يبدو أن وعود حميد شباط لعمال تعاونية الحليب الجيد مقابل فك اعتصامهم قد تبخرت وذهبت أدراج الرياح فقد عادوا إلى الاحتجاج من جديد بعد شهر من فض حركتهم الاحتجاجية.زوال أمس السبت نظم العشرات من العمال وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز،حيث استقبلهم الوالي الجديد،عبد السلام بيكرات،عند مدخل الولاة متعهدا بحل المشكل في أجل أقصاه يوم الأربعاء القادم. وقبل ذلك بيوم واحد تسلم المسؤولون بالإقامة الملكية بحي سيدي ميمون العتيق بمراكش رسالة من المحتجين،يلتمسون فيها من الملك محمد السادس التدخل لإنصافهم،بعد أن تم تفويت التعاونية في ظروف مثيرة للجدل إلى شركة"بسيت ميلك"الخاصة،والتي توقفت عن الإنتاج منذ أكثر من شهر،وأوقفت صرف أجور العمال ومستحقات الفلاحين،قبل أن تعلن إفلاسها وتدخل مرحلة التصفية القضائية،واضعة بذلك نهاية لمسيرة امتدت لأكثر من سبعين سنة من عمل هذه المؤسسة،التي كانت إلى وقت قريب تعد ثاني أكبر مؤسسة لإنتاج الحليب ومشتقاته وطنيا،بعد الشركة المركزية للحليب. وكان الوالي السابق،محمد فوزي، والي جهة مراكش،محمد فوزي،أعلن، خلال لقاء عقده مؤخرا مع نقابة العمال عن بنود اتفاق مبدئي تم مع أحد المستثمرين تعهد بإعادة الروح إلى التعاونية،ويقضي الاتفاق بفك الاعتصام و بتسريح 250 عاملا من أصل أزيد من 1000 عامل، مع تعويضهم عن سنوات الخدمة التي قضوها بالتعاونية ووريثتها "بيست ميلك"،مقابل مقابل صرف الأجور. وقد رفض الوالي فوزي الكشف عن هوية" المستثمر المنقذ من الإفلاس"،شأنه في ذلك شأن حميد شباط، عرّاب هذه"الصفقة"،والذي سبق له أن زار معتصم العمال،بصفته أمينا عاما للإتحاد العام للشغالين بالمغرب،و طلب منهم فك الاعتصام،مؤكدا بأن مستثمرا دخل على الخط متعهدا بوضع حد للأزمة التي عصفت بالتعاونية،وتحفظ عن ذكر اسمه، مكتفيا بالإشارة على أنه أجرى لقاءات مع وزراء الداخلية و المالية و الفلاحة، من أجل وضع آخر اللمسات على الاتفاقية مع المستثمر الجديد. مصادر مطلعة أكدت ل" اليوم 24"أن الأمر لا يتعلق بمستثمر، ولكن بشركة تتولى تسيير المؤسسات الإنتاجية"في وضعية صعبة"، والتي وضعت خريطة طريق من أهم بنودها الاحتفاظ بعدد أقل من العمال، وجدولة ديون التعاونية المتراكمة، غير أن العقبة ظلت هي الجهة التي ستمول أداء أجور العمال و مستحقات الفلاحين،التي اقترحت الشركة سدادها على دفعات. وقد سبق لهيئة حماية المال العام أن تقدمت بشكاية أمام الوكيل العام بمراكش،مطالبة بمتابعة المتورطين في ما تعتبره"جرائم رشوة واستغلالا للنفوذ وتبديدا للمال العام واغتناءً غير مشروع بالتعاونية"،وبالاستماع إلى كل من"لحليب بنطالب"،مدير التعاونية،و"محمد بنمسعود" رئيسها،وهي الشكاية التي تمت إحالتها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ 26 يوليوز من السنة المنصرمة،ولا زالت تراوح مكانها. كما تقدمت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بشكاية في شأن ما تعتبره"تبديدا لأموال عمومية وخاصة، وخيانة الأمانة، ودفع التعاونية إلى الإفلاس،والتسبب في تشريد مئات العاملين والمستخدمين، وضياع حقوق الآلاف من العمال و صغار الفلاحين". وأشارت الجمعية إلى أن العمال والفلاحين يتهمون كلا من محمد بن مسعود، رئيس المجلس الإداري للتعاونية،ومديرها السابق الحليب بن الطالب، بسوء تدبير وتبديد أموال عمومية والاغتناء غير المشروع،"حيث تحول الحليب بنطالب من مجرد مستخدم بسيط بالتعاونية إلى أحد كبار الملاكين والأثرياء بالمغرب" تقول الشكاية،التي لفتت إلى أن تفويت التعاونية إلى شركة خاصة في ظروف مثيرة للجدل كان الهدف منه" التستر على سوء التدبير المالي الذي أدى إلى إفلاس التعاونية". وطالبت الجمعية بالتحقيق في شأن أزيد من 46 مليار سنتيم، عبارة عن ديون في ذمة التعاونية والشركة، خلال أقل من خمس سنوات، وما إذا كانت هذه الديون التي تم اقتراضها من عدد من البنوك تم استثمارها في تنمية و تطوير الإنتاج أم تم تحويلها إلى أرصدة بعض المسيرين،الذين أصبحوا من أثرياء مراكش و دخلوا قبة البرلمان متنقلين بين عدة أحزاب.