لازالت العديد من الملفات التي تحوم حولها شبهة الفساد المالي تراوح مكانها في»ثلاجة» النيابة العامة باستئنافية مراكش، بعد أن أنهت في شأنها الضابطة القضائية الأبحاث التمهيدية منذ مدة طويلة فقد أحال المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المالية والاقتصادية، التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ثلاثة ملفات على النيابة العامة باستئنافية مراكش، ولم تحرّك المتابعة في حق المتهمين فيها. وتتعلق بالشكاية التي سبق للفرع المحلي لحزب الطليعة بقلعة السراغنة أن تقدم بها أمام الوكيل العام للملك بمراكش، حول ما يعتبره «اختلالات مالية وإدارية» ببلدية عاصمة تساوت، وملف الشكاية التي تقدمت بها هيئة حماية المال العام حول ما تعتبره «اختلالات شابت التدبير المالي لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان ومتقاعدي الجماعة الحضرية لمراكش ولممتلكاتها»، وملف «الخروقات التي شابت تشييد سوق الجملة للخضر والفواكه بتجزئة المسار بمراكش، والذي كلف نحو 9 ملايير و600 مليون سنتيم». وهناك ملفات أخرى انتهى فيها التحقيق القضائي ولم تتخذ النيابة العامة بشأنها أي إجراء، كملف التفاوت الخطير في مداخيل سوق الجملة للخضر والفواكه، التي انتقلت من زيادة لا تتعدى 9 في المائة، ما بين سنوات 2006 و2009 إلى حوالي 44 مائة خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2010، بزيادة بلغت أكثر من 787 مليون سنتيم، وهو ما اعتبرته الهيئة «هدرا للمال العام واغتناء غير مشروع»، وطالبت بفتح تحقيق ومتابعة المتورطين في حالة اعتقال، وهو الملف الذي لازال قابعا في أدراج النيابة العامة بعد إحالته عليها من طرف قاضي التحقيق عبد الرحيم المنتصر. وقد سبق للفرع المحلي للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب أن أثار هذه الملفات وسواها خلال لقائه بوزير العدل والحريات مؤخرا، مشتكيا من تعثر وتيرة الأبحاث التمهيدية، خاصة في ملف الخروقات المالية التي شابت استخلاص الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية، ومن تأخر التحقيقات القضائية في شأنها، ولافتا إلى أنه كان قد أعلن مقاطعته للأبحاث التمهيدية احتجاجا على ما اعتبره «غيابا للإرادة الحقيقية للقطع مع الفساد ووضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الأموال، وتوفير الحماية للمفسدين وناهبي المال العام». هذا وترجع مصادر مطلعة، أن التأخر الذي يعرفه التحقيق القضائي في بعض ملفات الفساد المالي: كملف بلدية الصويرة، وشركة «سيتي وان» وإكراميات العمدة السابق لمراكش لصحافيين ومسؤولين مغاربة وأجانب، إلى أن استئنافية مراكش لا تتوفر سوى على ثلاثة قضاة للتحقيق يشمل نفوذ اختصاصهم خمسة أقاليم كبرى، ضمنهم يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال، والذي تم إغراق مكتبه بملفات لها صلة بجرائم الحق العام، وهو ما أفرغ تخصصه من أي محتوى. من جهة أخرى، لم تتم بعد هيكلة القسم الخاص بجرائم الأموال بشكل قانوني وعملي، من حيث تعيين الموظفين وقاض للتحقيق يتكلف حصريا بهذا النوع من الجرائم وقضاة النيابة العامة والحكم، وكذا عبر تنقيل موظفي القسم وقضاته إلى جزء من البناية المجاورة لذات المحكمة، والتي كانت مقرا سابقا لإدارة التسجيل والتنبر، وفق ما تم الإعلان عن ذلك من طرف وزير العدل والحريات. وتعتبر الجمعيات الحقوقية بأن هيكلة هذا القسم أصبحت حاجة ملحة، أمام تنامي الوعي لدى هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية بخطورة جرائم تبديد المال العام، وضرورة التصدي إليها، فضلا عن شساعة المجال الترابي الذي يدخل ضمن مناطق نفوذ محكمة الاستئناف بمراكش، على اعتبار بأن الغرفة المكلفة بجرائم الأموال بنفس الاستئنافية يمتد اختصاصها ليشمل كافة مناطق الجنوب.