قال إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن النزاع المفتعل بين الجزائر والمغرب حول الصحراء المغربية عطّل بناء المغرب الكبير، وتسبب في انتكاسة المسار الاندماجي وأدخل الاتحاد المغاربي ثلاجة التاريخ رغم كل الخطب الرسمية التي لم تنقطع عن وجاهة هذا الخيار الاستراتيجي وعن حتمية قيام هذه التجربة الاندماجية. وسجل لشكر، في كلمة ألقاها خلال الندوة المنظمة بأحد فنادق بمراكش بين 14 و15 نونبر من طرف فريق التحالف التقدمي للاشتراكيين الديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي حول»الأمن والتنمية والديموقراطية من أجل مغرب كبير تقدمي»،(سجّل) ارتياح حزبه لمواقف الفريق الاشتراكي الديمقراطي المساندة لقرارات مجلس الأمن، والتي ثمنت مجهودات المغرب في مجال حقوق الإنسان والحريات الفردية ومبادراته لإيجاد حل للصراع عبر مقترح الحكم الذاتي، خاصة بعد زيارة الفريق للأقاليم الجنوبية، وهي الزيارة التي مكنته من معاينة الأوضاع عن قرب بمدينة العيون، آملا أن يتسنى للفريق معاينة وضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف في أقرب الآجال، ومعولا أيضا على دعم الفريق للموقف المغربي بشأن اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي، والتي حضر لشكر مداولات الفريق بشأنها. وأكد لشكر بأن النزاع المفروض على المغرب بخصوص أقاليمه الجنوبية له انعكاسات وخيمة على مسارات التنمية والديموقراطية ببلدان المغرب العربي، وعلى استقرار دولها وأمن شعوبها، في وقت» أصبح فيه تسريع وتيرة الاندماج المغاربي مهمة مستعجلة تفرضها التحولات الجذرية المتسارعة التي شهدتها المنطقة مؤخرا في سياق ما يعرف بالحراك أو الثورات التي عرفتها المنطقة» يقول لشكر، الذي دعا إلى ربط الوضع الأمني في الدول المغاربية بالتهديدات الأمنية في جنوبها، أو ما يعرف بمنطقة الساحل، حيث تهدد الحركات الانفصالية والجهادية والشبكات الإجرامية وحدة هذه الدول وأمنها واستقرارها، وحيث يعيش سكان هذه المنطقة على أرض غنية بالموارد الطبيعية، مثل اليورانيوم في حالة النيجر، والنفط في حالة مالي، والموارد المنجمية والثروات السمكية في موريتانيا، إلا أن المفارقة أن هؤلاء السكان يعتبرون من أكثر السكان فقرًا في العالم. ولفت إلى أن تكلفة عدم تفعيل آليات اتحاد المغرب العربي كبيرة على بلدانه، ومنها التكلفة الاقتصادية المترتبة عن الضعف الكبير في مجال التكامل الاقتصادي، خاصة إذا علمنا أن هناك مجموعة من المعاملات الاقتصادية والتجارية بين الدول المغاربية تتم، في كثير من الأحايين، عن طريق طرف ثالث، وهذا يجعل الدول المغاربية تخسر نحو 2 في المئة من الدخل العام، نتيجة اعتماد هذه الطريقة. وأشار إلى أن أي سياسة غير محسوبة العواقب، تغامر في المزايدة بحقوق الإنسان من أجل دعم الانفصال وتكريس البلقنة، هي سياسة من شأنها أن تساهم مجانا في إضعاف دولة شريكة جارة، تشكل حالة استقرار نموذجية، وإرهاصا ديمقراطيا فعليا على امتداد هذه المنطقة. ودعا لشكر الجزائر إلى إعادة فتح الحدود مع المغرب، إذ لا يعقل أن تكون الحدود الوحيدة المغلقة في العالم هي الحدود بين المغرب والجزائر، بعد أن فتحت الحدود من جديد بين الكوريتين الجنوبية والشمالية. كما دعا قيادة حزبي جبهة القوى الاشتراكية وجبهة التحرير الوطني الجزائريتين إلى فتح حوار مغربي جزائري صريح، وبمشاركة فريق التحالف التقدمي للاشتراكيين الديمقراطيين، يكون بمثابة حوار استشرافي حول مستقبل الاتحاد المغاربي في ظل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.