أخنوش يلاقي الوزيرة الأولى بالكونغو    بنسعيد: "تيك توك" توافق على فتح حوار بخصوص المحتوى مع المغرب    حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس هاري ترومان" في عرض ساحل الحسيمة (صور)    والي بنك المغرب يؤكد على أهمية الاستقرار المالي في إفريقيا        هيئة حقوقية تنادي بحماية النساء البائعات في الفضاءات العامة    تخريب يوقف عمالا زراعيين باشتوكة‬    دراسة: سوق العمل في ألمانيا يحتاج إلى المزيد من المهاجرين    أساتذة اللغة الأمازيغية يضربون ضد تهميش "تيفيناغ" بالمدارس العمومية    إسرائيل تصعد عدوانها على لبنان قبل اتفاق محتمل لوقف النار    وفاة أكبر رجل معمر في العالم عن 112 عاما    "نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    لحظة ملكية دافئة في شوارع باريس    الجنائية الدولية :نعم ثم نعم … ولكن! 1 القرار تتويج تاريخي ل15 سنة من الترافع القانوني الفلسطيني    النظام العسكري الجزائري أصبح يشكل خطرا على منطقة شمال إفريقيا    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»    الاعتداء على مدير مستشفى سانية الرمل بالسلاح الأبيض        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    دين الخزينة يبلغ 1.071,5 مليار درهم بارتفاع 7,2 في المائة    المغرب جزء منها.. زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خطته لإنهاء الحرب في غزة ولبنان    معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    النقابة الوطنية للإعلام والصحافة … يستنكر بشدة مخطط الإجهاز والترامي على قطاع الصحافة الرياضية    المغرب التطواني يندد ب"الإساءة" إلى اتحاد طنجة بعد مباراة الديربي    الجزائر و "الريف المغربي" خطوة استفزازية أم تكتيك دفاعي؟    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    توقيف ستة أشخاص في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال السلاح الأبيض ببن جرير    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"    القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)        الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    حوار مع جني : لقاء !    عبد اللطيف حموشي يبحث مع المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية التعاون الأمني المشترك    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاعلون سياسيون يناقشون مضامين الخطاب الملكي
أمينة ماء العينين: بنكيران ليس قاصرا ليتلقى التنبيه من الملك
نشر في المساء يوم 03 - 08 - 2015

في ثنايا الخطاب الملكي الأخير الكثير من الرسائل السياسية الموجهة إلى الفاعل السياسي المغربي.. التعليم، الجالية، الفقر، قضايا توقف عندها الخطاب بالكثير من التدقيق موجها نقدا قاسيا إلى قطاعات متعددة… في هذا الحوار/المناظرة نعيد قراءة مضامين الخطاب ونطرح التساؤل الرئيس: هل هناك إقرار صريح بفشل النخبة السياسية المغربية في تحقيق الإصلاح؟
الشرقاوي الروداني، برلماني الأصالة والمعاصرة، وآمنة ماء العينين، برلمانية العدالة والتنمية، وعمر العباسي، الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية، يناقشون هذا السؤال المركزي ويجيبون عن تساؤلات مستمعي «إم إف إم» وقراء «المساء» حول القضايا الحارقة التي أثارها الخطاب الملكي.
– هل يمكن أن نقول إن الخطاب حاول تقريب السياسة بمعناها العام من المواطنين؟
الشرقاوي الروداني: في إشارة إلى خطاب العرش الأخير عندما تكلم الملك عن كيفية توزيع الثروة في المغرب، تساءل بمقاربة نقدية، براغماتية حول الرأسمال الحقيقي اللامادي للمغاربة، ثم كذلك خطاب الملك على المستوى الدولي، أي خطابه الأخير في الأمم المتحدة عندما برزت جرأته في التطرق للمنظومة العالمية من خلال الإشكاليات التي تعيشها إفريقيا من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وكذا التطاحن العقائدي الإثني. هنا الخطاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى جاء كخطاب إنساني، برغماتي، نقدي. غير أن الانتظارات المتوقعة للحكومة والأحزاب السياسية من هذا الخطاب كانت لتكون رسالة سياسية موجهة إلى المجتمع المدني والفعاليات السياسية لتغيير الخطاب السياسي الذي صار يعرف انحطاطا وطغيانا للغة الخشب. وبصفتنا حزبا سياسيا نقر بكل مسؤولية بأن لغة الخشب صارت تطغى في الخطاب عند الحكومة وعند المعارضة وعند جميع الأحزاب السياسية ثم يمكن وصفه بأنه خطاب متدني على مستوى الأساليب والقاموس السياسي كما شهدنا في البرلمان من قبيل التماسيح والعفاريت.. والبراغماتية النقدية التي أطرت الخطاب، لأنه عبر دون تزييف عن المشاكل الاجتماعية التي يعيشها مجموعة من المغاربة في الدواوير التي تقدر بالآلاف ثم المسائل التي لم تعمد الحكومة إلى حلها، وهنا نذكر أن الملك حين كان في زياراته إلى الخارج يلتقي مواطنين ومواطنات مغاربة ويشتكون من عدم تحمل المسؤولية التي يلقونها من العاملين في القنصليات.
– هذا اعتراف ضمني من أحزاب المعارضة وفي مقدمتها حزب الأصالة والمعاصرة الذي عجز عن تقديم خطاب سياسي واضح كما جاء في الخطاب الملكي، بصيغة أخرى ما تحدث عنه الملك بكل جرأة كان من المفترض أن يكون خطابا للمعارضة، هل يمكن القول إن الخطاب هو نوع من الإقرار بفشل الفاعل السياسي؟
الشرقاوي الروداني: إن خطاب الملك بما يتضمنه من حمولة قوية هو بمثابة رسالة لجميع الأحزاب السياسية وكذلك الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني والنقابات. وفي ظل التحولات الاجتماعية التي صار يعيشها المجتمع المغربي والتي تقتضي تبني مقاربة تشاركية في التعاطي مع مشكلات المواطنين كما وصفها الملك بالظروف الصعبة، لذلك جاءت الدعوة في الخطاب إلى وزير الداخلية كعضو في الحكومة الحالية لتحمل مسؤوليته من خلال تقارير ميدانية لحل مشاكل المواطنات والمواطنين.
– الكل الآن، يوظف اللغة نفسها إلى درجة أن الأحزاب السياسية عوض أن تقوم بأدوارها تجنح نحو الفرجة..
آمنة ماء العينين: أجد سؤالكم قد اتخذ طابع الإطلاقية بينما في التحليل السياسي يجب تبني منطق النسبية، فالقول إن في المغرب لا يوجد مشهد سياسي يستحق المتابعة قول يتوجب الأخذ فيه بالنسبية، لأن مسألة المتابعة من عدمها تلزم العودة فيها إلى مؤشرات. فالعدد الهائل من المتابعين لخطاب رئيس الحكومة وما يحدث في البرلمان والمشهد السياسي بشكل عام وما نجده على مواقع التواصل الاجتماعي من متابعة دائمة ة تأثير وضغط على أصحاب القرار، فرئيس الحكومة بنفسه اعترف بأن الضغط المتصاعد للرأي العام بدأ يتشكل بعيدا عن أنواع الرقابة التقليدية، صار يؤثر في اتخاذ القرار، أفرز نتيجة ايجابية يجب الاعتراف بها، وبما أصبح عليه الوضع من قدرة الشباب على تحويل قضية ما موضوعا للنقاش العمومي وبالتالي التمكن من الضغط على مالكي القرار.
– الخطاب الملكي تطرق لخمسة محاور، منها المحور الاجتماعي. لم لا نجد هذا المحور حاضرا في الخطاب السياسي للأحزاب السياسية؟
الشرقاوي الروداني: للحديث بموضوعية إن سوسيولوجيا السياسة في المغرب تعرف تحولات معينة، تحولات في مقاربة الخطاب وتحولات ترتبط بالتفاعلات المجتمعية وتحولات النخبة أو تحولات دمقرطة وميكانيزمات وآليات خلق النخبة في المغرب. هذه التحولات مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار في التعاطي مع إشكاليات الخطاب السياسي في المغرب ثم للإجابة على سؤال المحور الاجتماعي الذي تطرق إليه الخطاب الملكي لعيد العرش.
دستور 2011، جاء بوعاء قانوني ومتن دستوري، من قوانين تنظيمية، مشاريع قوانين حكومية ومقترحات قوانين من المعارضة ومن الأغلبية خلقت نوعا من الزخم يفرض البحث عن نوع من الآليات للاشتغال به في إطار الدفع بمجموعة من المناطق لإخراجها من المشاكل الاجتماعية ومشاكل الهشاشة.
في هذا الإطار لدينا مشروع الجهوية المتقدمة التي أشار إليه الملك في خطابه وربطه بمقاربة جديدة وهي روح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإخراجها لإعطائها دفعة قوية. وإن لم تستطع الحكومة حل مجموعة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتعددة في مجموعة من المناطق والقرى والدواوير في السابق، فإن النخبة السياسية اليوم أمام ضرورة إيجاد مقاربة مندمجة في التعاطي مع هذه المشاكل. مقاربة الملك من خلال دراسات ميدانية للحكومة والتي ستشرف عليها وزارة الداخلية، أعتقد من الواجب أن تنطوي على روح التوصيات في تقرير بنك المغرب مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي سيحاول إعطاء تصور لكيفية توزيع الثروة في المغرب وإخراج المناطق من مشاكل الهشاشة والفقر الذي تعانيه. فكما قلت نحن أمام خطاب إنساني برغماتي، نقدي يوجب جميع الأحزاب السياسية بتحمل مسؤوليتها. وحزب الأصالة والمعاصرة كان سباقا في مجموعة من المواقف خاصة فيما يتعلق بموضوع التنمية البشرية والتعاطي بشكل إيجابي مع مضامين المخطط الخمسيني الذي وضعته الآن النخبة السياسية على الرفوف والذي صار مبعدا، وللأسف لم تعد النخبة تتحدث عنه رغم أن فيه مجموعة من النقاط التي يمكنها أن تعطي دفعة قوية للجهوية المحلية والجهوية المتقدمة، وتخلق نخبة محلية ونخبة مركزية على ضوء هذه المشاريع الكبرى التي سيعرفها المغرب في إطار الجهوية الموسعة.
عمر العباسي: أعتقد أن البعد الذي يحط ويبخس من العمل السياسي بنوع من العمومية والذي ابتدأتم به النقاش حول الخطاب الملكي، هو قتل للديمقراطية ولمجهودنا الجماعي نحو الديمقراطية. وما يجب أن يتسم به النقاش حول الأحزاب هو الحديث بموضوعية عن الأحزاب السياسية دون تقزيم أدوارها.
حزب الاستقلال وهو يترافع مع الحكومة قدم بيانا عنوانه جهاد الكرامة، وهذه وثيقة لم يكلف الإعلاميون أنفسهم الاطلاع عليها وعلى غيرها، وفي بيانات معظم الأحزاب السياسية سواء في الأغلبية أو المعارضة التي قرأتها هنالك تأكيد على المسألة الاجتماعية. وكذلك في نقاش حصيلة نصف ولاية رئيس الحكومة حضر البعد الاجتماعي وبقوة. المؤكد أن الخطاب الملكي كان خطابا قويا، صادقا ونقديا وجاء نابعا من قلب الملك إلى شعبه ولامس قضايا موضوعية ودقيقة وهذا الخطاب يندرج ضمن روزنامة من الخطب الملكية الجديدة فيها نقد جماعي. فقبل أن يكون عاهلا للبلاد هو مواطن يتشارك مع المواطنين في الوعي بالمشاكل الاجتماعية ومشاكل التعليم وأزمة الهوية.. لذلك فتحليل الخطاب الملكي لا يجب أن يمر عبر سلخ الأحزاب السياسية.
– هل يستطيع الفاعلون السياسيون، بواقعهم الحالي، التكاثف فيما بينهم لبناء نظام اجتماعي له من المناعة ما يكفي لمواجهة الاختلالات والمشاكل العارضة لهذا النظام الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي تجنب اللجوء الاضطراري إلى أعلى سلطة في البلاد؟
عمر العباسي: لا يعتبر هذا اضطرارا بقدر ما يعتبر صلاحية دستورية لعاهل البلاد ووظيفته في النظام السياسي.
– الخطاب ينطوي على إقرار صريح بضعف عمل الأحزاب السياسية والدليل أن الكثير من القضايا منها التعليم وقضايا الجالية تحدث عنها الملك بشكل دقيق جدا ما يؤكد أن الفاعل السياسي المغربي يعيش أزمة حقيقية ولم يستوعب بعد جدة الخطاب سواء على مستوى الأسلوب أو المضمون؟
الشرقاوي الروداني: يتطلب الحديث بموضوعية وجرأة الإقرار بضعف الأحزاب السياسية، فبعد أربع سنوات يسائل الخطاب الملكي حصيلة إخفاقات المعارضة والأغلبية من أحزاب سياسية نبهنا إليها غير ما مرة. إن مشاكل الاختلالات البنيوية للمغرب العميق ليست مرتبطة بأزمة الأحزاب السياسية، بل هي حصيلة عقود من التدبير المختل للدولة وسوء توزيع الثروة في هذه البلاد وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة عن هذه النتائج. ويعتبر الصراع السياسي معرقلا للمجهود التنموي في البلاد.
– الملك وجه نقدا قاسيا إلى الحكومة فيما يرتبط بتدبير قطاعات حكومية كثيرة…
آمنة ماء العينين: أولا يتوجب طرح سؤال هو: هل الخطاب الملكي يتحدث لأول مرة في تاريخ المغرب عن قضايا تنفيذية، إجرائية؟ الجواب إن كان نعم، فإني أود التذكير بأن الخطب الملكية منذ عهد الحسن الثاني تناولت كل القضايا من بينها التعليم والعدل والتنمية البشرية التي كانت تستهدف أساسا محاربة الفقر والتهميش. فلذلك لا أتصور أن الملك وجد نفسه مضطرا ليتدخل كفاعل سياسي ليمارس المعارضة في حق الحكومة كما يريد البعض إظهاره. بل إن الملك باعتباره مؤسسة دستورية هامة والصلاحية الممنوحة له من خلال الاختصاصات الدستورية، وبما يكفله له الدستور من خلال موقعه كرئيس للدولة يعد تدخله حقا مكفولا، وكان دائما ممارسة طبيعية. ثانيا نتساءل عن اللغة الجديدة للخطاب الملكي التي ليست جديدة في العمق، فبعد توالي سلسلة من الخطابات أنوه كغيري بالروح الجديدة للخطب الملكية الجديدة. هذه الخطب التي لم تأتي بمثابة حالة اضطرارية ناتجة عن ضعف الخطاب السياسي، بل من أجل مواكبة التطور الحاصل والجيل الجديد من الشباب الذي لم يعد يرضى بلغة الخشب أو اللغة المكررة.
– الديباجة التي صيغ بها الخطاب الملكي تشي بأن الملك أصبح هو الفاعل السياسي الوحيد بالمغرب. هذا ما عبرت عنه فئة واسعة تابعت الخطاب…
آمنة ماء العينين: باعتباري سياسية شابة ذات طموح في بناء تدرج ديمقراطي لنموذج متفرد أقول إنه ليس من مصلحة أحد لا الأغلبية ولا المعارضة ولا الشباب على الخصوص، القول بافتخار أن الملك هو الفاعل السياسي الوحيد في المغرب. هذا لا يفيد في شيء النموذج الديمقراطي الذي نسعى إلى بنائه، قد تكون إخفاقات عند الحكومة أو في أداء المعارضة أو الأغلبية لكن باعتبارنا شبابا ممارسا للعملية السياسية يجب أن نكون حريصين كل الحرص في تجنب إنتاج خطاب يوحي بأن الأحزاب السياسية مفلسة والفاعل السياسي مفلس وقاصر عن تأدية دوره وأن المشهد السياسي ضعيف وأن لا فاعل سياسي في البلاد غير الملك. الممارسة السياسية موجودة، هنالك أغلبية ومعارضة، هنالك بناء مؤسساتي بالرغم من الإخفاقات والنسبية في الأداء عند جميع الأطراف وهذا طبيعي ! وسبق أن قلت إن الملك ليس المرة الأولى التي يتدخل فيها من أجل قضايا تنفيذية. وما دمنا لم نبلغ بعد ملكية برلمانية فإننا نقبل بالطابع التنفيذي للملكية في إطار الدستور الذي توافقنا عليه جميعا في هذه المرحلة. متى انسحبت الحكومة من القضايا الاجتماعية حتى يكون الملك مضطرا؟ لأن المبادرة البشرية التي هي مبادرة اجتماعية بالأساس انطلقت منذ عهد سابق ومرت بحكومات، الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أنجزه المجلس الوطني للتربية والتكوين والبحث العلمي، والذي أعلن في تقييم أدائه أنه لم يتمكن من أداء كل مهامه، هذا الاتفاق وضع هو الآخر بمبادرة ملكية من الحسن الثاني، وتتبعه الملك محمد السادس إلى أن جاءت مبادرة جديدة لمجلس مستقل عن الحكومة له خطة واضحة.
في هذا الصدد أدافع بشراسة عن منح الاختصاصات للمنتخبين، لأن الحكومة في المغرب عندما تكون منتخبة ونأتي لتقييم أدائها يجب أن نمنحها كل الاختصاصات وكل الصلاحيات. وأرى أن كل المجالس بما فيها مجلس التعليم هي مجالس استشارية في البداية. فإذا كنا سننتخب حكومات في المغرب ونسحب منها الاختصاصات كمؤسسات مستقلة، لا أتصور أن حكومة عبد الإله بنكيران فقط بل الحكومات اللاحقة أيضا ستعاني وحتى مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في علاقته باستقلالية المسؤولية نقاش آخر. في البعد الاجتماعي وكي لا يقال إن الحكومة مفرطة في اهتمامها بهذا البعد. ألا يقال عن الرئيس، رئيس حكومة الأرامل والمعوزات؟ ألا يقول رئيس الحكومة في كل مرة في البرلمان وخارجه إنه في موقعه لأنه يريد الالتفات إلى الفئات الأكثر خصاصا وهشاشة وأنه لا يزيد في الأجور لأنه يود أن تصل الثروة للذين لا يصلهم شيء.
– في الأصالة والمعاصرة بنيتم خطابكم السياسي والاجتماعي على تقرير الخمسينية وكأن الأمر يتعلق بتملك هذا التقرير رغم أنه ملك لجميع المغاربة..
الشرقاوي الروداني: بدءا أود الإشارة إلى مسألة تحدثت عنها ماء العينين هي أننا وضعنا الملك في موقف المعارضة. لكن على العكس من ذلك بالنسبة لنا خطب جلالة الملك هي خطب للتأمل، للتقييم وكذلك الخطب التي تكون ذات طابع توجيهي ليس فقط للحكومة بل حتى للمعارضة. فاليوم حين نتكلم مثلا عن المدرسة العمومية وأزمة التعليم وعلى مجموعة من المشاكل الاجتماعية نحن في حزب الأصالة والمعاصرة قدمنا اقتراحات لمشاريع قوانين كما قامت الحكومة بدورها ولكننا كمعارضة نريد الأفضل. أما في النقطة التي تتعلق بالتقرير الخمسيني أود التوضيح أننا لم نتملك تقرير الخمسينية ولم نستحوذ عليه، لكن كان هناك من المغاربة إقبار تقرير الخمسينية وتوصيات هيئات الإنصاف والمصالحة. نحن في حزب الأصالة والمعاصرة قلنا ونقول دائما إن مهمة إنجاح هذه الحكومة أمانة على عاتقنا دائما معارضة وأغلبية. هنا اقترحنا على الحكومة أن تخصص للصندوق الخصوصي للقرى 10 مليار درهم من مجموع 82 مليار درهم في صندوقها الخصوصي الموجود تحت تصرف رئيس الحكومة، لكن ما نراه ونحن على وشك نهاية السنة المالية لم يستنفذ من الصندوق حتى النصف من ميزانية العالم القروي، هنا فالخطاب الملكي هو من يوجهنا لطرح مثل هذه الأسئلة، لذا لو كانت الحكومة ترغب ببقائنا كمعارضة عليها أن تعترف بذلك.
– رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قال إن المعارضة هي التي تحكم، بل حزبكم يتوفر على صلاحيات كبيرة؟
الشرقاوي الروداني: لغة التماسيح والعفاريت هذه، لغة تعرقل العمل السياسي. هذا ما يسمى خلط للأوراق وعملية لارباك الديمقراطية في المغرب. ونرى اليوم صلاحيات ومؤسسات بأكملها في يد رئيس الحكومة كانت فيما قبل في يد الملك ، أين هذه المعارضة التي يقال أنها تحكم هل حزب الاستقلال يحمل هو الآخر على عاتقه مهمة إنجاح الحكومة؟
عمر العباسي: بصدق، نحن سواء عندما كنا في الحكومة أو عندما غادرناها نتمنى لهذه التجربة الحكومية النجاح. لأنه في قناعتنا وتحليلنا الراسخ أن نجاح هذه التجربة نجاح لبلادنا في مسارها الديمقراطي. هنا سأتطرق لنقطتين أساسيتين حول الخطاب، أولاها فكر سائد مبخس لعملنا الحزبي يلقى صداه عند بعض وسائل الإعلام وعليه لا يمكن تحليل الخطاب على ضوء هذه الأطروحة. أما النقطة الثانية فإنه لا يمكن أيضا لي الخطاب ليخدم فقط فكرة وجود عجز حكومي.
– هل نضجت الشروط لتبني ملكية برلمانية؟
آمنة ماء العينين: ما قلته حول الملكية البرلمانية هو أن الاختيار في دستور 2011 تم التوافق على ملكية دستورية. في حين يتهم رئيس الحكومة بتخليه عن صلاحياته للملك لا نجد وقائع ملموسة يستدل بها أصحاب هذه الفكرة. وعليه فرئيس الحكومة يؤكد دوما في خطاباته على العلاقة التعاونية التي تجمعه بالملك. هذا إضافة إلى النية المبيتة عن أطراف معينة في العارضة لخلق نزاع بين رئيس الحكومة والملك أو لإقحامه قسرا في صراعاتها مع الرئيس كما رأينا في محطتين بارزتين، الأولى رغبة حزب الاستقلال حين رغبته الانسحاب من الحكومة من خلال استغلال الفصل 42 من الدستور وجر الملك إلى التحكيم في صراع أحزاب سياسية. المحطة الثانية كانت الشكاية التي وجهتها أحزاب المعارضة تشتكي من خطاب عبد الإله بنكيران.
– وجهت لكم أمينة ماء العينين نقدا صريحا بتعطيل رئيس الحكومة عن مهامه وسخرت من مذكرتكم الموجهة للملك؟
عمر العباسي: أولا إجابة عن سؤالها بخصوص الوقائع الملموسة لتنازل رئيس الحكومة عن صلاحياته، في القانون التنظيمي الذي عرف في وسائل الإعلام أبرز صيغة لهذا التنازل وأوضح مثال على ذلك هو اعترافه بعجزه عن إقالة موظفة في مؤسسة عمومية. كذلك عودة التقنوقراط دليل نموذجي آخر على إخفاق رئيس الحكومة بتنازله عن صلاحياته. لكن حزب الاستقلال لم يكن أبدا يضمر نية لإقحام الملك في صراعه مع رئيس الحكومة بقدر ما كانت نيته الدفاع عن الديمقراطية. وما يقال بأن الأحزاب السياسية المعارضة تعسفت في تأويل الدستور هو كلام خال من الصحة وهذه الأحزاب مؤخرا لم تشتكي رئيس الحكومة عند الملك بل نبهت إلى محاولة رئيس الحكومة توظيف الصفة الملكية في نقده للأحزاب السياسية والتدافع السياسي وهذا ما وضحه زعماء أحزاب المعارضة.
– نعود لمناقشة مضامين الخطاب الملكي، الملك تحدث عن معضلة إصلاح التعليم والدوامة التي دخلها، وضرورة إبعاد القطاع عن التجاذبات السياسية، هل هي رسالة موجهة أيضا إلى الفاعل السياسي؟
الشرقاوي الروداني: التعليم باعتباره قضية محورية، نؤمن في حزب الأصالة والمعاصرة أن المنظومة التعليمية لابد من إصلاحها في القريب العاجل. فحين نتكلم عن التعليم نعني به البناء المؤسساتي والتربوي والمستقبل والمعرفة والعلم كأسلحة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتحديات العولمة التي يعيشها المغرب. وفي هذا الصدد اصدر الحزب مذكرة في يوليوز سنة 2014 والتي كانت مبنية على 3 محاور، دعونا فيها إلى التدارس المشترك لبعض القضايا الاستراتيجية منها منظومة التعليم والتربية والتكوين ثم مبدأ إشاعة ثقافة سياسية تجعل من المقاربة التشاركية أهم الأسس لخلق توافق حول القضايا الاستراتيجية للمغرب ثم ثالثا التأكيد على الدور المحوري للمدرسة العمومية الذي تلعبه في التنشئة السياسية والعلمية والتعليمية للمجتمع المغربي. ومن خلال الخطاب نجد أننا أمام مشاكل اجتماعية إذا ما عدنا إلى أساسها نجد بأن بناء الطفل والشباب المغرب وخريجي الجامعات لا يتناسب وسوق الشغل الذي يعيش تطورات كبرى، وعليه فإننا بحاجة إلى مدرسة عمومية قوية وتعددية بلغاتها وبرامجها التعليمية كي لا يضطر المواطن المغربي لاستنزاف ميزانيته وتسجيل أبناءه في المدارس الخاصة لذلك ففي حزب الأصالة المعاصرة المسألة التعليمية بالنسبة لنا مسألة استراتيجية كمسألة الوحدة الترابية ويجب معالجتها لأنها تمس بالجانب البنيوي.
– أنتم في حزب العدالة والتنمية أية قراءة لإصلاح التعليم في ضوء الإشارات الملكية في الخطاب؟
أمينة ماء العينين: نحن خصوصا والنخبة السياسية عموما في هذه البلاد نعي بأن التغيير في هذه البلاد هو تغيير متدرج وصعب وخيار الإصلاح التدريجي يستلزم التعاون من أجل تجاوز معاناته.
– كان هناك خلاف كبير جدا بين الكثير من المكونات السياسية داخل المجلس الأعلى للتربية والتكوين. هل يمكن الحديث عن حسم ملكي في قضية لغة التدريس؟
آمنة ماء العينين: قضية التعليم لا يمكن تناوله من خلال أداء حكومة معينة أو طرف سياسي معين، فمنذ بدايته ملف التعليم كان ينجز بمبادرات ملكية مثل الميثاق الوطني للتربية والتعليم الذي تأكد أنه استنفد أغراضه ولم يستطع آن يحقق مجمل الأهداف التي جاء بها رغم أنه ظل كمرجعية ومازالت به أمور لم تتم أجرأتها. فخطاب عشرون غشت الذي كان صادما في فضحه لمجموعة من الاختلالات التي يعاني منها التعليم. تحدث عن أن التعليم فيما قبل عشرين سنة أفضل مما هو عليه الآن بما يعني أن مجموع الحكومات المتعاقبة أفضت إلى الواقع الحالي الذي يعكس إفلاس منظومتنا التربوية.
في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي اشتغلنا على ما أسميناه التقرير التحليلي لعشرية الميثاق وتشكلت الرؤية الاستراتيجية للإصلاح في أفق 2015 -2030. بالنسبة للغات الأجنبية المدرسة كلغات للتواصل والانفتاح على مجتمع العلم والمعرفة، لكن الخلاف كبير على لغة التدريس بين اتجاهات، دعاة الفرنسة من جهة والدعوة للانجليزية كلغة براغماتية واتجاه ثالث كنت من بينهم يرى أن اللغة العربية كإحدى مقومات الهوية المغربية هي لغة التدريس الأنسب لأنه لا توجد حضارة تبني نفسها بغير لغتها بينما كانت هنالك بعض المناوشات دعاة اللغة الدارجة كلغة للتدريس ما يمكن اعتباره اختيارا تافها، في هذا الإطار جاء الخطاب الملكي منسجما ومتوازنا، حيث دعا إلى الانفتاح على اللغات الأجنبية والحفاظ على اللغة العربية كإحدى مقومات الهوية واللغة الأمازيغية كلغة وطنية ثانية .
– هناك بلدان درست بغير لغاتها الوطنية وتفوقت، واليابان والصين وكوريا خير أمثلة على ذلك. هل عقدة اللغة أصبحت عقدة سياسي أم أنها توظف فقط للمزايدة؟
الشرقاوي الروداني: لأننا أمام معركة حقيقية، جاء في مذكرة يوليوز التي راسل من خلالها حزب الأصالة والمعاصرة عدة أحزاب سياسية ، اعتبر أن الانخراط الفردي والجماعي هو شرط مهم في إنجاح مدرسة مغربية للجميع بكافة مقومات الجودة والنجاعة. وقد قارب الملك الإشكال الواقع حول اللغة العربية من خلال رسالة موجهة للجميع وهي أن الهوية المغربية بمختلف روافدها يجعل من المغرب مركز ثقل جيوثقافي جد مهم ما يطرح ضرورة توفره على مدرسة قوية وقادرة على استيعاب المرحلة كما فعلت في السابق. خاصة ما نلحظه مع ما تطرحه المسألة التعليمية من إشكال جوهري هو انقسام بين الاتجاهين الأول المتجه إلى البعثات الخارجية والمدارس الخصوصية والثاني في المدرسة العمومية.
– هل أنتم في حزب الأصالة والمعاصرة مع الدارجة في التدريس؟
الشرقاوي الروداني: أعتقد أن مكتبنا السياسي تدارس بشكل قوي مسألة اللغة والدارجة. لذلك فالإجابة المطلقة ليست ممكنة الآن، لأن تطوير المسألة التعليمية يتطلب تأن ومقاربة تجعل من الخريج المغربي قادرا على الانخراط في سوق الشغل بالدرجة الأولى.
– جاءت رسالة الملك واضحة في ورش التعليم ذلك أنه طالب بإبعاد هذا الورش عن الحسابات السياسية وصياغة إصلاح في إطار تعاقدي يضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح…
عمر العباسي: حين نتحدث عن التعليم نطرح سؤال من المسؤول عن التعليم في العشر سنوات الأخيرة، من كان يدبره؟ من كان يتخذ القرارات الكبرى؟ وفي نقاشنا حول الدارجة أرى إنه نقاش مغلوط لأنها فكرة استعمارية بالأساس. هنا لا يمكن إلا أن نتشاطر الفكرة بأن نهضة أمتنا وإصلاح تعليمنا يتوقف على التدريس باللغة الوطنية مع الانفتاح على اللغات الأجنبية. وعليه يجب دمقرطة الجانب السياسي المرتبط بالتعليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.