أسئلة قوية و تحليلات عميقة و نقاشات جادة ، ميزت منتدى الاشتراكيين والتقدميين المغاربيين و الأوروبيين الذي انعقد بمراكش يومي الخميس و الجمعة 14 و 15 نونبر 2013 بمبادرة من المنتدى التقدمي الشامل و الفريق الاشتراكي بمجلس النواب و مجموعة التحالف التقدمي للاشتراكيين و الديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي ، في موضوع « من أجل مغربي كبير تقدمي : الأمن و التنمية و الديمقراطية بالمغرب الكبير « . المنتدى حظي بمشاركة وازنة لقيادات الاحزاب الاشتراكية التقدمية بأوروبا و بالبلدان المغاربية و مصر و عدد من أعضاء البرلمان المغربي بغرفتيه و عدد مهم من الخبراء و الباحثين . أسئلة المنتدى و مناقشاته حملت الهموم المشتركة لبلدان أوروبا و المغرب الكبير ، من منظور معالجة اشتراكية تستدعي مبدأ التضامن و التعاون لتمكين شعوب المنطقة من الاستفادة المتوازنة من التنمية و الاستقرار و الديمقراطية و الحقوق في كونيتها . و أعادت إلى الواجهة مطلب تسريع الاندماج المغاربي الذي يكلف التأخر في إنجازه، شعوب المنطقة، الكثير من قدرتهم التنموية و يقلص فرص النماء لديهم و يعطل استحقاقات الرفاه . المنتدى طرق بدقة أبواب حقول القلق التي تحاصر المنطقة من التهديدات الأمنية الناتجة عن تعنت بعض الأطراف في إيجاد حل عادل لقضية الصحراء المغربية مما سمح بتعزيز التواجد الإرهابي بجنوب الصحراء و الساحل ، و رهانات التنمية و إنجاح الانتقال الديمقراطي و تقوية الشراكة بين لاتحاد الأروبي و البلدان المغاربية ، و الاستمرار بمسلسل الإصلاحات المحققة للمشروع الحداثي الديمقراطي . و بعث الطرف المغربي ممثلا في الفريق الاشتراكي برسائل قوية من خلال المنتدى للطرف الأروبي و كذا للبلدان المغاربية من أجل الخروج من حالة الركود و الجمود التي يعرفها مشروع الاتحاد المغاربي ، و تجاوز العقبات العقيمة التي تنتصب في وجهه ، باستغلال الحل الأكثر واقعية و عقلانية للنزاع في الصحراء ، و المتمثل في تمتيع هذه الأقاليم بحكم ذاتي تحت السيادة المغربية . و كان التتويج الأقوى في المنتدى إ»علان مراكش من أجل مغرب كبير تقدمي « الذي يدعو إلى إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الوثيقة بين بلدان المغرب الكبير، إذ إن من شأن تعزيز العلاقات بين هذه البلدان أن ييسر إلى حد كبير الرفاهية والاستقرار والتحول الديمقراطي. ويتوخى بشكل عملي حث المؤسسات والقوى السياسية والاجتماعية الأوروبية ونظيراتها في بلدان شمال إفريقيا إلى العمل معا من أجل قيام مغرب كبير تقدمي على أساس ووفق منهجية التشاور وقيم السلم، وفضاء حيث تكون الديمقراطية والعدالة الاجتماعية أسس أنظمة سياسة تصغي جيدا إلى مطالب مواطنيها، ومغرب كبير حيث الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتوطين المشترك للأنشطة الاقتصادية وتنقل الكفاءات وضمان الأمن، تشكل أسس شراكة مستدامة بين ضفتي المتوسط. هذا وقد افتتحت الندوة بكلمة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر الذي أكد أن قادة بلدان المغرب العربي، المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، أدركوا الأهمية القصوى للاندماج المغربي في سياق تعدد التكتلات الجهوية وتفاقم التحديات الاقتصادية والتنموية، فأسسوا اتحاد المغرب العربي في سنة 1989 ، لتنصرف الجهود بعد ذلك الى ارساء هياكل الاتحاد والشروع في التفعيل المتدرج لبنود معاهدة مراكش التي جاءت تعبيرا ملموسا عن وجدان المنطقة الضارب في تاريخها الحديث منذ فترة الكفاح المشترك ضد الاستعمار. مشيرا أنه بالرغم من كل الجهود التأسيسية التي بذلت، وبالرغم من كل البرامج التنموية والمشاريع المشتركة، فقد ظل اتحاد المغرب العربي متعثرا ومعطلا بسبب عوامل مختلفة، لكن أساسا بسبب النزاع المفتعل بين الجزائر والمغرب حول الصحراء المغربية، حيث بدأت الرهانات تكبر على هذا المولود الجديد، وانتكس المسار الاندماجي، ودخل الاتحاد المغاربي ثلاجة التاريخ رغم كل الخطب الرسمية التي لم تنقطع عن وجاهة هذا الخيار الاستراتيجي وعن حتمية قيام هذه التجربة الاندماجية..(انظر نص الكلمة اسفله). اما أحمد الزايدي رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب فقد قال أن هذا اللقاء غير عادي. فهو تأسيسي أولا، وهو بين العائلة الواحدة الاشتراكية والتقدمية ثانيا، وهو يسعى إلى البحث عن صيغ عملية لإخراج مشروع مجتمعي تقدمي على ضفتي المتوسط ثالثا، وهو أخيرا يجري في ظرفية دقيقة أعتقد أننا توفقنا إلى حد كبير في اختيار عنوان يختزل خطورتها وأبعادها من خلال عنوان هذا الملتقى هو:الأمن التنمية الديمقراطية..(انظر نص الكلمة). وقال هانس سبودا رئيس مجموعة الاشتراكيين الديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي إن القضايا المشتركة ببلدان الشمال و الجنوب ، و تحظى بثقل كبير في حياة الشعوب و آمالهم في التنمية ، سواء بشمال المتوسط أو جنوبه ، تدفع إلى الواجهة بالتعاون بين الفرق البرلمانية بالاتحاد الأوروبي و نظيرتها بالبلدان المغاربية . و أضاف أن هناك قضايا تهم المصير المشترك لهذه الشعوب ، مثل تقوية الاستقرار الاقتصادي ، لتفادي الأزمات ذات الكلفة الاجتماعية الكبيرة ، تحتاج تعاونا جادا بين الفرق البرلمانية بشمال و جنوب المتوسط ، من خلال تفعيل الحوار بين الطرفين لأن المعالجة المشتركة بينهما ضرورية و ذات فعالية و جدوى كبيرين . و أكد هانس بووسودة أن تقوية علاقات التعاون بين البلدان المغاربية قد باتت ضرورية ، موضحا أن ذلك كفيل بتحقيق ما تطمح إليه شعوب المنطقة من ازدهار و من أمل في استقرار يجد أساسه في إصلاحات ديمقراطية متينة . « إن قضايا من مثل الزراعة و تقوية فرص الاستثمار لتقليص حجم البطالة ،و ملف الصيد البحري و المسألة الأمنية و قضايا الهجرة ، كلها ملفات تستدعي نضالا مشتركا بين الاشتراكيين الديمرقراطيين « يقول هانس سبودا. و يضيف « إن محاربة الإرهاب تستدعي منا عملا أكثر فعالية ، و تعاونا أعمق لبلورة معالجة شاملة لهذه الظاهرة ، و كذلك الأمر بالنسبة للهجرة ، حيث ينبغي لنا أن نناضل من أجل القضاء على الاسباب التي تفرض على هؤلاء المهاجرين مغادرة بلدانهم ، و كذا لمنحهم فرص الاستقرار ببلدان الاستقبال على اساس احترام حقوقهم كبشر « و شدد على العلاقة الجدلية بين التنمية الشاملة المتكاملة الأبعاد و الاستقرار و الديمقراطية ، مشددا على أن الطلب الاجتماعي للشعوب ينصب على المزيد من العدالة الاجتماعية و التمتع بكل الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و المدنية و الثقافية، في ظل أنظمة تحترم حريتهم و تلبي حاجتهم إلى مزيد من النماء و الازدهار . و ذكر هانس بووسودة بأهمية تعزيز حقوق الإنسان كاملة ، و منها حقوق المرأة و الطفل ، و التنوع الثقافي و اللغوي و ضمان حرية الصحافة ، مشددا على ضرورة احترام طرق الإصلاح التي اختارتها هذه البلدان ، لكن في ظل احترام قواعد الديمقراطية . و أشار إلى ما تشكله الأصولية في بعض البلدان الأوروبية من خطر يهدد التعاون مع بلدان الجنوب ، منبها بقوة أن ذلك لا يجب أن يتحول إلى مبرر لبروز مشاعر العداء ضد ثقافة بعينها . و قال في هذا الصدد « نرفض كاشتراكيين ، كل الأحكام المسبقة ضد المواطنين من أصول غير أروبية ، و ندعو إلى محاربة العنصرية ، و نرفض خرق حقوق الإنسان « و بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي ، اكد هانس بووسودة أنه لا ينبغي تدمير الأمل في السلم ، داعيا على القيام بخطوات جديدة ن لبناء دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل . خاتما كلمته بقوله « يجب أن ندشن مرحلة جديدة من التعاون « و من جهته أكد كريم غلاب رئيس مجلس النواب على أهمية الاندماج الإقليمي مبينا أنه يشكل واقعا منشوداً لا مفر منه لمغرب كبير لاتحاد مغاربي قوي ومنسجم ، وبالتالي فإن وضعية الجمود التي يعاني منها الاتحاد المغاربي تؤجل فرص وحظوظ التطور من أجل الأجيال المغاربية المقبلة. و عبر كريم غلاب عن قناعته بنأن بلدان المغرب العربي وكذا بلدان الفضاء الأوروبي وبالأخص المجموعة الأرومتوسطية تستطيع تَأْسيس مبادرات جهوية وازنة، خصوصا في مجالات الطاقات المتجددة، والنقل والبيئة، والتفكير في ابتكار وحدات صناعية ومناصب شغل ونقل التكنولوجيات داخل الفضاء المغاربي، وابتكار وسائل تمويل جديدة. باعتبار أَنْ هذا المسلسل مُتَعَدِّدَ الأبعادِ يتأسس فقط بمشاركة وانخراط جميع الشركاء والفاعلين المؤثرين في المنطقة، وذلك حتى تُعْطَى لمفهوم التضامن الجهوي دلالته الكاملة. هذا وقد توجت هذه الندوة التي تميزت بنقاش رفيع المستوى والغنية بغزارة أفكارها والتي سيرها عبد العالي دومو بكفاءة عالية بالتوقيع على نداء مراكش