بعد أن نظم أتباع الزاوية البوتشيشية الصوفية مسيرات مؤيدة للدستور الجديد في الدارالبيضاء، دعت الزاوية التي يقودها الشيخ حمزة بن عباس إلى تنظيم ليلة دعاء وذكر بمناسبة المصادقة عليه. ويطرح هذا التحرك التساؤلات حول تحول الطريقة البوتشيشية إلى العمل السياسي. رموز الطريقة ينفون ممارستهم للسياسة، ويقول السباعي الإدريسي، الناطق الرسمي باسم الطريقة البوتشيشية في تصريح لدويتشه فيله إن الطريقة عبرت من خلال ما قامت به فقط عن موقف وطني. لكن المراقبين للمشهد السياسي المغربي يعتقدون أن تسييس الزوايا والطرق الروحية لعبة خطرة ويقولون أن الزاوية البوتشيشية، التي يصل أتباعها إلى الملايين، تعكس موقفا متناقضا في خطاباتها من خلال هذا الدعم. فهي تعزل نفسها عن السياسية مؤكدة أن دورها روحي كلما تطلب الأمر اتخاذ موقف مناهض للدولة، وتسارع إلى المشاركة الفعالة بالبيانات والتصريحات والمسيرات كلما تعلق الأمر بالتصفيق على أفعالها. استقلالية الطريقة البوتشيشية على المحك وفي هذا الصدد، يقول محمد ضريف، المحلل السياسي المختص بالجماعات الإسلامية بالمغرب: "يصعب القول بأن الطريقة البوتشيشية طريقة مستقلة"، مضيفاً أنها تدخل في إطار الإستراتيجية الدينية الجديدة التي اختارتها الدولة منذ أحداث سبتمبر/أيلول 2001 لمواجهة التيار السلفي بالتيار الصوفي. ولا يعد دعم الزاوية للدستور أول تدخل في السياسة من جانبها، فقد ندد شيخ الطريقة البوتشيشية في عام 2005 بأعداء الملكية. هذا الطرح يرفضه السباعي الإدريسي، الناطق الرسمي باسم الطريقة البوتشيشية مؤكداً أن الطريقة "مستقلة بقراراتها ولا تهمها سوى مصلحة البلاد" وموضحا أن هذا الموقف هو امتداد لدور الطرق التاريخي بالمغرب. ولا يستبعد ضريف أن يكون عقد هذه المسيرة رسالة من الدولة وسلطاتها التي تريد أن تبلغ إشارة قوية إلى بعض الجهات الرافضة للدستور والتي دعت إلى مقاطعة الاستفتاء حوله مثل جماعة العدل والإحسان. وأضاف أن الدولة لا تستطيع مواجهة 20 فبراير، التي تعد جماعة العدل والإحسان أحد مكوناتها، لذلك فإن خروج مريدي الطريقة القادرية البوتشيشية جاء لإحداث نوع من التوازن في التظاهر في الشارع العام.ووصفها قائلاً: "هي محاولة إذن لجر البساط من تحت أرجل جماعة ياسين"، حيث رفع مريدو الطريقة البوتشيشية في مسيرتهم بالدارالبيضاء شعارات من قبيل "لا عشرين ولا ياسين.. الدستور اللي كاين"، وفيها "رسالة واضحة من الدولة أن القوى الدينية ليست كلها مناهضة للمؤسسة الملكية". ويستطرد المختص في الجماعات الإسلامية قائلا:" الدولة تحاول أن تقول بأن جماعة العدل والإحسان ليست القوة الدينية الوحيدة التي تتحرك في الساحة". وهو ما نفاه السباعي الإدريسي، في تصريحات لدويتشه فيله، مشيرا إلى أن مسيرة 26 يونيو/حزيران 2011 في الدارالبيضاء، والمؤيدة لمشروع الدستور، لم تكن موجهة ضد جماعة العدل والإحسان التي تخرج إلى الشارع، في إطار حركة 20 فبراير. واعتبر أن البعض أصبح يقيس المصداقية من خلال معارضة، واصفا هذا الموقف " بالخطير". "تصفية حسابات قديمة" وتعتبر الزاوية القادرية البوتشيشية من أكثر الزوايا تأثيرا، حيث تستقطب الاحتفالات السنوية التي تنظمها بمناسبة ذكرى المولد النبوي عشرات الآلاف من الأشخاص والزوار ومريدي الزاوية يحجون إليها من مختلف جهات المملكة وكذا من عدة بلدان أخرى. لكن بعض المراقبين لا يستبعدون أن يكون نزول الزاوية البوتشيشية بكل ثقلها في الشارع لمواجهة جماعة الشيخ ياسين، ما هو إلا رسالة إلى هذا الأخير، على اعتبار أنه قرر في يوم من الأيام أن "يرتد" على الزاوية التي كان أحد مريديها. ويذهب محمد ضريف في نفس الطرح إلى أن هذا الأمر هو رسالة إلى الشيخ ياسين الذي كان عضوا سابقا في الحركة. لكن وبغض النظر عن أهداف ودوافع التحركات الأخيرة للزاوية البوتشيشية فإن الشارع المغربي أصبح يتساءل عن إمكانية تحول الزاوية البوتشيشية إلى حزب إداري جديد؟ *عن موقع "دويتشه فيله"