تنظيم المسيرة سيساهم في الإخلال بالأمن العام، «وإذا اتضح للمنظمين بأن هذه المعطيات صحيحة وواقعية، فإن المصالح العليا لبلادنا خط أحمر وفوق كل اعتبار، ولكن أن يتم اللجوء إلى الأساليب القديمة في التضييق والمنع والكلمات الفضفاضة، فذلك أمر مرفوض تماما»، يضيف الغلوسي، الذي اعتبر بأن القرار يشكل عودة إلى المناخ السياسي لما قبل 20 فبراير من سنة 2011، ويعبر عن توجه معاكس للدولة، يقف ضد أي محاولة للإصلاح، ويعرقل أي إمكانية أمام أي تحول ديمقراطي في المغرب، وهو بمثابة إشارة طمأنة للمفسدين وناهبي المال العام، ويتنافى وخطاب الدولة من أجل الإصلاح وحقوق الإنسان، كما أنه يتعارض مع الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وتابع الغلوسي بأن القرار يأتي في إطار سياسية التضييق على الحريات العامة، وخاصة الحق في حرية التظاهر السلمي. علما، بأن التنسيقية تتشكل من هيئات سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية معروفة وطنيا، وقد أوكل إليها الدستور مهمة تأطير المواطنين، إلا أن القرار يجردها من كل الوسائل والإمكانيات التي تمارس بواسطتها هذا التأطير. يشار إلى أن التنسيقية عقدت جمعا عاما، مساء يوم الاثنين المنصرم، خلصت فيه بألا تراجع عن تنظيم المسيرة، ودعت الأحزاب الديمقراطية والمنظمات النقابية ومنظمات المجتمع المدني إلى إدانة هذا المنع، الذي اعتبرته مؤشرا خطيرا على تراجع حقوق الإنسان والحريات العامة بالمغرب، معبرة عن استغرابها لصدور القرار، بعد أزيد من 10 أيام على وضع التصريح بتنظيم المسيرة. وتساءل العديد من الحاضرين، ماذا بقي للأحزاب والمنظمات النقابية والجمعيات من دور تأطيري تمارسه، بعد منعها من تنظيم مسيرة شعبية تندد بالفساد ونهب المال العام؟.