في مواجهة «باردة» بين التصوف والإسلام السياسي في المملكة الشريفة يجتمع مساء الغد مئات الآلاف من «فقراء» كبريات الطرق الصوفية كالطريقة التيجانية والطريقة البوتشيشية والدرقاوية والريسونية، في الزوايا والمساجد والبيوت التابعة لها لإحياء ذكرى المولد النبوي. فقد تحوّلت، على سبيل المثال، قرية «مداغ» في شرق المملكة إلى محج لمريدي «سيدي حمزة» من جميع أنحاء العالم. احتفالات المولد، كالعادة، تأتي بمباركة وتأطير رسميين، يتمثلان أساسا في ترؤس الملك بصفته أميرا للمؤمنين لحفل ديني يحضره كبار المسؤولين في الدولة. رعاية طبعت السياسة الدينية للدولة في ال15 سنة الأخيرة، حيث يوضح الباحث المتخصص في الشأن الديني، محمد ضريف، أن الملك الراحل الحسن الثاني عمل على تحييد الزوايا والطرق الصوفية في المجال السياسي، مقابل تقوية التيار السلفي لإحداث التوازن مع الحركات السياسية ذات المرجعية الإسلامية. أما بعد تولي الملك محمد السادس الحكم، يقول ضريف، فقد حدث تحوّل نحو إعادة الزوايا بقوة إلى المشهد السياسي، لمواجهة التيارين: الإسلامي والسلفي. وأكد ضريف أن أتباع ومريدي الزوايا الصوفية يشكّلون خزانا انتخابيا هائلا يفوق مجموع الكتلة الناخبة للإسلاميين والسلفيين».