أفادت مصادر من وزارة الصحة أن الحسين الوردي، وزير الصحة، حسم في أمر توقيف الشطر الثالث من الصفقة المبرمة مع أحد المختبرات الصيدلية، لإدراج لقاحين في إطار البرنامج الوطني للتلقيح الأول مضاد لميكروبات "البنوموكوك"، الخاص بمقاومة الأمراض التنفسية، ولقاح "الروطافيروس"، الخاص بمقاومة الإسهال الحاد والقاتل لدى الأطفال. وأوضحت المصادر أن القرار يأتي على خلفية الانتقادات الموجهة إلى الصفقة، من داخل وخارج وزارة الصحة، استنادا إلى القيمة المعلن عنها مع شركة أمريكية، حصلت على مبلغ 68 مليون درهم، وشركة مغربية حصلت على 355 مليون درهم، أي أزيد من 45 مليارا في مجموع الصفقة. وذكرت المصادر أن وقف الصفقة يأتي في انتظار خلاصات لجنة التحقيق في موضوع الصفقة، لدراسة مختلف جوانبها، العلمية والنفعية والمالية. وقالت أوساط متتبعة للملف إن الصفقة المذكورة ستتسبب في دخول المستشفيات العمومية في أزمة غياب الأدوية والمستلزمات الطبية، ما سيؤثر على الخدمات المقدمة إلى المواطنين. وأكدت المصادر أن وقف تنفيذ الصفقة لم يؤثر على الاستمرار في تلقيح الأطفال في المستشفيات العمومية، حاليا، لوجود مخزون من اللقاحات في الصيدلية المركزية، بينما يظل الوضع مجهولا بخصوص حلول موعد تنفيذ الشطر الثالث من الصفقة، دون أن تحدد هذا الموعد، إلا أن عددا من الأطراف تقول إنها تتعلق بسنة 2013. وقال علي لطفي، رئيس "الشبكة المغربية لحماية الحق في الصحة والحياة"، في تصريح ل"المغربية"، إن "الشبكة تطالب الوزير بالتشبث بقراره، لأن إدراج اللقاحات ضمن البرنامج الوطني اتخذ دون حضور اللجنة الوطنية للتلقيح، التي تضم خبراء في التمنيع، للإدلاء برأيها حول صواب القرار لخفض نسبة وفيات الأطفال بالمغرب". وعبر لطفي عن ارتياحه لقرار الوزير، الذي قال إنه "يأتي في إطار حماية المال في صفقة تشتم فيها رائحة الفساد، وبالتالي، سيتيح توظيف 47 مليار سنتيم، التي خصصت للشطر الثالث لشراء اللقاحات، في اقتناء الأدوية والمعدات للمستشفيات العمومية، حيث يتلقى 8 ملايين ونصف مليون مغربي معوز علاجاته". وأشار إلى أن موقفه زكته منظمة الصحة العالمية، في أحد تقاريرها، إذ "عبرت عن استغرابها من المغرب، الذي خصص غلافا ماليا ضخما لشراء هذه اللقاحات، في الوقت الذي يحتاج إلى أدوية تدخل في العلاجات الأساسية". وقال لطفي إنه غير متخوف من سحب اللقاحين من البرنامج الوطني للتلقيح، معتبرا أن "العديد من الأمراض، التي تكون سببا وراء وفيات الأطفال في المغرب، سببها سوء التغذية وانعدام النظافة، بالقضاء على هذين العاملين، إضافة إلى تحسين شروط الولادة، يرتفع مؤشر الحياة لدى صغار السن على الصعيد الوطني". من جهة أخرى، استفسرت "المغربية" أحمد عبد العزيز بوصفيحة، اختصاصي طب الأطفال والمناعة، في مستشفى الأطفال بالمركز ابن رشد بالدارالبيضاء، فأكد أن "الاختصاصيين في طب الأطفال بالمغرب اعتبروا أن دخول لقاحي "البنوموكوك" والريطافيروس" إنجاز تاريخي على الصعيد الوطني، سيما اللقاح المضاد ل"البنوموكوك"، الذي يتسبب في مشاكل تنفسية خطيرة لدى الأطفال. وأوضح بوصفيحة أن اللقاح المضاد ل"البنوموكوك" يعد 100 مرة أنفع للأطفال من اللقاح المضاد ل"الروطافيروس"، بالنظر إلى أن اللقاح الأول يحمي الأطفال من الموت بسبب ميكروبات خطيرة، تعد السبب الأول لوفيات الأطفال لأقل من 5 سنوات، في العالم، وضمنها المغرب، بنسبة تصل إلى 17 في المائة، وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية. وأوضح بوصفيحة أن أطباء الأطفال "لن يشعروا بالاطمئنان إذا توقف تلقيح الأطفال بمضادات "البنوموكوك"، خوفا من ارتفاع مؤشر الوفيات وسط الصغار، بسبب معاودة ظهور التهابات الرئة و"المينانجيت" ذات الصلة بميكروب "البنوموكوك"، مشيرا إلى النتائج الحسنة لاعتماد لقاح "الهيموفيلوس"، الذي خفض نسبة ظهور حالات "المينانجيت" إلى ما يقارب نسبة الصفر. واعتبر أن "إخراج لقاح "البنوموكوك" من البرنامج الوطني للتلقيح لن يؤثر على أطفال الطبقات الميسورة، التي تتلقى لقاحاتها في القطاع الخاص، ما يطرح إشكالية تساوي الأطفال المغاربة أمام التمنيع ضد أمراض خطيرة". مقابل ذلك، عبر عن إمكانية الاستغناء عن لقاح "الروطافيروس"، المضاد للإسهال لدى الأطفال، لعدم وجود مخاوف كبيرة من التخلي عنه، أمام النتائج الحسنة لاعتماد البرنامج الوطني لمحاربة إسهال الأطفال الأملاح المعدنية.