لم يكن محمد مزري، الرئيس السابق لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان ومتقاعدي الجماعة الحضرية لمراكش، يعتقد بأن استدعاءه، مساء أول أمس الأربعاء، من طرف الشرطة القضائية وإحالته على الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، سينتهي باعتقاله بعد أن قررت النيابة العامة متابعته في حالة اعتقال بتهمة «اختلاس أموال عمومية»، في شأن اختلالات شابت التدبير المالي للجمعية وممتلكاتها، وهي الاختلالات التي كانت موضوع شكاية، تقدم بها فرع مراكش للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب أمام الوكيل العام بمراكش، في يونيو من سنة 2011، والذي أحالها بدوره على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي أنهت في شأنها البحث التمهيدي منذ مدة طويلة وأرجعتها إلى النيابة العامة، التي بقيت حبيسة أدراجها، قبل أن تقرر تحريك المتابعة في حق المتهم الرئيس في الملف. ويعتبر مزري أول متابع في حالة اعتقال في الملفات التي تحوم حولها شبهة الفساد المالي بمراكش، والذي كان قدم استقالته من الجماعة الحضرية في أواخر الولاية الجماعية السابقة، معتزما الترشح للانتخابات الجماعية التي جرت في 13 يونيو من سنة 2009، غير أن عدم انصرام الأجل القانوني، عصف بآماله في دخول غمار تدبير الشأن المحلي بمدينة التحق بها موظفا بسيطا، حيث كان يشغل بجماعتها رساما معماريا، إلا أن المسار المهني لهذا الموظف المتحدر من الدارالبيضاء سيشهد صعودا، كما سيترقى اجتماعيا بشكل لافت، مع ترؤس عمر الجزولي للمجموعة الحضرية ولبلدية مراكشالمدينة بين 1997 و2003، ثم خلال ترؤسه للمجلس الجماعي بعد إقرار العمل بنظام وحدة المدينة، حيث يتحدث بعض الموظفين على أن مزري كان خلال تلك المرحلة هو المهندس البلدي الفعلي، وهو المتتبع لسير أشغال البلدية وإنجاز الصفقات، خلال فترة شهدت لجوء المجلس إلى الاقتراض من صندوق التجهيز الجماعي لتمويل هذه الصفقات. وحسب مصادر قانونية، فإن المتهم ستتم إحالته على قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، الذي سيفتح تحقيقا قضائيا يستهله باستنطاقه ابتدائيا وتفصيليا، قبل إحالة الملف على غرفة الجنايات الابتدائية بنفس المحكمة. من جهته، اعتبر محمد الغلوسي، رئيس الفرع المحلي لهيئة حماية المال العام القرار صائبا، على اعتبار بأن جرائم الفساد ونهب المال العام تفرض المتابعة في حالة اعتقال، مضيفا بأن ما يشجع المفسدين على الاغتناء غير المشروع هو طول أمد الأبحاث التمهيدية، وتأخر التحقيقات القضائية، وتعقيد المساطر، واستغراق كل ذلك مدة طويلة، مع الإبقاء على المتهمين في حالة سراح، فضلا عن عدم اتخاذ إجراءات للحجز على ممتلكاتهم، سواء كانت عقارية أو منقولة أو أموال مودعة في حسابات بنكية، والتي يشتبه في أنها متحصلة من فساد، وهي الإجراءات التي تنص عليها اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، والتي صادق عليها المغرب في سنة 2007. يشار إلى أن جمعية الأعمال الاجتماعية تأسست في شهر دجنبر من سنة 2005، حيث صادق المجلس الجماعي في يوليوز من نفس السنة على اتفاقية دعم وتعاون مع الجمعية المذكورة، حددت الالتزامات المتبادلة بين الطرفين، ومن بينها تكليف الجمعية بتدبير وتسيير مجموعة من المرافق الجماعية. غير أن الاتفاقية تم تنفيذها رغم عدم مصادقة سلطة الوصاية عليها، وهو ما يخالف مقتضيات المادة 69 من الميثاق الجماعي والمادة الخامسة من الاتفاقية نفسها، التي تنص على أنها «لا تصبح سارية المفعول وملزمة للطرفين إلا بعد المصادقة عليها، طبقا للقوانين الجاري بها العمل».