في اطار حديثه عن جدل التعليم باللغات العامية، قال عبد الله العروي، المفكر والمؤرخ المغربي أنه سبق وأن حاول كتابة إحدى رواياته بالدارجة. مشروع الكتابة باللغة العامية توقف، حسب ما أفاد به العروي في حواره مع جريدة "الأحداث المغربية"، بسبب اختلاف مستويات الكتابة شيئا فشيئا، وذلك لكون مستوى الدارجة حسب المفكر الكبير خاص بالتواصل فقط، لذلك عزف عن اتمام كتابة المشروع الأصلي لروايته "اليتيم" بها، قائلا أنه "علينا أن ننتظر مائتي سنة حتى ننجح في التعبير بالدارجة تعبيرا أدبيا محملا بالايحاءات."
العروي تساءل ان كان نور الدين عيوش صاحب المذكرة التي تدعو الى التعليم بالدارجة قد فكر في "مضيعة الوقت" التي يستدعيها بناء الدارجة، مشيرا إلى أن الأمر ليس بالبساطة التي يتصورها هو و الدعاة الى التعبير بالعامية. قائلا ان هذه القضية يجب ان يبتعد عنها الأشخاص الذين لا صلة لهم بالثقافة لا من قريب ولا من بعيد، فلاحق لهم في أن يتدخلوا في أمور كبرى تقتضي التسيير والتخطيط لمستقبل شعب بأكمله، مضيفا أن الثقافة ليست مجرد قضية سياسية أو اقتصادية عابرة لكونها أكبر من ذلك بكثير.
في حواره المطول للرد على دعاوى اعتماد العامية في التعليم، تحدث العروي عن كون اعتماد الدارجة كلغة مكتوبة سيجعل المغاربة ينقطعون عن الثقافة العربية وما أنتجته طيلة قرون وعن ما مازالت تنتجه من إرث ثقافي وأدبي، وهي قطيعة لا تتعلق بالشرق العربي وشعوبه فقط، حسب المفكر، بل مع الحضارة العربية وما ساهم به المغاربة وأهل الأندلس في تلك الحضارة، مما سيقطع صلة الطفل بتلك الحضارات كليا اذا تم الاكتفاء بتعليمه بالدارجة.
المفكر المغربي اعترف في نفس الوقت بأن اللغة العربية التي يسميها بالمعربة نظرا لعدة معطيات، تعاني من مشاكل وتعرف أزمة حقيقية، لكن هذا لا يعني إبدالها بالدارجة في التعليم لكون هذه الأخيرة لا تصلح لهذه المهمة التي يراها العروي أكبر منها بكثير، فاصلاح مشكل لا يتأتى بمشكل أكبر منه بكثير، لكون الدارجة تعاني من أزمة أكبر وأخطر من أزمة العربية.