5.7% من المغاربة لا يثقون قي فعالية التلقيح، هذا ما كشفت عنه نتائج دراسة دولية جديدة تقوم على استطلاع للرأي شمل عينة من 65 ألف شخص من 67 دولة من مختلف أنحاء العالم. الدراسة التي أعدها مجموعة من الباحثين في مؤسسة «vaccine confidence project» بالتعاون مع «imperial college» اللندنية إلى جانب عدد من الفرق البحثية من فرنسا، تم العمل عليها خلال الفترة الممتدة من شتنبر إلى دجنبر من العام الماضي، وتم نشر نتائجها نهاية الأسبوع الماضي في عدد هذا الشهر من مجلة «EBio Medicine»، وهي الدراسة التي تعتبر الأهم والأكبر من نوعها في مجال استطلاعات الرأي بخصوص التلقيح. المغاربة حلوا في الرتبة الثالثة من بين البلدان العربية الأقل ثقة في اللقاحات، وذلك بعد كل من المملكة العربية السعودية التي سجل 1.2% فقط من مستجوبيها عدم ثقتهم في فعالية اللقاحات، متبوعة بالجزائر بنسبة 4.6%، في حين حلت لبنان في الرتبة الأخيرة من بين البلدان العربية التي شملها الاستطلاع، وذلك بنسبة 12.5%. البروفيسور أحمد عزيز بوصفيحة، رئيس الجمعية المغربية للتواصل الصحي، اعتبر أن هذا الرقم «مفزع»، خصوصا إذا ترجم على أرض الواقع بالنسبة إلى القاحات الخاصة بالمواليد الجدد، مبرزا أنه سيعكس رقما مهولا بالنظر إلى أن عدد المواليد الجدد في المغرب يفوق 650 ألفا سنويا، «ففي حال لم يكن آباء هؤلاء المواليد يثقون في فعالية التلقيح سنجد أنفسنا أمام الآلاف من الأطفال الذين قد يحرمون من التلقيح»، يقول بوصفيحة. وفي تفسير أسباب عدم ثقة المغاربة في فعالية اللقاحات، يرى بوصفيحة، أن الأمر يرجع إلى عدة عوامل مختلفة من بينها عوامل ذات طبيعة دينية وأخرى ثقافية وحتى بعض العوامل «العلمية». وأوضح بوصفيحة أن الجهل بأهمية اللقاح «الذي يعتبر من أهم إنجازات الإنسانية» يدفع كثيرا من الناس إلى الاستغناء عنه، خصوصا وأنهم «لم يعاصروا انتشار عدد كبير من الأوبئة الخطيرة التي أصبحت شبه منعدمة بفضل التلقيح». وأشار بوصفيحة إلى أن إلزامية استفادة المواليد الجدد من التلقيح الأول قبل تسجيلهم في الحالة المدنية أسهم نسبيا في الرفع من نسبة المواليد المستفيدين من التلقيح. ولا يعتبر الجهل لوحده سببا في انخفاض نسبة ثقة الناس في التلقيح، فحسب المتحدث نفسه، هناك أيضا أسباب «علمية» تقف وراء عدم ثقة البعض في التلقيح، مرجعا ذلك إلى بعض الدراسات التي أسهمت في انتشار «عدد من المغالطات»، مشيرا بهذا الخصوص كنموذج إلى دراسة أنجزت سابقا في فرنسا كشفت أن التلقيح الخاص بالتهاب الكبد الفيروسي يتسبب في التصلب الصفيحي الذي يصيب الجهاز العصبي، مؤكدا أن أبحاثا أخرى تحمل التلقيح مسؤولية التسبب في أمراض مختلفة كالتوحد، حيث اعتبر أن تلك الدراسات التي لم تتأكد نتائجها «تسهم في انتشار المغالطات» باعتماد خلاصات غير دقيقة. وأبرز المتحدث أن بعض الأخطاء الطبية قد تكون بدورها سببا في انتشار أفكار مغلوطة حول فعالية التلقيح والتخوف منه، من قبيل عدم تخزين اللقاحات بالشكل الصحيح ما يؤدي إلى فسادها، وبالتالي تسببها في مشاكل صحية في حال استعمالها، مشددا على ضرورة عدم الاستناد إلى الأخطاء من ذلك القبيل للحكم على فعالية التلقيح من عدمها، مبرزا أن التلقيح يبقى في جميع الأحوال «إنجازا علميا مهما» جنب ويجنب البشرية كثيرا من الأمراض والأوبئة. هذا، وقد كشفت الدراسة، كذلك، عن نتائج مثيرة في ما يهم الفئات المستجوبة في البلدان التي تدخل في خانة المتقدمة، حيث ترتفع نسبة عدم الثقة في اللقاحات في تلك البلدان بشكل كبير وتصل على سبيل المثال إلى 41 في المائة في فرنسا، و27.5 في المائة في روسيا، و13.5 في المائة في الولاياتالمتحدةالأمريكية.