دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، منبهة إلى التهديد المحدق بصحة وحياة الأطفال في العالم بسبب البدانة، حيث أكدت في دراسة حديثة لها بأن نسبة الأطفال الذين يعانون السمنة في ارتفاع مقلق. الدراسة التي أعدتها اللجنة المكلفة بوضع حد للسمنة في صفوف الأطفال «The Commission on Ending Childhood Obesity»، والتي أصدرت نتائجها مساء الاثنين الأخير، أظهرت أن 41 مليون طفل في العالم ممن يبلغون أقل من خمس سنوات يعانون السمنة، النسبة الأكبر منهم تعيش في البلدان السائرة في طريق النمو، بحيث عرفت نسبة الأطفال الذين يعانون البدانة في البلدان ذات الدخل الضعيف والمتوسط ارتفاعا فاق الضعف، وذلك بانتقال عددهم من نحو سبعة ملايين طفل سنة 1990 إلى خمسة عشر مليون طفل في عام 2014. بالنسبة إلى المغرب، فقد تم تصنيفه في خانة البلدان التي تعرف نموا للظاهرة، بحيث يتراوح عدد الأطفال المغاربة الذين يعانون السمنة ما بين 10 و14.9%، وهي النسبة نفسها التي تم تسجيلها في الجزائر وتونس، في حين تعتبر ليبيا من أكثر البلدان في القارة الإفريقية والعالم التي تعاني مشكل البدانة في صفوف الأطفال بنسبة تقارب 20%، تليها مصر بنسبة تتراوح ما بين 15 و19.9%. هذا وفي إفريقيا لوحدها وصل عدد الأطفال الذين يعانون السمنة إلى 10.3 ملايين طفل عام 2014، مقابل نصف ذلك العدد في عام 1990، في حين يعيش في القارة الأسيوية لوحدها 48% من مجموع الأطفال الذين يعانون السمنة على الصعيد العالمي. وقد حذرت المنظمة من أنه في حال عدم مواجهة هذه الظاهرة، ستستمر في التوسع لتصيب نسبة أكبر من الأطفال، منبهة إلى أن من يعانون البدانة في مرحلة الطفولة يرجح أن يعانوا منها خلال مراحلهم العمرية اللاحقة، مع كل ما يرافق ذلك من تبعات على الصحة الجسدية والنفسية، كأمراض الجهاز الهضمي ومشاكل التنفس والسكري وأمراض القلب والشرايين. من هنا دعت المنظمة الحكومات إلى تحمل مسؤوليتها في حماية الأطفال من هذا الداء، من خلال سياسات تشمل عدة قطاعات على رأسها التعليم، وذلك بتوفير ثقافة حول موضوع التغذية مع تعزيز الأنشطة البدنية في الفضاء المدرسي، كما دعت إلى إشراك مختلف الفاعلين في استراتيجيات وطنية لمحاربة بدانة الأطفال، بما فيها الجمعيات وأولياء أمور الأطفال. يذكر أن دراسة سابقة أعدها معهد «ماكنزي» عام 2014 حول السمنة وآثارها على اقتصاد البلدان السائرة في طريق النمو، كشفت أن ما يقارب نصف سكان العالم سيعانون من السمنة بحلول سنة 2030 إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، كما نبهت إلى العبء الثقيل الذي تشكله الظاهرة على اقتصاد العديد من البلدان، بحيث تصل قيمة الخسارة التي يتكبدها العالم بسبب السمنة إلى 2000 مليار دولار، في حين تصل تلك الخسارة بالنسبة إلى المغرب لوحده إلى 24 مليار درهم، أي ما يناهز 3% من الناتج الداخلي الخام للبلاد، وهي الكلفة المالية التي أوضحت الدراسة بأنها تعكس تقديرات تتعلق بالخصوص بكلفة العلاجات التي تهم الأمراض المرتبطة بالظاهرة، كالسكري وضغط الدم وأمراض القلب.