أصبح من شبه المؤكد أن إصلاح الإدارة والمرفق العمومي صارت إحدى أولويات الحكومة المقبلة التي سيقودها عبد الاله ابن كيران ، بدليل الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس اليوم بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، دورة اكتوبر، الذي خصص جله للحديث عن الأعطاب الكبيرة والفجة التي تعاني منها الإدارة العمومية. وبدا أنه رغم المحاولات التي قام بها الفاعلون الحكوميون من أجل تجاوز هذه الاعطاب، إلا أنها باءت بالفشل واستمرت الشكايات المقدمة ضد الإدارة، رغم انه لا توجد لحد الان معطيات دقيقة عن تقدمها او تراجعها، بل وسادت حالة من عدم الثقة بين الإدارة والمواطن. هذه الوضعية التي تعيشها الإدارة، اليوم، دفعت ملك البلاد إلى النزول بكل ثقله، ووجه لوما قاسيا لكل الفاعلين والمسؤولين على الإدارة بمختلف مستوياتهم ودرجاتهم، وقدم تشخيصا دقيقا للوضعية التي تعيشها الإدارة المغربية. وعن خلفيات هذا الخطاب قال محمد زين الدين، أستاذ القانون العام وأستاذ العلوم السياسية، إن الملك وجه نقدا قويا للإدارة بسبب حجم الشكايات التي أضحى يتلقاها من المواطنين. وأضاف زين الدين، في تصريح ل"اليوم24″، أن انسداد الأفق بين المواطن والإدارة، دفع المواطنين للجوء إلى الملك واعتراض المواكب الملكية لتقديم شكايات يستنجدون من خلالها الملك للتدخل لحل مشاكلهم البسيطة، حسب ما جاء في الخطاب الملكي، بسبب ضعف أو انعدام الثقة بين الإدارة والمرتفقين إلى حد ما. هذه الحالة، أزعجت ملك البلاد، رغم أنه أبدى سعادته واستعداده لحل أي مشكل يعترض أي مغربي، لكن في المقابل تساءل الملك عن الجدوى من وجود الادارة اذا لم تقف الى جانب المواطنين ولم تسهر على مشاكلهم. مما جعله يوجه نقدا قويا للادارة، يقول زين الدين. ولفت استاذ العلوم السياسية إلى أن الملك، من خلال خطابه، أعطى إشارة غير قابلة التأويل مفادها أن المرحلة تتطلب التركيز على إصلاح الإدارة إصلاحات جذريا لتكون إدارة القرب بشكل حقيقي. ولمح الملك، يضيف محمد زين الدين ، الى ضرورة تجديد الخطاب التواصلي لدى الإدارة، وإعادة النظر في الاختلالات التي تعاني منها، من بينها تعقد المساطر، وتحول الادارة إلى مرتع شخصي وحزبي لتحقيق المصالح الحزبية والشخصية لبعض المنتخبين، دون الاكتراث لما يعانيه المواطن المغربي. فضلا عن الاختلالات التي تعتبر الإدارة طرفا رئيسا فيها وتتعلق بنزع الملكية. واعتبر زين الدين ان المشكل المؤرق الذي تعاني منه الادارة المغربية يتمثل في التهاون في تطبيق المبادئ والقواعد القانونية. وقال الاستاذ الجامعي إن الخطاب الملكي أشار بوضوح إلى أن المشكلة الأكبر في الإدارة لها علاقة كبيرة بضعف الإرادة لدى النخب والمشرفين والقائمين على الإدارة المغربية، بدليل إعادة تذكير الملك بالخطاب الذي ألقاه عام 1999 عندما تحدث عن المفهوم الجديد للسلطة، الذي تحدث عن أن الإدارة يجب أن تكون في خدمة المواطن وليس العكس. كما أعاد الملك التذكير ، يضيف زين الدين ، بالرسالة التي وجهها للوزير الأول عام 2002 ويدعو إلى ضرورة أن تعمل الإدارة قراراتها.